وزارة التربية والعام الدراسي .. وعود في مهب الريح
على خلفية كثرة شكاوي وزراء حكومة حمدوك بانهم يعانون بسبب عدم توفر الأموال والدعومات لتنفيذ ما وعدوا به الشعب السوداني ويقولون أنهم لا يستطيعون تنفيذ الوعود التي أطلقوها بعد نجاح الثورة وتشكيل الحكومة الانتقالية، صرح قيادي بالجبهة الثورية بأهمية ان يتم عرض وزراء الحكومة الجديدة في استفتاء للشعب قبل اختيارهم لشغل وظائفهم. هذا التصريح عده مراقبون دليل واضح حول أهمية اختيار وتعيين وزراء كفاءات من ذوي الخبرة والكفاءة في الحكومة الجديدة، فضلاً عن كونه تأكيد على فشل وزراء حمدوك الحالين. ما يدور بذهن القارئ هو هو ما السر وراء هذا الفشل الذي يتحدث عنه هؤلاء الوزراء وبالتالي للإجابة على هذا التساؤل لابد من عملية جرد حساب لاحد اهم الوزراء هو وزير التربية والتعليم البروفسيور محمد الامين التوم ولناخذ تصريحاته (كمعيار للفحص) ، وما قام بتنفذه منها منذ توليه مهام الوزارة في بداية الفترة الانتقالية حتى الآن لنرى ماذا عمل وماذا نفذ وماهي نتائج عمله؟.
وقد استهل الوزير عهده الجديد بجملة بشريات تتصل بمجانية التعليم وتوفير التعليم للجميع وتوفير الوجبة المدرسية ومعالجة أوضاع المعلمين ومن هذه التصريحات حديثه لوكالة السودان للأنباء حيث أقر مبدأ مجانية التعليم الأساسي وقال في هذا الخصوص ان مجانية تعليم الأساس تنص عليها المواثيق والاتفاقيات التي وقعت عليها الدولة السودانية،وآخرها عام 2015 ،مشيراً إلي أن إجازة الميزانية لعام 2020 تنص علي مجانية التعليم. وقال الوزير أن أولياء الأمور يقع عليهم دور مهم في تطبيق قرارات الدولة بمجانية التعليم وشدد بقوله يجب عدم دفع أي رسوم حسب موجهات الدولة بمجانية التعليم. وأوضح إن من اتجهوا من المعلمين لمجال التعليم الخاص ليسوا أغلبية وإنما هناك عدد منهم فقط ذهب فى هذا الاتجاه. وأشار الي الدولة قررت مضاعفة مرتب المعلم مما يسهم في تحسين وضعه المادي وأن الوزارة ستعمل علي تحسين الوضع الاجتماعي والمهني للمعلمين لتكون المهنة جاذبة.
وقال الوزير أنه ومن ضمن المقترحات أن أي طالب يحصل علي نسبة 70% فما فوق يتم قبوله مجاناً وأي طالب يحصل علي نسبة 80% يتم قبولة مجانا ودعمه بمبلغ (1500) جنيه الى أن يتخرج ونضمن له التعيين وهي كلها مقترحات قدمناها لوزارة التعليم العالي لتطوير التعليم أسوة بالدول الأخرى.
ومن ناحية أخرى وعد الوزير بتوفير الكتاب المدرسي وطباعته في المطبعة الوطنية. تنفيذ تغيير المناهج بعد حذف وازالة أجزاء من المقررات الدراسية التي ادخلها النظام السابق ليحشو بها عقول الطلاب والتلاميذ. وقد استبشرت جماهير الشعب السوداني خيرا بهذه التصريحات، وطرب البعض لحديث الوزير عن منح راتب لاي طالب يحرز 80% ويدخل كليات التربية ورات قطاعات واسعة من الشعب السوداني ان إصلاح نظام التعليم يعني ان السودان في خير كون التعليم يمثل الركيزة الأساسية في تطور الأمم، وأن الأمم المتقدمة هي التي تهتم بشأن التعليم وتضعه في سلم أولوياتها ، وتجعله يعلو فوق كل شأن. بينما قال بعضهم اذا تم الأمر فأننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو تنمية البلاد والمضي بها نحو المعالي.
وبالمقابل عند وضع تصريحات وزير التربية والتعليم البروفسيور محمد الامين التوم منذ توليه منصبه تحت مجهر الفحص وعلى الرغم من تغيير موعد بداية العام الدراسي الا أن جموع الشعب السوداني تفاجأت بإعلان الوزير تأجيل العام الدراسي واعتذاره عن مجانية التعليم. حيث أعلن في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة المالية هبة محمد علي ومدير المناهج الدكتور القراي بوكالة السودان للأنباء، عن تأجيل العام الدراسي من 27 سبتمبر إلى الأحد 22 نوفمبر، واعتذر الوزير عن مجانية التعليم والكتاب المدرسي، واكتفت مرحبا وزارته بمنع استخدام العنف الجسدي واللفظي تجاه التلاميذ. وبرر الوزير ، تأجيل العام الدراسي لعدم جاهزية المدارس بالصورة المطلوبة، وقال إنَّه حال فتحت المدارس في مواعيدها، سيكون هناك نقص حاد في الكتاب والوجبة والاجلاس . كما اعتذر مدير إدارة المناهج والكتب، عمر القراي عن مجانية الكتاب وطباعته في مطابع حكومية، وقال إنَّ أكبر مشكلة تواجه بداية العام الدراسي هو الكتاب فلم تتم طباعة الكتب الجديدة، ويوجد نقص حاد في الكتب القديمة. وأشار القراي إلى طباعة كتابين فقط إلى الآن: الجغرافيا للصف السادس، والتربية الإسلامية للصف الأول، وأضاف: “تجري الآن طباعة كتاب العلوم للصف السادس”. وكشف عن نقص وصفه بـ (الحاد) في الكتب القديمة للصف الأول والثاني والثالث والرابع والخامس، في حالة تم استخدام المنهج القديم.
يتحدث المسئولون بالتعليم بان الحكومة لا تستطيع تطبيق مجانية التعليم في العام الدراسي الجديد، وسنحتاج إلى عامين أو ثلاثة لتطبيق ذلك”. ومما زاد الطين بله حديث الوزير عن صعوبات بالغة تواجه بداية العام الدراسي في التاريخ المحدد مسبقاً، في الثاني والعشرين من نوفمبر الجاري. معتبرا هذا العام عام تحدي للعملية التعليمية في ظل الظروف والأزمات التي تعيشها البلاد) ويبقي التساؤل قائما بعد هذا التصريح الواضح ، هل حقا سوف تلتزم الوزارة بمواعيدها المعلنة مسبقا.
وكلنا يعلم ان المدارس تعاني دمار وانهيار الكثير منها بفعل السيول والامطار واشغال بعضها كدور ايواء للمتضررين وهي حتما تحتاج الي إعادة ترميم ، هذا في ظل عدم وجود احصاء دقيق لاوضاع نفس هذه المدارس ، السليم منها والمنهار انهيارا تماما او جزئيا ، وعدد تلك التي تحتاج منها الي ترميم فقط.
اما الاجلاس بالتاكيد يحتاج الي إعادة نظر سواء في المدارس التي انهارت ، ام تلك التي أصبحت دورا لايواء المتضررين من السيول والامطار. فضلا عن عدم طباعة الكتاب المدرسي ، وبالتالي لاول مرة في تاريخ البلاد ، تتم الدعوة للتبرع من اجل طباعة الكتاب المدرسي فيما يشبه الاعلان الرسمي بعجز الدولة وعدم قدرة المالية ، علي توفير مبالغ تكاليف طباعة الكتاب المدرسي.
ويشير خبراء تربيون الي جملة الاعباء المثقلة التي أصبح ينوء بها أولياء الامور ، من تجهيز ابنائهم بكل شي بداية بالكتاب المدرسي ونهاية بالاجلاس في كثير من المدارس ، بحيث لم توفر الحكومة سوي المعلم فقط!! واحيانا حتي في “عدد المعلمين” العاملين هناك نقص ببعض المدارس.
حقا لابد من التساؤل الجاد حول كيف يبدا العام الدراسي ، في ظل هذه الاوضاع والظروف المعيشية بالغة الصعوبة؟ مع انعدام تام في المواصلات والخبز. وها هو بعد عام كامل او يزيد، يخرج وزير تربية حكومة “حمدوك” ليعلن علي الملأ صعوبات تواجه بداية العام الدراسي الجديد. ويحق للمواطن البسيط ان يتساءل ما الذي كانت تصنعه الحكومة ووزاءها طوال كل هذا الوقت؟
ويقول أولياء الأمور “اذا تفهمنا ان هنالك ظروف موضوعية أدت إلى تأخير الدراسة ، الا اننا بعد تجاربنا مع اداء حكومة “حمدوك” نستيقن تماما ان معالجاتها الخاطئة ، هي ماقادت الي هذا التدمير الممنهج لقطاع التعليم بحيث الان يمكن القول ، انه في خلال عام فقط تم تدمير كامل قطاع التعليم العام تماما. ويظل أولياء الأمور يضعون قلوبهم في اكفهم في انتظار المؤتمر الصحفي للوزير غدآ بشأن بداية العام الدراسي ام تأجيله ام ماذا.
الانتباهة