العلاقات السودانية الإماراتية.. هل تنجح وساطة أردوغان في إصلاحها؟
السودان الجديد ـ تدخّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقوة على خط العلاقات السودانية الإماراتية المتوترة، طارحاً وساطة لطي الصفحة بين البلدين، وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة في السودان، قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الجمعة.
و أكد أردوغان خلال المحادثة، استعداد بلاده للتوسط بين الخرطوم و دولة الإمارات العربية المتحدة، لإحلال الأمن والسلام في السودان. من جهته رحب البرهان بأي دور تركي يسهم في وقف الحرب التي سبّبتها “مليشيا الدعم السريع المتمردة”، مشيداً بمواقف تركيا الداعمة للسودان، ومثمناً جهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة و الإقليم، ومعالجتها للكثير من القضايا على المستويين الإقليمي و الدولي.
و استشهد البرهان بنجاح أنقرة في معالجة الملف السوري، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.
كيف وصلت العلاقات السودانية الإماراتية إلى هنا؟
و بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في إبريل من العام الماضي، وجهت الخرطوم اتهامات مباشرة إلى أبو ظبي بتقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع، وهي اتهامات عززها تقرير لخبراء الأمم المتحدة، كما دفعت في مارس الماضي بشكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، قالت فيها البعثة الدائمة للسودان بالأمم المتحدة، إن الحرب اندلعت بتخطيط آثم وإعداد خبيث من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك عبر “مليشيا” قوات الدعم السريع وغيرها من المليشيات المارقة المتحالفة معها، وفرق المرتزقة من تسع دول مختلفة.
و أشارت الخرطوم إلى أن استهداف مليشيا الدعم السريع بهجماتها المتعددة، والمتكررة، وبالغة الفظاعة ضد المدنيين، والعسكريين، و المنشآت المدنية، والمكونات الاثنية، لم يكن ليتطاول في أمده و فظاعاته بدون الدعم الصريح والواضح من الإمارات. وأوضحت الشكوى، أن الإمارات ترعى مليشيا الدعم السريع بالتمويل، والإسناد الدبلوماسي والإعلامي والدعائي واللوجستي، وبالتدخل العلني، ما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين الأبرياء، ونزوح وتهجير الملايين من السكان، و تعريض الملايين إلى التأثر غير المسبوق بالفجوة الغذائية، وانعدام الرعاية الصحية، ونقصان الأدوية، وتصاعد الشقاء، والمعاناة المهولة، و وقف عجلة الإنتاج، وانهيار الاقتصاد، وانتهاكات حقوق الإنسان، و جرائم ترقى إلى الإبادة لعرب دارفور، وتدمير البنى التحتية.
و في أكتوبر ، عززت الخرطوم شكواها بأدلة ووثائق جديدة، تقول إنها تثبت التورط الإماراتي في حرب السودان، بتزويد مليشيا الدعم السريع بالسلاح عبر مطارات تشاد، لكن الحكومة الإماراتية رفضت تلك الاتهامات ، و نفت قيامها بتزويد أطراف الصراع في السودان بالأسلحة و الذخيرة، منذ اندلاع النزاع في إبريل 2023، و أكدت عدم انحيازها إلى أي طرف، و أنها دعت إلى وقف التصعيد و إطلاق النار، و بدء الحوار السياسي، و أنها دعمت باكراً مسار العملية السياسية في السودان.
و في يوليو الماضي، نجح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وبوساطة منه، في جمع البرهان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد في مكالمة هاتفية، عبّر فيها البرهان عن امتعاضه من الدعم الإماراتي لدعم “الدعم السريع”، وأبلغ بن زايد بأن بلاده متهمة من قبل السودانيين وبأدلة و شواهد كثيرة، بدعمها للمتمردين، ودعمها لمن يقتل السودانيين ويدمر بلدهم ويشردهم، وعلى الإمارات التوقف عن ذلك، فيما أكد بن زايد حرص بلاده على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد، وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق، بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه، ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء، وكان متوقعاً إجراء لقاء مباشر بين البرهان ومحمد بن زايد، إلا أن العلاقات توترت أكثر بعد ذلك، لتكون وساطة أردوغان التي أعلنها الجمعة، خطوة مهمة ليس في طريق إصلاح العلاقات الثنائية، لكن أيضاً لجهة إنهاء الحرب في السودان.
و اشترط القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي أسامة حسون، لنجاح المبادرة التركية، التنسيق التام والتوافق مع التحركات الإقليمية و الدولية، وفي مقدمتها الجهود السعودية الأميركية التي قطعت أشواطاً في منبر جدة منذ العام الماضي، موضحاً في حديث مع “العربي الجديد”، أن الوساطة بين السودان والإمارات بمبادرة الرئيس رجب طيب أردوغان، ليست بمعزل عن الجهود الكلية لإنهاء حرب السودان، وعودة ملايين النازحين إلى ديارهم، مشيراً إلى أن التداخلات الخارجية، وثروات وموقع السودان الاستراتيجي، و اتباع سياسة الإقصاء وعدم التركيز على الوفاق السوداني، كل ذلك يجعل للمبادرات الخارجية دوراً مهماً في حل الأزمة السودانية، مؤكداً أنهم في الحزب الاتحادي يرحبون بمثل تلك الوساطات.
الأحداث