المقالات

أحمد غباشي : الحليف يقتل..و(تقدم) بأي اتجاه تتقدم؟!

السودان الجديد ـ أكثر من 300 قتيل، و6 مدن 58 قرية تستباح في شرق الجزيرة، في أبشع حملة سفك دماء شهدها السودان في تاريخه، تتقاصر عنها الحملة التي قاداها الدفتردار، في بداية عهد التركية السابقة في السودان، انتقاماً لحرق صهره إسماعيل باشا!.. ولا تبلغها حتى حملة عيزانا الأكسومي الذي دك مملكة مروي، وساح بجنده في أرض الجزيرة تخريباً وقتلاً في القرن الرابع قبل الميلاد!!..
يتساءل الإنسان ما الهدف من كل هذا القتل العبثي، وهذا الجنون في تعذيب الإنسان؟!..وحكايات من المؤكد أنها إذا قرأتها الأجيال المقبلة في كتب التاريخ، ستحسب أنها من مبالغات الرواة!!..وكيف كان هؤلاء الذين يتعاطون سفك الدماء وإذلال البشر، يعيشون حياة طبيعية بين الناس قبل الحرب؟!..
هل هي حروب الجيل الرابع، وإدارة التوحش، وفقاً لتفسيرات أصحاب نظرية المؤامرة؟!.. أم هي طبيعة التكوين الهمجي لمجموعات غير متجانسة، من قطاع الطرق والأعراب البداة، ومرتزقة الآفاق، غذته وحشية روح الضغينة القبلية، وشغف السلطة المطلقة، وأحلام الإمبراطورية، في ظل غياب كامل لأي نوع من وازع الدين والإيمان.. و عندما بدأ انكسار المشروع، وتداعت الآمال العريضة المعلقة به، لم يبق إلا سلاح بث الرعب والتخويف، وإطلاق التوحش أملاً وحيداً في سبيل البحث عن مخرج آمن من مغامرة خاطئة الحسابات، مغرورة التوقعات، ألقت بأصحابها في غياهب الظلام!!..
يصعب على العقل أن يقبل، أن يكون انسلاخ أبو عاقلة كيكل وانضمامه للجيش، سببًا منطقيًا لما يحدث في الجزيرة من مذابح وجنون.. و كيكل نفسه لم يكن وسط المليشيا في وضع المختار بين البقاء و المغادرة، فهم الذين ألجؤوه إلجاءًا إلى الفرار إلى حيث يأمن، بعد أن جردوه من كل ميزات القيادة..فلا إدارة ولا مال، وكلمة مسموعة.. بل و لا أمن ولا أمان من غدر رفقاء السلاح..حتى أن الرجل صار، في أيامه الأخيرة بين المليشيا، يسير هائماً على وجهه، وقد طلق ركوب مركبات الحديد عمد إلى امتطاء الأباعر!!..فماذا كان يمثل كيكل للمليشيا حتى تنفث كل هذا الغضب على إنسان الجزيرة الأعزل من كل سلاح!!..
كل ذلك عصي على الفهم، وعصي على التعليل المنطقي!!.. فترى هل يكون أكثر منطقية، تفسير القائلين، بأن استفحال حملات مهاجمة القرى و قتل المدنيين في الجزيرة، إنما هو سبيل لجأت إليه المليشيا وأذيالها، لإقناع العالم بانزلاق الأوضاع الأمني.

أحمد غباشي

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى