المقالات

عودة “قوش”!

انطلقت بالولاية الشمالية، أمس، الحملة الشعبية القومية للمطالبة بعودة مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني بالعهد السابق الفريق أول، صلاح عبدالله “قوش”، في أجواء احتفالية صاخبة تخللتها الكلمات والخطب الحماسية والأناشيد الوطنية واستعراض الفرق التراثية.

يستحق قوش أن يكون بين أهله الذين بادلهم حب بحب ووفاء بوفاء، فهو من بين شرفاء هذه البلاد الذين عملوا على حمايتها وصيانة أمنها والذود عن حماها واستقرار شعبها.

فى كل محطات عمله العام من سوداتل والتصنيع الحربي ومستشارية الأمن وقيادة جهاز الأمن لفترتين، ترك قوش بصمات واضحة وخلف ذكرى طيبة مع الذين عمل معهم وأثر على القضايا والأحداث الوطنية بعمق.

كارزما الحضور والغياب جعلت منه شخصية محورية لكثير من الأحداث والأدوار التي لعبها، تاركًا للناس مساحة الاتفاق والاختلاف حولها.. في علاقته بالآخرين كثيرًا ما يتخطى حاجز الانتماء ومضابط العمل الرسمي.. يحب الناس العاديين وتأثره شجاعة الرجال ومواقفهم عند محطات الحسم والنزال.

خلال سنوات حكم الإنقاذ اختط الرجل لنفسه مسارًا مختلفًا وتصادمت رؤيته مع آخرين.. سماته الصبر والإقدام وأدواته اللعب “النظيف” والابتعاد عن الأجسام والصدام.

يتسم قوش بالقدرة على اتخاذ القرار، غض النظر عن تداعياته، وكان التغيير وما يزال يشغل حيزًا كبيرًا في تفكير الرجل.

لعب قوش دورًا محوريًا في مفاصلة الإسلاميين عام 1999، وأدار العملية بكل تعقيداتها دون قطرة دم واحدة.

وضع أمام القيادة السياسية توصية باعتقال عراب المشروع الإسلامي الشيخ الراحل د. حسن الترابي.. تثاقلت الشفاه واضطربت الأوجه، وقال قولته الشهيرة “الأمن لا يعرف العواطف” ثم أنجز المهمة، وفيما ارتجت أرجاء المعمورة لقرار الاعتقال خلد هو لنوم عميق!

قبل ذلك اعتقل شقيقة الأكبر المنتمي للحزب الشيوعي وأودعه سجن كوبر لعامين.

عندما تقرر تعيين الفريق طه عثمان في منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية قدم الرجل توصيته بأن من وقع عليه الاختيار لا يصلح لهذه المهمة الحساسة.!

بعد انفصال جنوب السودان عين قوش في وظيفة مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي.. من هناك بدأ التأسيس لمشروع بديل بعد موافقة الرئيس المعزول.. شرع قوش في الاتصال بالقوى السياسية والمدنية للدخول في عملية حوار وطني متكافئ، استجابت له جميع الأحزاب الرئيسة وانطلق الحوار.

أبلغه الراحل نقد دعمه للعملية لكنه أكد لهم أن (ناسهم) لن يتركوا لهذا العمل أن يستمر!

لم يأبه قوش بنصيحة نقد وسرعان ما شرع في تأسيس مقر المستشارية بحوالي 10 ملايين دولار بموجب تقديرات غير رسمية وبعدد 500 وظيفة للباحثين وهو المقر الحالي لإقامة قيادة قوات الدعم السريع.

بعد خروجه من السجن وعودته مديرًا لجهاز الأمن شرع قوش في مكافحة الفساد، ومع اشتداد التظاهرات استدعى لمكتبه صديقه الحميم قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو – أحد أهم عنصر بالتغيير – ، ثم المفتش العام للجيش الفريق ركن عبد الفتاح البرهان ثم قائد الحرس الرئاسي، وقال إنهم سينجزون هذا التغيير دون نقطة دم واحدة.. وبقية القصة معلومة.

خرج قوش من المشهد وجميع المتهمين بقتل المتظاهرين من قوات الأمن حوكم بعضهم بينما يخضع آخرون منهم للمحاكمة، في وقت تساوم فيه (قحت) قضية فض الاعتصام بالتسوية!

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى