أخبار السودان

توقيع «الإطاري» خلال 72 ساعة..هل يتراجع المقاطعون أم يمضي الاتفاق بدونهم؟

الكل يترقب بالرغم من انشغال معظم السودانيين بمشاهدة كأس العالم بقطر ..الكل يترقب نتيجة الماراثون السياسي الداخلي فلا حديث يعلو في الخرطوم هذه الأيام غير التساؤلات هل التسوية نجضت ؟ ومتى التوقيع وماذا عن الرافضين والمقاطعين ؟.

كشف قيادي بارز في قوى الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي الجمعة، أن الائتلاف وقوى مدنية أخرى سيوقعون اتفاقا إطارياً مع قادة الجيش خلال 72 ساعة بما يمهد لإنهاء الحكم العسكري وتكوين مؤسسات حكم مدني كامل، لكن قادة حركات مسلحة في دارفور وأحزاب اخرى منضوية تحت تحالف “الكتلة الديموقراطية” قالت إنها لن تكون جزءا من هذا التفاهم.

وتوصل الائتلاف الحاكم السابق لتفاهمات مع المكون العسكري للتوقيع على اتفاق ينص على إقامة سلطة مدنية استنادا على مسودة دستورية أعدتها لجنة من نقابة المحاميين وحظيت بتأييد واسع من قوى محلية ودولية وكيانات مهنية.
وقال المتحدث باسم ائتلاف الحرية والتغيير ياسر عرمان في “سيوقع اتفاق إطاري بعد 72 ساعة من الآن”.
وأفاد أن الاتفاق المرتقب يختلف عن وثيقة العام 2019 الموقعة بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، واتفاق 21 نوفمبر 20221 بين العسكر ورئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك في عدم مشاركة العسكريين في السلطة على كافة المستويات، مردفا “ستكون السلطة مدنية بالكامل”.
وأبان بأن الاتفاق سيكون منصة لاستدامة التحول المدني الديمقراطي وتحسين شروط الحياة المعيشية وإرجاع السودان للتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية وتحسين الاقتصاد والاتجاه نحو الإنتاج، وقطع الطريق إمام قوى الإسلام السياسي التي كادت أن تعيد قوى الفلول والردة مرة أخرى إلى السلطة.
وأفاد عرمان أن الاتفاق ينص على إنهاء العنف ضد الحركة الجماهيرية بإجراءات واضحة وإطلاق سراح المعتقلين وان يتم تحول حقيقي في أجهزة الدولة وعلى رأسها الإعلام لمصلحة التحول المدني الديمقراطي.
وأوضح بأن الأطراف التي ستوقع على الاتفاق هي الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي والجبهة الثورية بقيادة الهادي إدريس والمؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل – بقيادة الحسن الميرغني، وأجسام من المهنيين والمجتمع المدني.

وتغيب عن هذا الاتفاق مجموعة الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية التي تضم حركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان قيادة مني اركو مناوي والحزب الاتحادي المتحالف معهما بقيادة جعفر الميرغني، بجانب الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار.
وشدد عرمان على عدم وجود ما يمنع الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا من أن تكون جزءاً من الاتفاق.
وناقش اجتماع مطول للمجلس المركزي للحرية والتغيير الخميس الملاحظات على مسودة الاتفاق الإطاري المنتظر توقيعها مع العسكر ، كما اقر الاجتماع ضرورة إصدار قرارات تهيئ الأجواء قبل مراسم التوقيع بينها الإفراج عن المعتقلين السياسيين بجانب اطلاق تعهدات وضمانات بعدم التعرض للمتظاهرين وتحديد ممرات آمنة لمسارات المواكب.
وأكد عرمان بأن الاتفاق سيحل قضايا وتأتي في مرحلة لاحقة مسائل أخرى معقدة تحتاج إلى حل إلا لكن لن يكون هناك حل و تحول مدني إلا بمشاركة واسعة من الحركة الجماهيرية في كل مراحل الاتفاق وما بعده.
ولن يتضمن الاتفاق الإطاري أربع قضايا رئيسية حيث أرجأ التفاهم حولها لمرحلة لاحقة وهي القضايا ذات الصلة بمراجعة اتفاق السلام وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإصلاح الأجهزة الأمنية بجانب العدالة الانتقالية، حيث تقرر مناقشتها تفصيلا في المرحلة التالية من المفاوضات بمشاركة اوسع.

وتحدث عن وجود عمل مشترك مع الآلية الثلاثية بجانب الرباعية التي تضم دول السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا علاوة على الاتحاد الأوروبي .
وتابع “سيكون بعضهم حاضراً وآخرون سيكونوا مراقبين وفي مراحل أخرى سيتطور ذلك ليكونوا ضامنين لكن الضامن الأول لهذا الاتفاق هو الشعب السوداني.

مشاورات

وفي السياق ذاته انعقد اجتماع امس، بين قوى الحرية والتغيير، وقوى ثورية أخرى، برفقة قوى الانتقال، مع المكون العسكري، بحضور للآلية الثلاثية والرباعية الدولية، لبحث الترتيبات النهائية لتوقيع الاتفاق الإطاري.
وشارك في الاجتماع برفقة الحرية والتغيير، قوى الانتقال، وحركات مسلحة موقعة على سلام جوبا، باستثناء حركتي جبريل إبراهيم ومني مناوي.
واوردت صحيفة ـ” انتقال” عن القيادي بالحرية والتغيير الواثق البرير قبل دخول وفدهم لمقر الاجتماع التنسيقي، أن الاجتماع مخصص لبحث الترتيبات الفنية الأخيرة للتوقيع على الاتفاق الإطاري. ومن المتوقع أن تصدر تصريحات مشتركة من أطراف الاجتماع، مدنيين وعسكريين، عقب ختام الاجتماع التنسيقي. وكانت الحرية والتغيير عقدت اجتماعين مهمين، الخميس، في دار التجمع الاتحادي بالخرطوم، لحسم ملف الاتفاق الإطاري بعد تسليم الحرية والتغيير لمسودة الاتفاق لقوى الانتقال وقوى ثورية أخرى على رأسها لجان المقاومة، وإمهالها لتقديم ملاحظاتها حول المسودة.
وقبل نحو أسبوعين أرسلت قوى الحرية والتغيير، مسودة الاتفاق الإطاري إلى “الحزب الاتحادي الأصل – مجموعة السيد الحسن الميرغني، والمؤتمر الشعبي، وجماعة أنصار السنة، إضافة إلى لجان المقاومة”، عقب إجازتها في نقاشات المكتب التنفيذي الذي انعقد اجتماعه مساء الثلاثاء الثاني والعشرين من نوفمبر.
وأمهلت الحرية والتغيير تلك القوى ثلاثة أيام لإبداء ملاحظاتها النهائية على الاتفاق الإطاري المُجاز من تنفيذي الحرية والتغيير. وشملت بنود الاتفاق مبادئ عامة وقضايا الانتقال ومهامه وهياكل السلطة الانتقالية، إضافة إلى قضايا الاتفاق النهائي الذي يمثل تطويراً للاتفاق الإطاري المزمع توقيعه في غضون أيام.
وتضمن الاتفاق الإطاري تكوين جيش مهني وقومي واحد وابتعاده عن السياسة وحظر مزاولة القوات المسلحة للأعمال الاستثمارية والتجارية، ما عدا تلك المتعلقة بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية تحت ولاية وزارة المالية، و أيلولة كل الشركات ذات الطابع المدني أيلولة كاملة لوزارة المالية، وأن تخضع الشركات ذات الطبيعة العسكرية لإشراف المالية ورقابة المراجع العام، إلى جانب تنقية القوات المسلحة من أي وجود سياسي. وحوت بنود الاتفاق الإطاري أيضاً إصلاح جهازي الشرطة والمخابرات، فضلاً عن إيقاف التدهور الاقتصادي وإصلاحه وفق منهج تنموي شامل ومستدام. واشتمل الاتفاق على بند لإطلاق عملية شاملة لتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية.

عبدالواحد على الخط

قطعت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور في لقاء مع الالية الثلاثية بأن حل الأزمة الوطنية لا يتم عبر التسويات الصفوية والاتفاقيات الثنائية التي تم تجريبها وأثبتت فشلها وعجزها، مؤكدة انه يبدأ بإسقاط الانقلاب أولاً وتشكيل حكومة انتقالية مدنية من مستقلين، ومن ثم إجراء حوار سوداني سوداني لمخاطبة جذور الأزمات الوطنية ووضع الأساس الصحيح للتحول المدني الديمقراطي عبر التواضع على برنامج ومشروع وطني يتوافق عليه الجميع، مشددة علي رفضها جملةً وتفصيلاً أي تسوية سياسية لا تحقق أهداف الثورة كاملة وتجد القبول من الثوار في الشارع والشعب السوداني .
كما شددت الحركة على أن تسليم كافة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتشكيل لجنة تحقيق دولية حول جريمة قتل المعتصمين السلميين في القيادة العامة بالخرطوم والولايات وتحديد مرتكبيها، هي قضايا جوهرية لا تقبل التفاوض أو التنازل عنها من أي جهة داخلية أو خارجية، مع ضرورة محاسبة جميع المتورطين في الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوداني.
وكشفت حركة جيش تحرير السودان في تصريح صحفي عن لقاء جمعها بوفد من الآلية الثلاثية، في مدينة جوبا موضحة ان اللقاء الذي تم بطلب من الآلية الثلاثية عرف الطرفان موقف كل منهما حيال الوضع بالسودان والتسوية التي يجري إعدادها، وانه اتسم بالصراحة والشفافية.
وقالت ان مجمل حديث وفد الالية بقيادة فولكر بيرتس ومحمد بلعيش ارتكز حول ضرورة تحقيق سلام شامل بالسودان وتعريف الحركة بمهام الآلية الثلاثية ووثيقة التسوية التي يجري إعدادها في الخرطوم، ويحدوهم الأمل في أن تكون الحركة جزءًا من هذا العمل.
واشارت الحركة الي انها شكرت وفد الآلية الثلاثية على هذا اللقاء وشرحت لهم رؤيتها ” المعروفة مسبقاً” حول تحقيق السلام العادل والشامل والمستدام بالسودان، حيث اكدت الحركة انها ظلت في طوال تاريخها تبحث عن السلام العادل والشامل والمستدام الذي يخاطب جذور الأزمة التأريخية، ويقود إلى التغيير الجذري الشامل، الذي يبدأ بتوفير الأمن ووقف قتل المدنيين العزل، ويعمل على طرد المستوطنين الجدد من الحواكير التي استولوا عليها بقوة السلاح، وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، وتعويضهم فردياً وجماعياً.
واوضحت الحركة لوفد الالية الثلاثية انها ناشدت الحكومة الانتقالية في أبريل 2019م وكافة مكونات الثورة لعقد اجتماع عاجل للتوافق على حكومة انتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة، وإعلانها من داخل منصة الاعتصام بالقيادة العامة، ووضع جنرالات اللجنة الأمنية أمام الأمر الواقع، إما سلموا السلطة للشعب أو سوف تستمر الثورة حتى تسقطهم، لقناعتها أن التفاوض مع العسكر يعني الاعتراف بهم وإعطائهم شرعية زائفة، وبالتالي استحالة تحقيق أهداف الثورة عبر من قامت الثورة لإسقاطهم.

العدالة الانتقالية

رأى الدكتور الشفيع خضر في حديثه لـ(الجريدة) بأن قضايا العدالة والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة اتفاق جوبا لسلام السودان، وتفكيك نظام الإنقاذ، لا تزال تخضع حتى الآن لنقاشات دون التوصل فيها لتفاهمات حاسمة ، وأضاف في ذلك إشارة سالبة كبرى في نظري مستنكراً بالقول أي اتفاق هذا، إطاري أو خلافه، سيلقى القبول والترحيب إذا لم يكن مدخله الرئيسي هو حسم هذه القضايا الأربع، وبالتحديد قضية العدالة؟
وأردف العدالة هي القضية المركزية ومفتاح الحل للخروج من حالة التأزم الراهن، لذا تأجيلها هو وضع للعربة امام الحصان. و(تابع) قضايا الحوار السياسي الأخرى كالسطة، والاقتصاد، والعلاقات الخارجية، كلها قابلة لأن تخضع للتنازلات أثناء الحوار، إلا قضية العدالة والتي إذا لم يتم مخاطبتها بشكل جدي ومسؤول يضع النقاط علي الحروف، ستصيب أي عملية سياسية بالسكتة الدماغية. لذلك، وكما كتب لي صديق محام، هناك ضرورة لفتح موضوع العدالة بشجاعة، وفي هذا الصدد نقترح تنظيم ورشة او حوار حول قضية العدالة وموقع المكون العسكري منها، تشارك فيها كل الأطراف أصحاب المصلحة والمختصين، خاصة لجان المقاومة وأسر الشهداء.

ميزان القوة

ويرى الدكتور عبدالله علي ابراهيم أن المجلس المركزي ربما طلب من التسوية فوق ما يأذن به ميزان القوة كما هو قائم اليوم. فلم يأت للتسوية مع العسكريين من موقع قوة معززاً بقوى الثورة في الشارع كما في أغسطس 2019. فلم يجرده الانقلاب من كل سلطان، ويلغى كل قرارات حكومته الانتقالية، ويتخلص من طاقم كادره في الدولة فحسب، بل أغرى أيضاً خصومه من النظام القديم به فاستعادوا أكثر أراضيهم التي فقدوها بعد الثورة. بل ويحدق شارعهم المضاد الذي أطلقوه بقوة ببعثة الأمم المتحدة بالخرطوم، التي هي طرف في التسوية، لوقف التسوية. ووصف هؤلاء الخصوم التسوية بأنها ثنائية استبعدت قوى مؤثرة في الأمة لتعيد إنتاج دولة الحرية والتغيير “البغيضة”. وقالوا إنها لن تمر جاءت سلماً أو من فوق دبابة.

تشكيل الحكومة

وكان القيادي بالتجمع الاتحادي وعضو المجلس السيادي السابق محمد الفكي سليمان قد أشار في تصريحات صحفية الى أن تشكيل الحكومة أصبح الآن أمراً ملحاً لسد الفراغ التنفيذي، فالاتفاق في هذا الشأن هو أحد مطالب الشارع السوداني وأن تكون هناك حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية وبعيدة من المحاصصة، فهذا التوجه يخفف من حدة الاصطفاف الذي يعانيه المشهد السياسي الحالي، فالجميع مدرك أن التوافق والتراضي ليس مهمة سهلة في ظل هذا العدد الهائل من الكيانات السياسية والمدنية، بل إنها مهمة عسيرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى”.

السودان الجديد

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى