هاجمت اللجنة الاقتصادية لقوى اعلان الحرية والتغيير منشور إعداد مقترحات موازنة العام المالي ٢٠٢١م. وقالت (قحت) في مذكرة تحصلت على نسخة منها: (صدر عن وزارة المالية بتاريخ ٢١ نوفمبر ٢٠٢٠ منشور إعداد مقترحات موازنة العام المالي ٢٠٢١؛ وذلك دون أن يكون لقوى الحرية والتغيير ولجنة خبرائها الاقتصاديين دور في مراجعة وإعداد محتويات ذلك المنشور ودون الإشارة من قريب أو من بعيد للمؤتمر الاقتصادي القومي الاول او استصحاب مخرجاته وكأنه لم يعقد؛ مما جعله منشورا لا يحمل في طياته او يتضمن ما يصبو اليه الشعب، ولا يسترشد بضرورة معالجة معاناته الناتجة عن سياسات الحكومة الراهنة.
ونبدي عليه الملاحظات التالية:
أولاً : ان اوجه الاصلاح الشامل لايمكن أن تتحقق مالم يتم تغيير منهجية إعداد الموازنة ومراجعة كافة البنود المرتبطة بها. وقد لاحظنا ان منشور إعداد مقترحات الموازنة للعام المالي ٢٠٢١ اتبع منهجية إعداد الموازنة علي اساس موازنة البنود دون النظر الي ان كثير من البنود التي تم تقنينها خلال الثلاثين عاما الماضية، سواء في جانب الايرادات او الانفاق، يتناقض مع الاهداف المعلنة للثورة المتمثلة في ترشيد الانفاق الحكومي الاستهلاكي و إلغاء الصرف علي واجهات وبنيات النظام المباد بالوزارات والوحدات والمؤسسات الحكومية، وإبقاء الامور علي حالها.
وفي نفس الوقت اغفال مصادر الإيرادات بالوحدات التي لاتوجد لها رموز في موازنة البنود، الأمر الذي يساعد علي استمرار التجنيب واهدار موارد الدولة وشرعنة الفساد بشكل رسمي. و دون ان يتضمن المنشور توجها لمراجعة وحدات الموازنة، و التخلص من العديد منها لازدواجية مهامها او لعدم اتساقها مع مرحلة ومهام الفترة الانتقالية .
ان مداخل اهدار المال العام نجدها في البنود الممركزة وبند شراء السلع والخدمات، وهي لم تخضع لاي مراجعات وهي عادة تترك لتقديرات الوحدات.
و اكثر من ذلك ان هذه البنود تحتوي بداخلها علي المسميات المعروفة للنظام مثل المجلس الأعلى للذكر والذاكرين، المجلس الاعلي للدعوة ومجمع الفقه الاسلامي. فضلا عن بنود المنافع الاجتماعية، و احتياطي شراء سلع وخدمات، والاوامر المستديمة للقوات النظامية المغلقة تحت بند الطوارئ، الي جانب خدمات الخبراء والمستشارين ومخصصات اللجان.
والاهم من ذلك بند ايجارات العقارات التي ينتمي معظم ملاكها للنظام البائد.
ثانياً: ينص المنشور على أن موجهات الموازنة تستمد من الوثيقة الدستورية واتفاقية السلام وهما يتمتعان بأهمية تجعلنا نؤيد وضعهما في الموجهات ونصر عليهما؛ ولكن بما أنهما ليستا وثيقتان اقتصاديتان؛ فهذا يتطلب إضافة وثائق رئيسية لا تصبح هنالك موجهات بدونها وهي مقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول و الذي يجب أن يكون هو المنطلق الأساسي في وضع موازنة ٢٠٢١ بما حظي به من مشاركة واسعة وجامعة في وضعه؛ ومن إجماع وطني وشعبي شامل في تأييده؛ ووثيقة البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة الإطار العام المقدمة من الحرية والتغيير لمجلس الوزراء فى أكتوبر ٢٠١٩، مقروءة مع المذكرات والبرامج والسياسات البديلة التي طرحتها لجنة الخبراء الاقتصاديين لقوى الحرية والتغيير منذ ٩ ديسمبر ٢٠١٩ وحتى تاريخه؛ بالإضافة إلى النتائج التي خرجت بها اللجان الثلاث الأخيرة التي تم تشكيلها من اللجنة الاقتصادية و وزارة المالية وممثلي وزارات القطاع الاقتصادي والبنك المركزي والجمارك و الضرائب و هيئة الطيران المدني و الموانئ البحرية. و التي توصلت إلى مؤشرات ونتائج وفق منهج يؤدي إلى أحكام وتجويد إدارة الإيرادات وتعظيمها وخفض المنصرفات بصورة فعالة في موازنة ٢٠٢٠ اضافة الي المصفوفة المقدمة في الاصلاحات المطلوبة للسياسات العامة.
ثالثاً: جاء المنشور خاليا من أي أهداف تتعلق بمعالجة معاناة الشعب السوداني من سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع تكاليف المعيشة.. فالمواطن يعاني من فوضى وارتفاع الأسعار مما يجعل من الضروري ان تركز موجهات إعداد الموازنة علي إصلاح وتطوير ونشر القطاع التعاوني وحل مشكلة المواصلات وتكاليفها العالية التي تفوق قدرة المواطن على احتمالها؛ ومشكلة تشغيل الشباب والبطالة والفقر ومشكلات الدواء وعدم توفر الوقود والخبز والغاز ومشكلات صحة البيئة والتعليم والصحة وخلافه؛ ولكن منشور الموازنة لم يضع اعتبارا لمعاناة المواطنين في كل هذه الموضوعات ولم يذكر مطلقا تلك المعاناة وكأنها لا توجد.
رابعاً: لم يتضمن منشور إعداد مقترحات الموازنة دعم الموسم الزراعي ومعالجة مشكلات الصناعة وتطوير القطاع التعديني والاستفادة من خام الذهب؛ وزيادة الإنتاج والإنتاجية وإصلاح وإعادة هيكلة وزارة المالية وتأكيد ولايتها على المال العام وضم الشركات العسكرية والأمنية والرمادية لولاية المال العام؛ بالإضافة إلى حشد الموارد الذاتية والطاقات الشعبية لتحقيق النهوض الاقتصادي والتنمية المتوازنة والاستفادة من مدخرات المغتربين وتقوية العملة الوطنية وتحقيق كافة مطلوبات السلام.وان يرتبط عرض الموازنة باصلاحات في القوانين والتشريعات ،سيما الشراء والتعاقد ،والمحاسبة المالية والادارية والضرائب ،والاستثمار..
كما لم يشير المنشور الي اي توجة لتوظيف ما استعادته لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد في زيادة الايرادات العامة، اضافة الي غض النظر عن البورصات وعن دور شركات المساهمة العامة، لتتولي الدولة مسئولية السلع الاستراتيجية، لتعظيم عائدات الصادر و توفير السلع الاستهلاكية عبرها.
وبناء على الملاحظات المذكورة أعلاه لا نتوقع ان تمثل هذه الموازنة مخرجا ولو متدرجا للازمة الطاحنة الحالية وتخفيف الأعباء المعيشية علي الشعب. بل نؤكد أن ما جاء في المنشور مجرد اتباع لذات النهج الفاشل الذي مارسه النظام السابق وسارت علي خطاه موازنة العام المالي٢٠٢٠ التي ساهمت في تعميق الأزمة وزيادة معاناة المواطنين.
المنشور يعزز الشكوك حول ان الحكومة تريد تمرير سياسات اقتصادية معدة سلفا تنسف مقررات المؤتمر الاقتصادي القومي عبر تجاهله من أساسه؛ وتعبر عن مصالح ذات الفئات المستفيدة من النظام البائد مستندة على ذات برنامج ذلك النظام وعلى الإملاءات الخارجية وتجاهل وإصلاح البدائل الوطنية التي تصب في صالح شعبنا. وابرز مؤشرات ذلك عدم تطرق المنشور لبرنامج المراقبة مع صندوق النقد.
وعليه نؤكد نحن في اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير ضرورة وضع موجهات واضحة لموازنة ٢٠٢١ تستوعب مطلوبات معالجة الوضع المعيشي المتدهور للمواطن من كل جوانبه وتدعم السلام والإنتاج الزراعي و الصناعي والتعديني وتؤكد دور الدولة في توفير الاحتياجات الضرورية للمواطن وتطبيق مقررات المؤتمر الاقتصادي القومي عبر الموازنة، لتكون المخرج لانتشال اقتصادنا الوطني من الهاوية التي قادته إليها السياسات الفاشلة التي تم تطبيقها خلال ٢٠٢٠. ولابد أن يمارس الجميع دورهم في تصحيح المسار الاقتصادي).
الانتباهة