أخبار السودان

الوقود التجاري .. فوضي الأسعار

زادت الشركات المستوردة للوقود اسعار المحروقات بشكل مفاجئ وسريع لمستهلكي السلعة الذين تفاجأوا ببرمجة بعض المحطات للاسعار الجديدة ، وتبريرها ذلك بزيادة اسعار شراء بواخر الوقود من عرض البحر وفقا للتعرفة العالمية، وعلى غير المعتاد فإن الأسعار الجديدة تمت بدون إعلان رسمي من قبل وزراة الطاقة التي قالت على لسان وزيرها انها تفاجأت بالأسعار الجديدة.
أسعار متحركة
وتعتمد الشركات في تحديد سعر الوقود التجاري علي عاملين أساسيين، اشار اليهما مدير احدى الشركات العاملة في الوقود التجاري ـ فضل حجب اسمه ـ الى زيادة سعر البنزين والجازولين.
وقال لـ(الإنتباهة) ان سعر الوقود يخضع لتسعيرة عالمية بجانب سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وعزا الزيادة الى ارتفاع سعر البترول عالميا في فصل الشتاء لارتفاع الاستهلاك لجهة استخدامه في التدفئة ، إضافة الى زيادة سعر العملات خلال الأيام الماضية.
وأشار الى ارتفاع سعر اللتر من البنزين من 106 جنيهات إلى 128 جنيها، فضلا عن صعود سعر اللتر للجازولين الى117 جنيها بدلا من 99 جنيها ، مشيرا الى ان السعر غير ثابت ويتحرك وفق الأسعار العالمية وسعر العملة محليا، لافتا الى توفر الوقود وان الباخرة التي تم استيرادها بها كميات متبقية، وكشف عن تفريغ باخرة جديدة حاليا حمولة 37 الفا تباع بالسعر الجديد،وتم دخول جزء منها الاستهلاك اضافة إلى دخول باخرة جديدة اخرى بعد حوالي عشرة أيام.
وذهب مدير ادارة العمليات والتشغيل بشركة بشائر للبترول احمد عبد العظيم ـ في تصريح صحفي ـ لذات المنحى بتأكيده الزيادة الجديدة ، موضحا انها تأتي وفقا للاسعار العالمية وان الزيادة ستكون متحركة وفقا للأسعار مثلما حدث سابقا عندما انخفضت الأسعار عالميا تم تخفيض الأسعار.
الوزارة لا تعلم!
وبحسب أصحاب شركات الوقود التجاري فإن تحديد السعر يتم عبر لجنة تضم وزارة المالية وزارة الطاقة ومندوبين من شركات الاستيراد الخاص بجانب محفظة السلع الإستراتيجية تجتمع بصورة دورية لتحديد الوضع والسعر والبواخر الجديدة، إلا ان وزارة الطاقة والتعدين قالت انها تفاجأت بالزيادة ولا علم لها بها ، ووفقا للوزير المكلف خيري عبد الرحمن في تصريحاته الصحفية ان وزارته ستقوم بإجراء تحقيق حول هذه الزيادة الجديدة ، لافتا الى ان وزارة المالية لم تخطرهم بها وتم تكوين لجنة لذلك ، واضاف : وزارة الطاقة لم تصدر منشورا بهذه الزيادة وان أي زيادة لم يتم الاعلان عنها عبرها غير معتمدة.
مؤكدا ان وجود سعرين في السوق هو السبب الاساسي للمشاكل ، وزاد :بمجرد توقف مصفاة الجيلي سيتم توحيد سعر الوقود تلقائيا.
عملية قاسية
وكانت قد تباينت آراء المهتمين بالشأن الاقتصادي بعد زيادة اسعار المحروقات المعلنة من قبل الحكومة بنهاية اكتوبر الماضي باستنادها الى ان الأمر تم حتى تستطيع تخليص بواخر الوقود الموجودة على الميناء والتي تم استيرادها من قبل شركات القطاع الخاص تجنبا لارتفاع قيمة غرامات التأخير ، وتتجه الآراء المخالفة للخطوة بأن رفع أسعار الوقود ما هو إلا تنفيذ لسياسات «وروشتة» صندوق النقد الدولي، وبالتالي سوف يزيد من معاناة المواطنين ، فيما ذهب آخرون مؤيدون الى أنه ضرورة لإحداث نقلة في الاستقرار الاقتصادي وخطوة في طريق إعفاء البلاد من الديون الخارجية.
بينما قطع آخرون بأن القرار لم يراع ظروف المواطن الذي تتزايد عليه الضغوط يوميا منذ مجيء الحكومة الانتقالية، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الدولار، وسينعكس على أسعار السلع والخدمات لترتفع بنحو 300%.اضافة الى زيادة تعرفة المواصلات والنقل التي ستواجه الفئات الضعيفة مما يؤدي الى اثارة الاشكالات الاجتماعية والاضطرابات بجانب تدهور الإنتاج وارتفاع أسعار السلع المصنعة محليا بصورة كبيرة قد تجعل من زيادة الاستيراد أمرا واقعا.
تهديد الأمن الاقتصادي
في حديثه لـ(الإنتباهة) اوضح عضو اللجنة المركزية بقوى الحرية والتغيير المهندس عادل خلف الله ان المحروقات والقمح والدواء من السلع الأساسية والحيوية عالية الطلب ، وأضاف من الطبيعي في بلد مثل السودان ان تقع مسئولية توفيرها واستيرادها على عاتق الدولة لارتباطها بحياة الناس وشدة ارتباطها بالأمن القومي الاقتصادي والاجتماعي ، وقال عادل ان قوى الحرية والتغيير منذ ان فكرت الدولة في التخلي عن هذه الوظيفة اعلنت رفضها تماما وانتقدت الآلية التي تم اتباعها مع افراد وجماعات لتوفيرها وبموجبها يتم محاسبتهم بسعر الصرف الموازي غير الرسمي الآني ومضاف اليه 10% وبسداد فوري ، وزاد : جزء من منطق رفضنا الاقتصادي ان هذا التوجه إضافة الى أنه يضع وفرة هذه السلع بأسعار معقولة على مدار العام تحت تصرف قوى اقتصادية تبحث عن مصالحها فقط بعيدا عن المواطن ، كما أن هذا الإجراء يجعل الحكومة وبنك السودان يتنازلان طواعية عن المسئولية اللوجستية والقانونية من تحديد سعر صرف العملة الوطنية وتركها لقوى السوق والمضاربين وتجار العملة مما يترتب عليه عدم استقرار قيمة الجنيه امام الدولار واستمرار تصاعده بمعدلات رأسية مما ينعكس على اسعار المحروقات والتي تشكل العمود الفقري لمدخلات الإنتاج وشريان الحياة فيه.
ضغط متصاعد
ولفت عادل الى ان الإجراء يؤدي الى تراكم فوائد مالية كان الاولى ان تتراكم في شركات حكومية او مساهمة عامة اذا ما تولت توفيرها وهذا يتيح للسودان تهيئة بنى تحتية وتطويرها لتوفير السلع والاستفادة من ميزة السماح الآجل الذي تتعامل به الشركات العالمية ، ولكن هاتين الميزتين انتقلتا للأفراد والجماعات تستفيد من الفوائد المالية والآجل والتسبب في ضغط متصاعد على طلب النقد الاجنبي والضغط على المالية.
وقطع خلف الله ان الحل بعودة الدولة لتولي توفير هذه السلع الاستراتيجية واستمرار دعمها للجازولين واتباع نظام الكوتة في البنزين حتى لا تسيطر الشركات على السوق والتي لن تحقق الوفرة المطلوبة لمحدودية مقدراتها المالية وعدم استطاعتها الاستمرارية اذا لم توف المالية بطلبه للعملة الصعبة مما يخلق الندرة في سلع حيوية في حياة الناس.

الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى