أخبار السودان

السفير التونسي شفيق حجي : على السودان أن يتقدم لجائزة نوبل للسلام

* قال السفير التونسي بالخرطوم شفيق حجي إن الرئيس قيس السعيد استند في إعفاء الحكومة وتجميد عمل البرلمان الى الفصل (80) من الدستور الذي يخول له اتخاذ إجراءات وتدابير مؤقتة في حال واجهت البلاد مخاطر دائمة إلى حين زوال تلك المخاطر، وأعلن تمسكهم بالشرعية الدستورية، وقال إن رفع الحصانة عن نواب برلمانيين تمهيداً لمحاسبتهم على استغلال حصاناتهم البرلمانية في ممارسة الفساد وتحقيق مصالح ذاتية، وقال إن بعضهم عليهم دعاوى في قضايا أخلاقية، وقال إن هناك (400) من رجال الأعمال تورطوا في قضايا فساد ضد الدولة، ورفعت عنهم الحصانات ليأخذ القضاء مجراه، وقال إن حجم الفساد تسبب في إهدار خمسة مليارات دولار.

وعلى صعيد مختلف قال حجي لـ (الإنتباهة) في هذا الحوار الذي أجرته معه على هامش اللقاء التنويري، إن ثورات الربيع العربي لم تُسرق كما يشاع، ولكن طبيعة المراحل الانتقالية انها صعبة ولن تحقق أهدافها بين ليلة وضحاها، ونفى وجود أية محاولات لإقصاء الإسلاميين من أية جهات خارجية أو داخلية، وقال إن إقصاءهم تم بواسطة الشعب وبواسطة العملية الانتخابية.

 

* البعض يقول إن التدابير التي تبررونها اتخذت نتيجة لخصومة سياسية، والغرض منها استهداف بعض الأحزاب (النهضة تحديداً)؟

ــ الرئيس ليست لديه خصومة سياسية ولا ينتمي لحزب، فهو من الشعب وانتخبه الشعب بنسبة 73%، وليس هناك رئيس تونسي انتخب بهذه النسبة. وحزب النهضة ممثل في البرلمان وهو الحزب الفائز، ومازالوا يتمتعون بحرياتهم ويصرحون للصحف، ولكنهم يتجاذبون ويتصارعون فيما بينهم، وبالتالي يتحمل جزءاً من تعفن الأوضاع في البلاد.

 

* هل توجد أبعاد خارجية في صناعة تلك المخاطر لزعزعة استقرار تونس خاصة اقتصادياً؟

ــ لا يوجد أي بعد خارجي في الوصول لهذه المرحلة أو إجبار الرئيس على اتخاذ تلك التدابير، فهي قرارات سيادية فرضها الداخل التونسي، وللأسف توجد نخبة سياسية في البرلمان هي سبب النكبة لغايات ذاتية، وبطبيعة الحال تعفن الوضع السياسي نتيجة للتجاذبات السياسية المتبادلة، وبسببها تم تعطيل مؤسسات الدولة وتردي اقتصادها.

 

* ألا تعد تلك الإجراءات انتكاساً على مبادئ الثورة التونسية وهي الملهمة والنواة لكل الثورات؟

– نحن لم نوقع على تعليق العمل بالدستور، بل استند الرئيس كما أسلفت الى الفصل (80) من البناء الدستوري في اتخاذ تلك التدابير في حالة المخاطر لإعادة سير دواليب الدولة، وعند زوال تلك المخاطر تتم العودة للشرعية الدستورية، ومحاربة الفساد أمر مهم، والقانون يطبق على الجميع، وكل من نهب المال العام تتم محاسبته ومحاكمته، وليست هنالك مصادرة للأموال ولا الممتلكات لرجال الأعمال الذين تورطوا في الفساد ولم يدخلوا السجن، وقد أكد السيد الرئيس أنه سيتم تقديم قانون صلح مالي وجبائي لإرجاع أموال الدولة عبر القيام بمشروعات داخل المناطق المنكوبة عوضاً عن إدخالهم السجن.

*هل هناك وجه شبه بين التجربة السودانية والتونسية؟

ــ الثورة السودانية ناجحة مثل التونسية مقارنةً بالتجربة اليمنية والسورية التي تحولت لحروب أهلية، لكن المسار الديمقراطي في تونس ناجح مثلما في السودان، فالثورة السودانية تمت بأقل الخسائر المادية والبشرية، ونحن قدمنا حوالى (100) شهيد تقريباً ثم عاد الاستقرار، وكذلك الثورة السودانية التي لم تتحول لنزاع داخلي أو حرب أهلية، ففي السودان بعد عقدين من الحرب الأهلية في دارفور تأتي أغلب الفصائل السودانية لتوقع على اتفاق سلام، وفي لقاء مع وزير الخارجية السيدة مريم الصادق قلت لها مفروض السودان يتقدم لجائزة نوبل للسلام في ظل ثورة وفصائل مسلحة ثم يعبر هذه المرحلة بسلام، فهذا شيء يستحق التحية، فالقيادة الحالية رشيدة.

* البعض يصر على أن صراع المحاور هو الذي يعبث بالثورات وحكوماتها، وأن دولاً بعينها يهمها خلق أوضاع سياسية واقتصادية غير مستقرة لتحقيق أجندات خاصة بها؟

ــ لكل بلد توجهاته وسياسته الخارجية، فيختار سياسة المحاور بالانضواء تحت محور معين، لكن تونس تقوم سياستها الخارجية على علاقات طيبة مع كل الدول بالاستناد للشرعية الدولية والمصالح المشتركة، وفي 2011م انحرفت السياسة الخارجية، وتونس كادت ترتمي في أحضان محاور معينة لأنها كانت تجهل السياسة الخارجية ولا تعرف تقدير أين مصلحة تونس، فانحرفت نوعاً ما لمحور معين، ولكن تمت العودة للمبادئ الأساسية للسياسة الخارجية التونسية، لأن سياسة المحاور فاشلة وأضرت بتونس، وأصبحت تونس على علاقات طيبة ومصالح مشتركة مع جميع البلدان، والدليل على ذلك أنه خلال جائحة (كورونا) تلقت تونس المساعدات من جميع دول العالم دون استثناء، وهذا دليل على أن تونس لم تسقط في فخ المحور منذ أن كان العالم يدور في محورين فقط أمريكا والاتحاد السوفيتي.

* لماذا فشلت حكومات ثورات الربيع العربي في تحقيق أهداف تلك الثورات؟

ــ أولاً الحكومات التي جاءت بعد تلك الثورات لم تكن لديها خبرة كافية لإدارة الدولة، ولم يكونوا موظفين ساميين في الدولة حتى يعرفوا تفاصيلها ليضعوا خططاً لإدارة البلاد مثل أعضاء حزب النهضة الذين كانوا في المنافي والسجون، فتسلموا السلطة وهم يحسبون أن إدارة الشأن العام أمر سهل، فاصطدموا بواقع اقتصادي واجتماعي معين، لذلك فشلوا في إيجاد الحلول، ونحن عملنا سلطة تأسيسية، وحتى الدستور الذي وضعوه ما أنزل الله به من سلطان، ولم نعرف هل نظامنا رئاسي ام برلماني مع تجاذبات سياسية كبرى، وهناك ثلاث سنوات ضيعناها في مثل هذه التجاذبات السياسية، وزير الخارجية يطلع يحكي في الفلاحة والعكس صحيح، وتقوقعوا في إطار الأحزاب السياسية ولم يعتنوا بالشأن العام، كما ان المطلبية والإضرابات كان لها أثر كبير جداً مثل تحسين الأجور وزيادة القوة الشرائية والتشغيل وغيرها، فكل تلك أسباب في عدم نجاح الحكومات المتعاقبة.

* نفس الواقع في السودان فهم أيضاً جاءوا من المنافي.. فهل تعتقد أن الثورات سُرقت؟

ــ لا.. فالمراحل الانتقالية صعبة، وعندما تحدث ثورة فهي تحدث احتجاجاً على الأوضاع، وتلك الأوضاع لن تتحسن بين يوم وليلة، فثمة تراكمات وتعقيدات داخل دواليب الدولة.. صحيح المواطن يحلم ولكن لا بد من الصبر.

* هل هناك أمل؟

ــ طبعاً هناك أمل.. صحيح الأوضاع الاقتصادية متردية ولكن يلزمها طول نفس، فالعقوبات التي كانت مفروضة على السودان أضرت به ولن ينصلح الحال بين ليلة وضحاها، ولكن الثورات لم تُسرق إلا في اليمن، فيمكن أن نقول الثورة سرقت هناك، ومثلما كانت هنالك ثورة كانت هنالك ثورة مضادة من فلول النظام السابق.

الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى