وداعاً “يوناميد” .. الشرطة داخل معسكرات النازحين
داخل معسكر أبو شوك للنازحين بولاية شمال كردفان، نصب الأهالي (صيوانا) على قدر حالهم، هذا (الصيوان) رغم بساطته لم ينصب لاستقبال مسؤول حكومي تقريباً منذ إنشاء المعسكر، خاصة عندما يتعلق الأمر بجنرالات القوات النظامية.
الأسبوع المنصرم، حطم مدير عام الشرطة الفريق أول عز الدين الشيخ، أسوار العزلة بين قاطني المعسكر والشرطة، عندما استقبله الأهالي هناك عمد وإدارات أهلية شيوخ ونساء وشباب وأطفال، فصدرت داخل (صيوان) الإستقبال قرارات صارمة بحسم التفلتات الأمنية داخل المعسكر وتعيين (50) شخصاً السكان بالشرطة الأهم أن بينهم (20) وظيفة خصصت للنساء هذا ما جعل (الصيوان) يتحول إلى فرح وزغاريد.
يوم الأربعاء الماضي حملت طائرة صغيرة وفداً رفيعاً من قيادات الشرطة، برئاسة مديرها العام، الفريق أول عز الدين الشيخ، ومشرف ولايات دارفور الفريق عنان حامد، وقائد الاحتياطي المركزي والناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء حقوقي د. عمر عبد الماجد، وعدد من قيادات الشرطة، الطائرة حطت بمطار الفاشر، وكان اللافت في الأمر غياب والي شمال دارفور محمد حسن عربي عن مشهد استقبال الوفد بالمطار.
زيارة مدير عام الشرطة في هذا التوقيت الذي يتأرجح فيه مستوى الأمن الداخلي، بين الهدوء والتفلت، في أعقاب التحولات السياسية التي شهدتها البلاد.
الزيارة كانت بيانا حقيقيا لجاهزية الشرطة لخلافة بعثة اليوناميد في حماية المدنيين بنهاية العام الجاري، حسب قرار مجلس الأمن القاضي بنهاية ولايتها في 31 ديسمبر القادم، واقع خروج البعثة أصبح حقيقياً لا ينقصه إلا الوقت فقط، حسب الوقائع والشواهد على الأرض، داخل معسكرات النازحين التي تغير فيها المشهد تماماً من السخط على الأجهزة النظامية الوطنية إلى المطالبة بوجودها بينهم داخل تلك المعسكرات لحماية السكان وممتلكاتهم وتأمين مشاريعهم الزراعية.
الشيخ
مدير عام الشرطة داخل مقر ولاية شمال دارفور أي عقب وصول الوفد مباشرة التقى والي الولاية محمد حسن عربي وقال جئنا للوقوف على الأحوال الأمنية وتفقد قوات الشرطة وكافة المنظومة الأمنية، الشيخ تلقى تنويراً مغلقاً من لجنة أمن الولاية وعقب عليه قائلاً إن الولاية تتمتع بالأمن والاستقرار لكنه عاد وقال أمامنا العديد من التحديات وبالتعاون نستطيع العبور إلى بر الأمان، وختم تنويره (كفانا نزوح ولجوء إلى دول الجوار والآن ننظر للمستقبل لتوفير حياة كريمة للأجيال القادمة).
الوالي
والي شمال دارفور محمد حسن عربي قال (نؤكد أن الوضع الأمني بالولاية يشهد استقراراً تاماً، وقد سطرت الأجهزة النظامية على أكثر من 90% من حالات التفلت، الوالي أكد كذلك قدرة الأجهزة الأمنية الوطنية على حماية المدنيين معلناً عن تشكيل قوة مشتركة لحماية السلام وخلافة اليوناميد لحفظ السلام والاستقرار بشمال دارفور.
المنظومة الأمنية
عزالدين الشيخ الذي يبدو متحمساً لقراءة الأوضاع ميدانياً بالولاية، وانخرط في اجتماع خاص بالمنظومة الأمنية بقيادة الجيش، الاجتماع أخذ خصوصية أمنية أكثر لانفراد مدير الشرطة بالعسكريين.
الناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء شرطة حقوقي د. عمر عبد الماجد قال في تصريحات خاصة عقب الاجتماع المغلق إن الاجتماع تناول تحديات الولاية الأمنية وإحكام التنسيق بين مكونات الأجهزة الأمنية لحماية المدنيين وحفظ السلام والاستقرار، عبد الماجد أضاف كذلك أمن الاجتماع على التنسيق المشترك لحماية الموسم الزراعي وتأمين العودة الطوعية وحماية المعسكرات والوقوف على الموقف الأمني والجنائي بالولاية.
اليوناميد
من الواضح أن زيارة مدير عام الشرطة إلى شمال دارفور أتت بغرض الوقوف على استعداد الشرطة بشكل خاص لخلافة بعثة المدنيين في حماية المدنيين، وبقية جاهزية القوات الاخرى التي تشارك الشرطة في المهمة.
مدير عام الشرطة هذه المرة انتقل إلى مقر بعثة اليوناميد بالفاشر، المشهد يبدو وكأن مدير الشرطة مدعو لتشريف فعالية كبيرة، من واقع الاستقبال والحفاوة، من قبل مفوض البعثة ومنسوبيها، رغم اقتراب نهاية فترتهم.
السفير لانديق
مفوض بعثة اليوناميد بالسودان السفير الجنرال لاندنق كينت قال: استلمت مهامي مفوضاً لشرطة اليوناميد قبل شهرين وهذا يعني أن التفويض ينتهي في 31 ديسمبر من هذا العام لكن هذا لا يعني استمرار البعثة في السودان.
لانديق واصل حديثه في حضور وفد الشرطة قائلاً : شغلت وظائف مختلفة وكنت قائداً لشرطة بلادي في زامبيا و سفيراً لبلادي في إحدى الدول، مضيفاً رغم قصر مدتي أود أن أشكر الشرطة السودانية وتعاونها مقارنة مع أقسام البعثة الأخرى فإن العلاقة بين الشرطة واليوناميد مميزة ونحن شاكرون لهذه الزيارة وفخورون بها.
لانديق أكد أن الشرطة في اليوناميد ستواصل عملها لحماية المدنيين خاصة في بناء القدرات رغم قصر المدة وستواصل إنجازاتها وهناك إنجازات كبيرة وسنبذل مافي وسعنا.
أوضاع السجون
مسؤول السجون والإصلاح قسم سيادة القانون باليوناميد الجنرال جون أموندي، لم يخف ما قدمته اليوناميد في تطوير السجون في دارفور، إذ تناول مذكرات التفاهم مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالسودان، إلى جانب اسهام اليوناميد في بناء القدرات ودعم السجون.
أموندي قال إن السجون بالسودان تواجه تحديات كبيرة تستوجب مزيداً من الدعم وأوضح أن أوجه الدعم كانت مخصصة لمحاور تتعلق بتحسين بيئة السجون لتتوافق مع المعايير الدولية واخرى تتعلق بالتدريب ورفع قدرات العاملين.
مدير الشرطة
الفريق أول عزالدين الشيخ رد صاع الشكر لمفوض البعثة وقال أحيي كل أفراد بعثة اليوناميد بكل مكوناتها، وأضاف أخص بالتحية المكون الشرطي لأنهم مميزون ولهم تضحيات ومساعدات كبيرة للشرطة السودانية نحن راضون عن أدائها ونتطلع لمزيد من التعاون البناء ونحن نشهد تخريج دفعة جديدة لحماية المدنيين ونتطلع إلى أن تكون نواة جيدة تضم عنصراً نسائياً ليقوم بواجبه تجاه حماية الأسرة والطفل والمرأة.
دفعة السلام
استاد الفاشر الرياضي احتضن تخريج أول دفعة حملت اسم (دفعة السلام) خلالها ابتدر مدير عام الشرطة كلمته بالتحية وردد (كفانا نزوح وتشرد ولجو للجوار) وأضاف نريد أن نمضي قدماً مع بعض لحماية وطننا ومواطنينا ونشد من ازر بعضنا البعض.
الشيخ خاطب حشدا غفيرا من المواطنين وقال انتهز هذه الفرصة لأشكر كل الأمهات والآباء الذين دعموا أبناءهم وبناتهم الكنداكات للانخراط في منظومة الشرطة ونحن نحتاجهم لحماية الأسرة والطفل هنا وللمجتمع كافة ونثمن هذا الجهد عاليا وهن مميزات وعشمنا فيهم كبيرا لأننا نتطلع لشراكة مجتمعية لتحقيق شعار الأمن مسؤولية الجميع.
معسكر أبو شوك
المدير التنفيذي بمحلية الفاشر استقبل وفد الشرطة داخل معسكر أبو شوك داخل صيوان أعد جيداً للاستقبال احتشد بالشيوخ والنساء والشباب والأطفال، في لفتة غير مسبوقة، المدير التنفيذي قال باسم الإدارة الاهلية والشباب والمرأة والطلاب والغرفة التجارية والمواطنين نرحب بالفريق أول عز الدين وهي أول زيارة لمدير شرطة في معسكر أبوشوك، وأضاف أن اهلنا عاشوا في المعسكرات معاناة كبيرة منذ تأسيسه في العام 2003م حتى 2004 وكان به حوالي 54 ألف نسمة إلى أن تجاوز الآن 160 ألف نسمة وهو تعداد يعادل محلية كاملة.
تعليمات مباشرة
مدير عام الشرطة استمع لشكاوى عمدة المعسكر والغرفة التجارية والمرأة وكانت المفاجأة أن أصدر تعليمات فورية لمدير شرطة الولاية ومدير شرطة محلية الفاشر تحقيقاً لمطالب ممثلة المرأة بأن تفتح البلاغات في النقطة التي وضع مدير عام الشرطة حجر أساسها لتتحول إلى قسم شرطة كبير، نسبة لبعد المسافة وخطورتها ليلاً عند فتح البلاغات بالقسم الآخر، الشيخ أصدر قراراً تاريخياً بأن وجه بتجنيد (50) شخصاً بينهم (20) من العنصر النسائي، في الشرطة، ووجه بحسم التفلتات ومنع حمل السلاح نهائياً، ودعا المواطنين إلى مساعدة الشرطة بالمعلومات عن الظواهر السالبة داخل المعسكر.
مدير عام الشرطة واصل حديثه قائلاً (أعدكم سترون عملا كبيرا في مقبل الأيام وفي كل ولايات دارفور ونحن الآن نرفع شعار أهلنا في حمايتنا).
عمدة المعسكر أبلغ في كلمته عن اقتحام مسلحين واعتدائهم على مواطنين فوجه مدير عام الشرطة على ضوء ذلك بتقديم الجناة المسلحين الذين اقتحموا المعسكر واعتدوا على المواطنين للمحاكمة فورا وردعهم وترحيلهم لسجون ولاية الخرطوم وقال من يزهق الأرواح لا مكان له بيننا وعقب عودته من الفاشر قال مدير عام الشرطة في تصريحات محدودة بمطار الخرطوم (عدنا من زيارة إلى ولاية شمال دارفور امتدت لمدة يومين وقفنا فيها على الاحوال الأمنية بشكل عام وعلى حاضرتها بشكل خاص وكان هناك برنامج حافل وكبير التقينا خلاله بالوالي ولجنة أمن الولاية وتفقدنا القوة ضابطات وضباط صف وجنود.
وأضاف زرنا معسكر أبوشوك ووقفنا على كثير من الأنشطة وافتتحنا كثيرا من المواقع الشرطية بالولاية وزرنا أيضاً موقع اليوناميد والتقينا بالمفوض الشرطي وتباحثنا في كثير من القضايا المشتركة وهي الآن تستعد للخروج من البلاد بنهاية هذا العام ولدينا كثير من التنسيق مع البعثة ووقفنا على التحضيرات والترتيبات الجارية لاحلال القوات المشتركة من القوات المسلحة والشرطة والدعم السريع والمخابرات العامة مكان بعثة اليوناميد ووجدنا الأمور تسير على قدم وساق.
وأكد مدير عام الشرطة قدرة الأجهزة الأمنية السودانية على القيام بحماية المدنيين خلفاً لبعثة اليوناميد قائلاً تحدثنا في كثير من الأمور التي تهم خروج البعثة ووجدنا منهم تعاوناً كبيراً ومثمراً جداً.
السوداني