المقالات

العيكورة يكتب: (حمي النفاس الثوري) أحدث مُفردات الساسة!

أرسل لى أحد الاصدقاء جُزءٌا من مقطع (فيديو) لعله إجتزه من مقابلة للسيد عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني ومن تبيُني للمقطع فهمت أنه كان لقاءاً على الهواء لبرنامج (بلا حدود) بقناة الجزيرة . وكعادتى حاولت التريث وأعملت جميع قرون الاستشعار الأمنيه والصحفية فلربما أن خلفهٌ (فبركة) أو (لحام) او تركيب للصوت فلم يتبين لى غير أنه مقطع كامل الدسم قال الدقير لمضيّفهُ لعله مُنتقداً الثُوار أو هكذا فهمتُ من صيغة الحديث قال (لا فض فوه) : لا يُمكن أن تستمر حالة النِفاس الثوري أو حُمي النِفاس الثوري الى ما لا نهاية ثم شرح أن هُناك حُمي بعد المخاض تُسمي بحمى النفاس ويجب أن تنتهي وطالب أن يتجهُ الناس للعمل والانتاج !
رفعت حاجبي فوق حد الدهشة ثم أغلقت فمي بكفى وأعدتُ المقطع مرة أخري نعم هو المهندس الدقير بعظمه ولحمه وهذا صوته بدأ مُتناسقاً مع حركة الشفاه فإنفجرتُ ضاحكاً بألم . أحقاً هذا كل ما فتح الله به عليه من مُفردات اللغة ليخاطب بها الناس و يبلور بها رأياً يلتفون حوله؟ لم يجد الرجُل غير هذه الجمل ؟ ولو كان طبيباً لوجدنا له العُذر ولكن ضحالة اللغة وقلّة معين الثقافة هكذا تفعل بمن يرتقيها جهلاً و يعتقدُ أن أمر الخطابة أمراً سهلاً . هل هذا هو الرصيد اللغوي الذى سيعتمدُ عليه حزب المُؤتمر السوداني لخوض الانتخابات القادمة (النفاس الثوري) ؟ وماذا ولدت تلك المحروسة؟ فقرٌ ومرضٌ وجهل وسيولة أمنية ! وفساد وكذبٌ وتضليل يا أخي ليتها لم تلد ! وأظنها لو أستقبلت من أمرها ما استدبرت لآثرت أن تظل عاقراً ولا تلد مثل هذا المولوُد المُشوه .
حقيقة لم أخفى إمتعاضي من تدني مُستوي الخطابة الذى (وقع) فيه الدقير وليس وحده فكثيرون مثله ولكنهم لزموا الصمت فكان خيراً لهم . فمن أراد أن يُخاطب الشعب فلينزل الى مُستواه إن كان يري أنه قد بلغت به الخطابة مبلغاً قد لا يفهموه بالله ماذا لو قال الدقير (يا جماعة يجب أن نلتفت للعمل والانتاج وكفانا من حاله الهياج التى نعيشها) أو غيرها من الجُمل البسيطه أما كان سيفهمهُ على ود أحمد وعثمان ود الرضي بدلاً من (حمي النفاس الثوري)!
فإن كان من رسالة لكل الساسة من صنف (الباشمُهندس) الدقير فهى التعلُم ليس عبياً فاجلسوا مع كوادر أحزابكم (وشوفوا ناس العربي) فستتعلموا الكثير وستعرفوا كيف تجذبوا انتباه المستمعين وستعلموا أن هُناك ما يعُرف بلغة الجسد و أن للعيون لغة تزيد الحديث حلاوه وطرباً وأن الهندام الحسن هو ما يسُرُ عيون المستمعين و (العجب كان فى مُستمعات) فالخطابة وتخيّر الفاظها ليس لعباً بل علمٌ يُدرس ومهارة تُكتسب . بالله أتذكرون يوم أن خاطب الدكتور عصام أحمد البشير أحد مُؤتمرات الاعلام العربية مُمثلاً للسودان . أتذكرون كيف طوف الرجل بالمؤتمرين بين شعر والسجع والبلاغة والحديث لم يُنادي مُحسنٌا بديعيٌا إلا وأتاهٌ طائعاً مُنقاداً سلِساً ، فساد القاعة صمت مهيب إعجاباً به وطأطأت له هامات الرجال تصغي وكأنما عليها الطير يطالبونه بالمزيد من فن الحديث والالقاء ! أتذكرون الراحل محمد أحمد المحجوب وزير خارجيتنا يوم أن (كان) للسودان حُضوراً والقاً وقامة وأدبا وشعرا ونثرا وبأي اللغات شئت هؤلاء هم من كانوا يخاطبون العقليه السودانية ويُلهبُون الحماس ويستنفرُون الهِمم والنشاط من خلف (المايكرفونات) ولكن قُدر لنا أن نعيش حتى يُحدثنا أمثال السيّد الدقير بلُغة أقل ما توصف بأنها غريبة فى غير موضعها ! وصدق المحجوب الوزير والشاعر والكاتب حين قال : هذا زمانُك يا مهازل فامرحي ! ونمسك عن عجز البيت حتي لا يُفهم و كأنه إساءة للسيد الدقير الذى نُكنُ له كل الاحترام والتقدير وإن كان من همسة أخيرة فهى (اتعلموا الكلام ياخ) ما عيب .

قبل ما أنسي : ــــ

لمّن يقولوا ليك الزول ده كلامو مسييييخ ! والله كلامُن صاح لأنو فعلاً الكلام داير ليهو طِعييم وقليلُ من يتقنه . انه الكلام و إنها اللغة لا تعرفُ السياسة فادوها بحقها أو اصمتوا يرحمُكُم الله .

المصدر : الانتباهة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى