تصريح خطير بشأن موازنة ٢٠٢٠م
أكد المحلل والخبير الاقتصادي المعروف د. محمد الناير بأن من أسباب تدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد منذ بداية حكومة الفترة الانتقالية عدم وجود خطة استراتيجية واضحة للحكومة والأخطاء الفادحة التي صاحبت اعداد الموازنة العامة للدولة وعدم اهتمامها بشريحة المغتربين كداعم أساس لثورة ديسمبر المجيدة بجانب اتباع سياسات رفع الدعم وتحرير سعر الصرف غير المدروس. وأوضح د. الناير في حديث صحفي مطول بمناسبة مرور عام ونصف تقريبا على حكومة الفترة الانتقالية بقوله: كنا نتوقع أن يكون للدولة برنامج على المدى القصير والمدى المتوسط والبعيد وأن تتم البداية فورا في البرنامجين على المدى القصير بتحقيق الاصلاح الاقتصادي وهو الهدف الاستراتيجي الذي يؤدي الى اصلاح الاقتصاد السوداني وأضاف كان ممكن التفكير أيضا بصورة جادة في انشاء بورصة للذهب لأنه كان مدروس وموجود لدى وزارة المعادن ومجاز لدى مجلس الوزراء ، وأقرت الحكومة واللجنة الاقتصادية العليا بأهمية انشاء البورصة مشيرا بأنه كان من الممكن أن تحد من ظاهرة التهريب وتخزين الذهب بجانب أنه تعمل على جذب تدفقات النقد الأجنبي بدلا من التهريب مشيرا الى أن ٨٠٪ من الذهب المنتج في السودان تذهب الى الخارج دون أن يستفيد منها الاقتصاد السوداني. وأشار الناير الى مشكلة اقتصادية أخرى وهي عجز الميزان التجاري وعزى ذلك الى تدهور سعر الصرف بصورة مستمرة مشيرا الى أن الدولة بمواردها الذاتية وامكاناتها الكبيرة ممكن تستطيع أن تخرج من هذا النفق وأضاف أن الذهب وحده اذا أحسن توظيفه يمكن أن يعالج القضية وهي عجز الميزان التجاري المقدر بنحو ٥ مليار دولار. ونوه الناير الى أن شريحة المغتربين باعتباره السبب الأساس في نجاح الثورة كان ممكن أن يساهموا بشكل كبير لو الحكومة تجاوبت معهم مضيفا بأن القضية الجدلية بالنسبة للمغتربين قضية سعر الصرف مع بنك السودان وقال إن بنك السودان يتمسك بالسعر الرسمي والمغترب لا يريد أن يحول بالسعر الرسمي وقال الناير لو الدولة أعطت المغترب تحويلاتهم بالعملة الأجنبية كان ممكن يحصل عرض كبير جدا في السوق الموازي وبالتالي يحصل تحسن في قيمة العملة الوطنية في السوق الموازي وتكون المشكلة قد حلت تماما. وأشار د. الناير الى حلول اقتصادية أخرى بأن يحصل المغترب على سيارة واحدة مرة في العمر وذلك بأن يودع مبلغ مناسب لعام كامل بدون أرباح مقابل يحصل الشخص على اعفاء جمركي لسيارة واحدة في العمر وهذا ستخلق نوع من ايداعات بالعملة الأجنبية وأضاف كذلك يمكن ايجاد مساحات محدودة لهم في مواقع مميزة بالأحياء الراقية مقابل مبلغ مناسب تدفع للدولة بالعملة الصعبة وتتواصل البرنامج والتوسع حتى في الولايات ويمكن أن توفر نقد أجنبي بدلا من دخول السوق الموازي والشراء وتسبب في ارتفاع أسعار الصرف والتعقيدات الأخرى اضافة الى ذلك ، التحول نحو الدفع الالكتروني وهذا يساعد بعدم وجود كاش واللجوء الى المضاربات وأيضا كان ممكن أن تفكر الدولة في بداية الفترة الانتقالية الى تبديل العملة لقطع الطريق أمام الكثيرين الذين يبحثون عن تجارة الدولار . اما على المدى البعيد أوضح الناير أنه كان على الحكومة أن تعتمد على الانتاج والانتاجية مشيرا الى امكانات وموارد السودان المهولة حيث أشار الى توفر ٧٥٠ كلم على ساحل البحر ، وجود ١٨٠ الى ٢٠٠ مليون فدان استغل منه فقط ٣٠٪ ،١٠٦ مليون رأس ،تنوع في المحاصيل ،صمغ عربي لا يوجد له مثيل في العالم مياه أمطار ومياه جوفية وقدرات سياحية هائلة بالاضافة الى بترول وثروات معدنية في باطن الأرض . واستغرب الناير بكل هذه الامكانات بقوله: لا يعقل أن تكون صادراتنا ٣.٥ الى ٤ مليار دولار منوها الى ان كل ذلك عبارة عن صادرات احدى الشركات في واحدة من الدول الكبرى.
ويرى الناير أن الحل في المدى القريب والمتوسط والبعيد يعتمد على برنامج الانتاج والانتاجية يقوم على البحث العلمي ونقل توفير التقانات ووضع مبلغ دوار للمخزون الاستراتيجي يتدخل لشراء المنتج بسعر تشجيعي من المنتج في الوفرة ثم يعاد المخزون وقت الندرة للمستهلك بسعر مناسب وتشجيعي ويكون هذا المال قد حقق هامش ربح قليل جدا يحافظ على رأس المال من التآكل. وحول موازنة ٢٠٢٠ قال د. الناير ” نحن مقبلون على ٢٠٢١ ولم نسمع حتى الآن منشور موجهات الموازنة العامة للدولة صدر من وزارة المالية ليتنزل على مستوى المحليات والمركز والولايات وقال: تبقى من العام شهران ولم نجد حراك لاعداد موازنة تليق بالسودان للعام ٢٠٢١ مضيفا “اتطلعنا على الموازنة بحكم خبرتنا في هذا المجال وجدنا أخطاء فادحة في الأرقام” مشيرا الى أن هذه الموازنة تعتمد على المجتمع الدولي بنسبة ٥٠٪ مشيرا الى وجود مخاطرة فيها بنسبة عالية جدا ونوه الناير بأنه لم ينظر لأي نموذج على مستوى العالم لأي دولة اعتمدت على المجتمع الدولي بنسبة ٥٠٪ وقال أن الطاقم في وزارة المالية لم يسهم في اعداد الموازنة بشكل مطلوب وبالتالي أتت الموازنة مغايرة وبها الكثير جدا من التعقيدات والأخطاء. وحمل د. الناير مسئولية اعداد الموازنة الذي رأى أنه تنعدم فيه مبدأ (الحيطة والحزر) لمجلس الوزراء بكامل هيئاته والمجلس السيادي باعتباره يمثل مجلس تشريعي مؤقتا في ظل غياب المجلس التشريعي. ووصف د. الناير الموازنة العامة لعام ٢٠٢٠ بأنها غير واقعية وغير موضوعية وغير قابلة للتطبيق وقال إن نسبة أدائها بالنظر الى تقارير أداء للعام ٢٠٢٠ ضعيفة جدا مع وضع اعتبار لتعقيدات كرونا ١٩ والسيول والفيضانات وغيرها من التعقيدات التي تمر بالبلاد . ونبه د. الناير على المعلومات المغلوطة الواردة في السوشال ميديا حول ٧٥٪ الى ٨٠٪ من الموازنة تذهب الى الأمن والدفاع والقطاع السيادي وقال أنه استغرب جدا بأن وزراء الانقاذ أنفسهم بما فيهم رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك يرددون هذه العبارة دون النظر الى تفاصيل هذه الموازنة بالأرقام محذرا من خطورة تداول هذا الحديث لأنه يلقي مسئولية بعد تحقيق السلام في البلاد منبها الى أن ذلك قد يسأل أحد أين ذهبت ال٧٥٪ التي كانت تصرف الى الحرب وتحقيق السلام ؟ وأوضح الناير بأن الصرف على الأمن والدفاع كان يمثل ٢٥٪ الى ٣٠٪ وقال” اذا نسبنا الصرف الى الانفاق العام باعتباره أعلى من الايرادات بكون ٢٥٪ أما اذا نسبنا الى الايرادات بكون ٣٠٪ لأن الايرادات أقل”.
ويرى المراقبون أن الحكومة خيبت آمال وتطلعات الشعب السوداني خاصة بعد اسقاط النظام السابق. وكان المطلوب من الحكومة الانتقالية تحقيق انتقال من حياة سيئة الى حياة أفضل ولكن ما قامت به هو انتقال الشعب من حياة سيئة الى ما هو أسوأ.
الانتباهة