أخبار السودان

التخبط في الخطط الإسكانية بولاية الجزيرة.. مصير مجهول!

شهدت الفترة الماضية إغلاق متكرِّر للطرق القومية التي تعبر مدينة ودمدني، ومنها طريق مدني سنار وطريق مدني الخرطوم من قبل المواطنين الساكنين بالقرب من تلك المدن وذلك احتجاجاً على قرارات الوالي المُكلف الخاصة بنزع الأراضي الزراعية بهدف إقامة خطة إسكانية، وتسبب إغلاق الطرق القومية في مضايقات كبيرة لمستخدمي الطريق في ذلك الوقت على الرغم من أن اللجؤ إليه كان الوسيلة المتاحة الوحيدة للضغط على حكومة الجزيرة في ظل عدم اكتمال هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية ولعدم وجود جهاز رقابي على الجهاز التنفيذي خاصة في ظل إصدار والي الجزيرة المكلف قرارات ارتجالية متكررة غير مدروسة وفاشلة مما جعله يتراجع عنها بسبب الضغط الجماهيري عبر إغلاق الطرق وأجبره على استرداد الأراضي الزراعية التي هدف منها التوسع في الخطة الإسكانية بالرغم من وجود قرار من رئيس الجمهورية السابق القاضي بعدم التوسع في الخطة الإسكانية على حساب الأراضي الزراعية علماً بأن القرار ما زال مفعلاً، وذلك باعتبار أن أي قرار إذا لم يلق أو يعدَّل يعتبر ساري المفعول، كما أن هنالك قرار من الوالي الأسبق المرحوم عبد الرحمن سر الختم، بعدم نزع المزارع وتحويلها للخطة الإسكانية وذلك بما تقدمه من خدمة لمواطني ودمدني.
الأراضي الزراعية
أوضح مصدر لـ(التيار) بأن نزع الأراضي الزراعية خاضع لقانون التسوية ونزع الملكية وذلك حسب قانون عام 1930م الخاص بالنزع للمصلحة العامة حيث نظم القانون إجراءات النزع وجاء في الفصل الثاني في الفقرات (5)، في حالة النزع يتم الإعلان بنزع الملكية المزمع نزعها وفي الفقرة (6) إن الأرض المطلوبة للغرض العام للنزع كما نصت الفقرة (10) في حالة النزع وجوب نشر إعلان بذلك كما حملت الفقرة (11) تعيين ممثلين في حالة الأرض الخاصة بحقوق القبيلة أو القرية وتعيين ممثلين للوراث والغائبين والقصر تلك إجراءات تتبع قبل الشروع في النزع وأن يخضع ذلك لاتفاق على تسوية الحقوق للمالك ثم تكون الأرض مبرئة وخالية من أي موانع ولا يجوز النزع إلا إذا تم اتفاق سابق وأي إجراء غير ذلك يعتبر باطل ومخالف لقانون النزع والتسوية.
الخطة الإسكانية
وأوضح مصدر لـ(التيار) بأن مدينة ودمدني كانت آخر خطة إسكانية تم تخطيطها بها في الثمانينيات وأصبح من الاستحالة وجود خطة إسكانية داخل مدينة ودمدني نسبة لوقوع المدينة على ضفاف النيل الأزرق والتي بها عدد كبير من المزارع التي تغذي مدينة ودمدني بالخضر والفاكهة والبيض والدواجن والسمك واللحوم ولا يمكن الاستغناء عنها لحاجة المدينة لتلك المزارع، كما أن مدينة ودمدني تقع بالقرب من أراضي مشروع الجزيرة وهي أراضي قومية ولا يمكن التصرُّف فيها سوى ما حدث في المربعات ما بين 307 / 310 كانت هنالك أرض زراعية تابعة لمشروع الجزيرة وأصبحت خارج الدورة الزراعية نسبة لقفل الترعة مما حدا بحكومة الجزيرة الحصول على موافقة رئيس الجمهورية لتحويل تلك الحواشات إلى خطة إسكانية وتم توزيعها منذ ذلك الوقت ومنذ ذلك الوقت تعاني من مشكلة عدم توفر الخدمات من مياه وكهرباء رغم أن مصلحة الأراضي تحصلت على رسوم تلك الخدمات ضمن قيمة الأرض وما زالت المشكلة قائمة، كما تم بعد ذلك تنازل بعض المواطنين من أراضي زراعية بالقرب من الكريبة وتم تحويلها إلى مخطط مدني الجديدة وتم التحويل بعد إجراءات النزع والتسوية وتعويض الملاك وتم تسجيلها باسم حكومة السودان، وأصبحت خارج الموانع وغير تلك المناطق من المستحيل أن تكون هنالك خطة إسكانية في أرض تملكها الحكومة داخل مدينة ودمدني ما حدا باللجوء إلى التركيز بالخطة الإسكانية في الشرق إلا أن مشكلة الخدمات ما زالت عالقة للتوسع وإنشاء خطة إسكانية جديدة.
الوالي المكلف
أوضح مصدر قانوني شارك في إعداد دستور الولاية السابق لسنة 2005م، أن سلطات الوالي تصبح نافذة عندما يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية حسب نصوص المادة (43) من الدستور الولائي ورغم أن دستور الولاية تم تجميده إلا أن الوثيقة الدستورية نصت على احترام والالتزام بجميع القوانين السابقة وأن الوالي المكلف تعتبر سلطاته تسيير أعباء وليست أعباء مطلقة خاصة في اتخاذ القرارات التي تحتاج إجازتها بواسطة جهاز رقابي وأن هنالك العديد من القرارات تحتاج للإجازة والموافقة من الجهاز الرقابي وأن سلطاته ليست تسيير الخدمات ولا يجوز له التوقيع على الاتفاقيات والقرارات المصيرية التي يمكن إلغائها إذا تم اللجوء للمحاكم الإدارية من قبل أي مواطن واستغرب المصدر بأن هنالك حديث لوالي الجزيرة المكلف عن إنشاء مطار ودمدني، وقال: إن ذلك المشروع كان مشروع قومي وليس ولائي وتم تجميده نسبة للظروف الاقتصادية بالبلاد لإنشاء مطار احتياطي لمطار الخرطوم، كما سمع حديث للوالي بأن لديهم فكرة في إنشاء خزان على النيل الأزرق بهدف التوليد الكهربائي وعلى ما يبدو أن ذلك الوالي المكلف يتجاهل بأن النيل الأزرق خاضع لاتفاقية مياه النيل، كما أن هنالك حديث لوزير التخطيط العمراني بإنشاء عاصمة للولاية في شرق الجزيرة. وقال: كل ذلك يعتبر كلمات وعبارات للاستهلاك السياسي لا يجوز التحدث عنها أو إصدار قرارات بها لأنها تخضع لإجازة من الجهات الدستورية.
قرارات الوالي
وأوضح مصدر لـ(التيار) بأن والي الجزيرة المكلف أصدر في الفترة الماضية أكثر من أربعة قرارات خاصة بإلغاء قرارات لنزع أراضي زراعية منذ تعيينه في 3/2/2022م وبدأت تلك القرارات بالتراجع عن الأراضي الزراعية بمنطقة ود النور بمحلية جنوب الجزيرة بعد قيام المواطنين بإغلاق طريق مدني سنار احتجاجاً على قرار الوالي بنزع أراضيهم الزراعية، حيث أصدر والي الجزيرة المكلف قرار رقم (72) لسنة 2022م بإيقاف الإجراءات الخاصة بمخطط الفردوس السكني بالقرب من قرية ود النور بمحلية جنوب الجزيرة وذلك بتاريخ 22 مايو 2022م، وذلك بعد صدور قرار بنزع بعض القطع الزراعية دون إجراء عملية النزع والتسوية وتبرئة الأرض وأضاف المصدر أن حكومة الجزيرة ووزارة التخطيط العمراني لم تتعظ باتباع الإجراءات القانونية في النزع والتسوية وقامت بنزع قطع زراعية بمنطقة اللعوتة بمحلية الكاملين ما حدا بعدد من المواطنين لإغلاق طريق مدني الخرطوم أمام حركة المرور ما أجبر والي الجزيرة المكلف إصدار القرار رقم 120 لسنة 2022م، والذي تم بموجبه إلغاء قرار نزع القطعة بمربوع اللعوتة وكان ذلك بتاريخ 10 أكتوبر 2022م.
وواصل والي الجزيرة تخبطه في إصدار قرار بنزع قطع زراعية وهي عبارة عن مزارع بمربوع أم سنط وطه بمحلية جنوب الجزيرة ما دفع لاحتجاج المواطنين وإغلاق شارع مدني سنار للمرة الثانية أمام حركة المرور بعد إصدار القرار رقم 128 لسنة 2022م بتاريخ 12 نوفمبر 2022م، والخاص بوقف إجراءات مخطط الفردوس (2) والتي شملت نزع بعض المزارع المطلة على النيل الأزرق وهي مزارع مستثمرة كانت تغذي مدينة ودمدني بالخضر والفاكهة والدواجن واللحوم والأسماك والألبان، حيث ظلت تلك المزارع على مدار اليوم ترفد أسواق ودمدني بمنتجاتها والتي أصبحت مصدر أساسي لمواطني المدينة من تلك المنتجات وأن قيام خطة إسكانية في تلك المنطقة كان من المستحيلات نسبة لطبيعة الأرض وعدم صلاحيتها علماً بأنه كان هنالك قرار سابق عام 2016م، وتم إلغاؤه في العام 2019م لعدم صلاحية تلك المنطقة للسكن وكان ذلك في عهد الوالي المكلف أحمد الحنان بالقرار رقم 85 لسنة 2019م، والذي استبعد القطع الزراعية المنزوعة من جنوب الجزيرة التي تم نزعها عام 1996م، علماً بأن والي الجزيرة المكلف قام بمخاطبة مواطني بقادي بعد أن قاموا بإغلاق طريق مدني سنار بأن ذلك القرار صادر منذ العام 1996م، وبعد أن قمنا بزيارة للمنطقة توصلت لقناعة كاملة بعدم استحالة قيام منطقة سكنية.
علماً بأن مدير عام وزارة التخطيط العمراني سبق وأن أعلن عدة مرات بأن هذا العام هو عام الإسكان على مستوى الولاية وذلك بتنفيذ خطط إسكانية على مستوى محليات الولاية التي ظلت تواجه مشكلة قيام الخطط الإسكانية في الفترات الماضية رغم أن وزارة التخطيط العمراني ظلت تجهل تماماً توفير الخدمات بتلك الخطط وعلى سبيل المثال لا الحصر أوضح مصدر لـ(التيار) بانه تم طرح خطة إسكانية بمحلية المناقل في يوم 16/مايو/2022م، بمنطقة دار نائل شمال وأن تلك المنطقة تبعد من محلية المناقل 20 كيلو تقريباً، وقبلها تم توزيع خطة إسكانية ما زالت أراضي جرداء وذلك نسبة لعدم توفر الخدمات من المياه والكهرباء علماً بأن محلية المناقل تعتمد على المياه والطلمبات المدمجة من الترع الرئيسة لاستحالة توفر المياه عبر الآبار الجوفية نسبة لطبيعة الأرض.
مساحات الأراضي
وأضاف المصدر بأن تخبط وزارة التخطيط العمراني ممثلة في لجنة التخطيط بالولاية دفعها لأجازت خطة إسكانية لمحلية الحصاحيصا بمنطقة طابت تبلغ مساحتها (150) متر مربع للقطعة كأول سابقة في تاريخ السودان، وأضاف المصدر بأن قانون الأراضي لم يحدد مساحات للقطع الإسكانية ولكن العرف السائد أن تكون المساحة ما بين 300 – 550 متر مربع، نسبة لخصوصية الأسرة السودانية وشكل السكن المتبع لدى الأسر، وأضاف: أن لجنة التخطيط استغلت قرار رئيس الجهاز القضائي بتسجيل القطع التي تبلغ مساحتها (100) متر، وهي التي تنتج دائماً عن الورثات والتخارج في البيع الجزئي، ولكن مثل تلك المساحة لم تحدث في تاريخ البلاد.
لجنة التخطيط
وأضاف المصدر بأن لجنة التخطيط بالولاية تضم في عضويتها مدير عام وزارة الزراعة وأن وجوده في اللجنة حماية لعدم التوغل على المساحات والأرض الزراعية والمزارع ولكن للأسف مدير عام وزارة الزراعة الذي تقاعد للمعاش آثر على نفسه الصمت خوفًا على الكرسي والعربة البرادو لذلك لم يعترض على قرار تخطيط المزارع ضمن الخطة الإسكانية بمربع أم سنط وطه والذي كان من المفترض أن يعترض على نزع وتخطيط تلك المزراع.
مصير مجهول
بعد صدور قرار والي الجزيرة المكلف بإلغاء مخطط الفردوس (2) بالرقم 124 بتاريخ السابع من نوفمبر لسنة 2022م بإلغاء مخطط الفردوس (2) علماً بأن مصلحة الأراضي قامت بإجراء عملية سحب القرعة لذلك المخطط وقام بعض المواطنين بتوريد رسومهم بعد سحب القرعة وتحصل المواطنون على نمر القطع والمربعات والبعض استلم عقودات القطع، تساءل عدد من المواطنين عن مصير أموالهم التي قاموا بتوريدها لخزينة الدولة في ظل الأزمة التي تعاني منها مصلحة الأراضي بالولاية بإيجاد منطقة لتنفيذ الخطة الإسكانية ولم تتبع الإجراءات القانونية لتبرئة الأرض التي تم نزعها من أصحاب المزارع.

صحيفة التيار.

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى