المقالات

محمد أحمد الكباشي يكتب: أيها الحاكم.. خاف الله في العقار

عندما اندلعت الأحداث المؤسفة في إقليم النيل الأزرق في يوليو الماضي وتجددت بصورة أسوأ في منتصف أكتوبر الماضي، توارت قيادات حكومة الإقليم وعلى رأسها الحاكم وانزوت بعيداً، وأخذت دور المتفرج إن لم يكن الهروب من المسؤولية تجاه ذلك، واكتفت القيادات بإلقاء اللائمة على الأجهزة الأمنية، وبالتالي غابت المعلومة الرسمية عن أجهزة الإعلام، وصار البحث عنها في ذلك الوقت أمر صعب المنال، والكل يلوذ بالصمت عدا وزير الصحة جمال ناصر الذي ظل متاحاً لأجهزة الإعلام يستقبل سيلاً من الاتصالات. ولم يتردد الرجل في تقديم ما عنده من معلومة حول الأوضاع ليست الصحية وحدها بل حتى الأمنية والإنسانية، أما حاكم الإقليم أحمد العمدة فقد ظل هو الآخر يلوذ بالصمت وهاتفه عصي على الرد، وأحياناً يتكفل أحد حاشيته بالرد (معليش الحاكم في اجتماع).

غياب المعلومة الصحيحة في حينها فتح الباب أمام سيل من الشائعات لم ينج منها حاكم الإقليم نفسه.

وكثيراً ما كنا نبحث عن مصادر أخرى نستقي من خلالها المعلومة الصحيحة، وحينها تذكرت المدير التنفيذي لمحلية الروصيرص عادل إبراهيم العقار، وكنت قد أجريت معه حواراً إبان الاحداث الاولى، ولم يبخل الرجل بأية إجابة ضمن محور تساؤلاتنا عن الأوضاع.

وأثناء الأحداث الأخيرة تواصلت مع الضابط الإداري عادل العقار وطلبت منه إجراء حوار حول الأوضاع الدائرة هناك، حيث مازال مسؤولاً بالمحلية التي تحولت إلى محافظة قبيل الأحداث الأخيرة وتعيين محافظ جديد في وجود المدير التنفيذي، وكعادته لم يتردد فقد أجاب عن تساؤلاتنا بكل شفافية ووضوح ومهنية من منطلق مسؤوليته وبحكم موقعه. وقد وجد هذا الحوار حظه من التداول والتفاعل على نطاق واسع.

ولكن يبدو أن نار الغيرة قد اشتعلت بضراوة، وجعلت محافظ الروصيرص ــ جديد العهد بالمنصب ــ وأمين عام الحكومة يتحركان للبحث عن أسباب تُعطل مسيرة الضابط الإداري عادل العقار.

ومن المضحك أن محافظ الروصيرص استشاط غضباً وتغافل عن مضمون الحوار وتوقف فقط عند عبارة (محافظ الروصيرص )، واعتبر ذلك تغولاً على سلطاته، ليتم استدعاء عادل العقار والتحقيق معه وإيقافه عن العمل لفترة قاربت الشهر ومازال موقوفاً.
وبعدها تواصل معي المدير التنفيذي عادل وأخبرني بما تعرض له، وأكدت له أن الخطأ الذي ورد في ما يتعلق بصفة المحافظ بدلاً من المدير التنفيذي خطأ غير مقصود، ولحظتها كان يقف بجوار المحافظ (الزعلان)، وحتى يطمئن قلبه تحدثت إليه هو الآخر، وأوضحت له أن ما ورد بهذه الصفة لم يكن مسؤولاً عنه المدير التنفيذي صاحب الحوار، ووعدته بالتوضيح والاعتذار عبر الصحيفة، وقد كان ذلك بناءً على ما ورد في قانون الصحافة والمطبوعات، ولم يكن ذلك كافياً لإطفاء نار الغيرة، فمضى المحافظ (الفرحان بالمنصب) وبمعاونة أمين عام حكومة الإقليم (الخائف على موقعه) في مسلسل استهداف الأخ عادل الذي لا ذنب جناه سوى حوار لم يخرج خلاله عن قول الحقيقة مجردة، والحوار بالطبع موجود.

وما أود أن أشير إليه هنا أنني لم ألتق المدير التنفيذي لمحلية الروصيرص، ولم يكن بيننا سابق معرفة إلا من خلال منصبه عندما كان مديراً تنفيذياً لمحلية الكرمك، وكنت قد أجريت معه حواراً قبل أكثر من عام، وبعدها توجه إلى محلية الروصيرص. ومن الواضح أن الرجل يعد من الكفاءات المشهود لها بالإقليم، كيف لا وقد تدرج في وظيفته كضابط إداري إلى أن بلغ الدرجة الأولى متجولاً في عدد من الولايات.

وأخيراً أرجو أن ينصف حاكم الإقليم هذا الرجل الذي يتعرض الآن إلى ظلم واضح، بحرمانه من مزاولة نشاطه لأسباب لا ترتقي لأن يمارس معه كل هذا الظلم والاستبداد، وذات الجهات تدوس علي الشعار المرفوع (حرية سلام وعدالة).

المصدر: الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى