المقالات

حيدر المكاشفي يكتب : تذهب حكومات وتأتي أخرى والثورة باقية ومستمرة

لا نقول في شأن التشكيلة الحكومية المرتقبة بمستوياتها المختلفة، ما قاله بطل الطرفة المروية عن أحد الترابلة، وملخص الطرفة يفيد بأن هذا التربالي بإحدى مناطق شمال السودان كان يتابع باندهاش الجدل المحتدم الذي كان يدور بين ثلة من المثقفاتية حول تشكيلة حكومية أعلن عن تشكيلها، من خرج من التشكيلة ولماذا خرج، ومن دخلها ولماذا دخل، وماذا دار وراء الكواليس الى آخر مثل هذا الجدل الذي عادة ما يدور في أعقاب أي تشكيلة حكومية جديدة، تعجب التربال من هذا الجدال حول الحكومة الجديدة فصاح في المثقفاتية (كدي النسعلكم يا جماعة) قالوا تفضل، قال (مع حيكومتكم دي البابور بجي لا عندنا زي زمان ولا لا)، قالوا نعم ستظل سيرورة البابور وسيرته على سيرها القديم، قال (والقريشات البرسلوها الوليدات بتصل برضو ولا البوستة بتقيف)، قالوا البوستة ستواصل عملها كالمعتاد وستصلك القريشات، وهنا تنهد التربال وجذب نفساً عميقا ثم قال (كان كدي الحيكومة دي شن غردي بيها)، ومشكلة هذا التربال البسيط أنه لا يدري أن للحكومة أغراض شتى عنده ولن تتركه في حاله حتى إن لم يكن عنده هو أي غرض عندها، بل ربما حولته الى محسن يجود عليها بما يملك على رأي النكتة الشهيرة خلال العهد البائد (تلت للطير وتلت للإسبير وتلت للزبير والمزارع فاعل خير).. ولكنا نقول حيكومات تجي وحيكومات تمش وتبقى الثورة ويبقى الوطن، كما قال فقيدنا الشاعر الكبير محمد الحسن سالم حميد في مطلع قصيدته الذائعة التي نظمها في ذم النظام البائد(حيكومات تجي وحيكومات تغور، تحكم بالحجِي بالدجل الكجور، مرة العسكري كسار الجبور، يوم باسم النبي تحكمك القبور، تعرف يا صبي مرة تلف تدور، ولا قول بري أو تحرق بخور، هم يالفنجري يالجرف الصبور، كل السقتو ما باقي عليك تمور، وأرضك راقدة بور، لا تيراب وصل لا بابور يدور… والماهية أُف، عيشة هاك وكف في هذا الزمن تف يا دنيا تف). فالوطن أهم وأبقى من الحكومات، وبالضرورة الكيفية التي سيصار اليها لحلحلة المشاكل والإشكالات التي تكاد أن تعصف به أهم من أي تشكيل لن يعدو مهما كان أن يكون إجراء شكليا، فليست القضية والمشكلة من يتسنم هذا المنصب السلطوي أو ذاك، إنما الجوهري هو الانتباه لما يعتمل داخل الوطن من قضايا ومشاكل ربما أدت إلى تفتته، والأهم هو الوصول لرؤية وبرامج تنقذ البلاد من هذا المحك الذي وضعها بين أن تكون أو لا تكون، وأهم ما تتطلبه المرحلة على الإطلاق هو الاتفاق والتراضي على رؤية وبرنامج ينجز حلاً شاملا وعادلا لكل هذه القضايا، وقبل ذلك الوفاء لدماء الشهداء والاقتصاص لهم من القتلة الأوباش وتلك قضية لن تسقط أبدا..والثورة مستمرة والوطن أكبر بكثير من الأشخاص والاحزاب والتجمعات كائنا من كانوا ومصيره أهم بما لا يقارن من التسلطن والتوزير..

صحيفة الجريدة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى