السودان الجديد ـ يرى مراقبون أن دولاً غربية تخشى اتخاذ خطوة تمنح دوراً أكبر للإسلاميين على الساحة السياسية
تنشط وزارة الخارجية السودانية تحركاتها الدبلوماسية إقليمياً ودولياً لمحاصرة قوات “الدعم السريع”، مستندة إلى الانتهاكات والمجازر التي وقعت بحق المدنيين وبخاصة في شرق وشمال الجزيرة ودارفور، بغرض دفع المجتمع الدولي نحو تصنيف تلك القوات كجماعة إرهابية.
على رغم حشدها الأدلة والشواهد والمعلومات والتقارير الاستخباراتية و الأممية في شأن انتهاكات وجرائم قوات “الدعم السريع”، لا تزال جهود الحكومة السودانية السياسية والدبلوماسية لتصنيفها منظمة إرهابية تتعثر وتصطدم بعديد من العقبات، لكن قرار الكونغرس الأميركي الأخير بوصف تلك الجرائم “إبادة جماعية” أعاد الأمل في إمكانية نجاح تلك المساعي.
و يطرح مراقبون للشأن السوداني بعض أسئلة يرونها مشروعة حول سر إخفاق جهود الحكومة السودانية حتى الآن في هذا الشأن، وهل يعجل القرار الأميركي بتصنيف قوات “الدعم السريع” “منظمة إرهابية” و بخاصة في ظل تواصل انتهاكات الحرب؟
نشاط محموم
تنشط وزارة الخارجية السودانية تحركاتها الدبلوماسية إقليمياً ودولياً لمحاصرة قوات “الدعم السريع”، مستندة إلى الانتهاكات والمجازر التي وقعت بحق المدنيين وبخاصة في شرق وشمال الجزيرة ودارفور، بغرض دفع المجتمع الدولي نحو تصنيف تلك القوات كجماعة “إرهابية”.
و عقدت سفارات السودان لدى عدد من العواصم العربية والأفريقية و الأوروبية مؤتمرات صحافية حول تطورات الأوضاع في البلاد، بالتركيز على انتهاكات وجرائم قوات “الدعم السريع” في كل الولايات و لعل آخرها ما حدث في شرق الجزيرة.
و قال مدير إدارة السلام والشؤون الإنسانية في وزارة الخارجية السودانية عمر الأمين عبدالله إن “الميليشيات استوفت كل الشروط التي تؤهلها للإدراج في قائمة المنظمات الإرهابية، حاضاً المجتمع الدولي على تصنيفها إرهابية”.
و كان الكونغرس الأميركي أجاز بالإجماع مشروع القرار رقم (1328) الذي يصنف انتهاكات قوات “الدعم السريع” في إقليم دارفور “إبادة جماعية”، قدمه السيناتور الجمهوري جون جيمس بمساندة نائبين ديمقراطيين.
و إثر ذلك عدَّ وزير الخارجية السوداني علي يوسف في تدوينة عبر حسابه على منصة “إكس” القرار خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم، التي ارتكبت بحق السودانيين الأبرياء من المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال.
تحفظات دولية
و في السياق، قال المتخصص في العلاقات الدولية عبدالعظيم نور الدائم إن الانتهاكات الواسعة التي ارتكبت في حق المدنيين خلال هذه الحرب تشكل هاجساً مزعجاً لدى المجتمع الدولي، يدفعه كل يوم إلى التفكير في اتخاذ مزيد من العقوبات المتشددة تجاه قادة الطرفين المتحاربين.
و وصف نور الدائم قرار الكونغرس بأنه يعزز من ضغوط المشرعين في الولايات المتحدة على الإدارة الأميركية الحالية، ويضع الرئيس المنتخب دونالد ترمب أمام خيارات محدودة في التعامل مع تجاوزات قوات “الدعم السريع” خلال الفترة المقبلة، مرجحاً أن تتواصل المساعي والضغوط التشريعية لوقف تصدير السلاح الأميركي إلى الدول التي تمرره لتغذية الصراع في السودان.
و بحسب الأكاديمي السوداني، فإن بعض الدول ترى أن الإقدام على مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعقيد المساعي والمبادرات الدبلوماسية الدولية والإقليمية والجهود الإنسانية، وقد يفتح المجال أمام مزيد من تأجيج الصراع بدلاً من حله، فضلاً عن أن التصنيف سيقود حتماً إلى عقوبات على قوات “الدعم السريع” تطاول من دون شك التجمعات السكانية بالمناطق التي تسيطر عليها، ويفاقم بالتالي الأزمة الإنسانية.
تباين وتعقيدات
غير أن المتخصص في العلاقات الدولية عبدالعظيم نور الدائم لا يستعبد أن يسهم تمادي “الدعم السريع” في تجاهلها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والأعراف الدولية، في تصعيد المواقف الدولية المطالبة بتأمين حماية المدنيين، مما قد يقود فعلاً إلى وضع تلك القوات ضمن “القائمة السوداء” كتمهيد لتصنيفها منظمة “إرهابية”.
اندبندنت عربية