المليشيات ومعركة الدولة!
رشان أوشي
لا يكفي وقف الحرب لإطفاء الحريق، لا بد من التصدي للعقل الذي تسبب في اشتعاله وما زال مستمراً، التهرب من مواجهة جوهر المشكلة يجعل وقف الحرب مجرد هدنة ويؤسس لحريق أوسع.
عمر العقل الذي أنتج الحرب هنا يزيد على عقدين،. منذ النكبة الأولى و جمر النزاع في دارفور، ولا يموت الجمر حين يصرف الناس أنظارهم عن أصل الحريق لمجابهة حريق آخر يعتبر عاجلاً و ملحاً، جيل كامل ولد في ظل السياسات الخاطئة أو تحت أوجاع نتائجها، قتل كثيرون لكن الحلم تمرد على قاتليه.
لا يمكن ضمان استقرار شعب لا يثق العقل الذي ينتج السياسات في مؤسسات الدولة، كل أنواع المساحيق لا تخفي بشاعة أن تستعين الدولة بمليشيات في حربها ضد تمرد مليشيا صنعها ذات العقل.
ولا يمكن تكريس الموقف الآني الذي تجلى في منهج التدمير والتجويع وقطع الكهرباء والمياه والإنترنت، وتحويل المستشفيات إلى مقابر جماعية، في الاستعانة بمليشيات الحركات المسلحة للقضاء على تمرد مليشيا الدعم السريع، ومنحها صك بطولة يغسل عنها عار الماضي، الذي لا يمكن إنكاره.
من ينكر أن بعضاً من هذه الحركات، قد قاتل في ليبيا كمرتزقة ، انتهكوا سيادة الشعب الليبي، كما فعل بنا مرتزقة الدعم السريع القادمون من النيجر، تشاد و مالي؟.
ولا يحق للجيش أن ينتفض دفاعاً عن شبر أو طفل في السودان من بطش مليشيا متمردة، و يغمض عينيه عن نهر الأطفال القتلى في ليبيا، إبان إرتزاق بعض مليشيات الحركات المسلحة التي نزلت الميدان تقاتل بجانبه، وجنودها يرتدون “الكدمول” ويضع قادتها رتباً عسكرية على أكتافهم ، كما فعل منسوبو مليشيا آل دقلو من قبل، إزدواجية المعايير لا تلجم النار بل تصب الزيت عليها.
للسوداني كما لأي إنسان في العالم الحق في العيش الآمن في دولته. لا يمكن اختتام الجريمة بمعاقبة القتيل.
الدولة السودانية حاجة وطنية وإنسانية للسودانيين، دولة المؤسسات، التي تلتزم بالقيام بكامل واجباتها حقاً بديهياً، غيابه يشكل لطخة على ضمير القيادة العليا.
غياب الدولة السودانية بمفهومها المؤسساتي، سهل زعزعة استقرار الخريطة السودانية، وحرمان السودانيين من فرصة التقاط أنفاسهم.
إبراز دور مؤسسات الدولة في معركة الكرامة، والتعامل مع كل المشاركين في القتال من خارج تنظيم القوات النظامية كمستنفرين تحت لواء المقاومة الشعبية فقط، كما يجب نزع الرتب العسكرية عن أي كتف لم يعانق تراب الكلية الحربية السودانية.
إذاً إحياء مؤسسات الدولة حاجة وطنية ومطلب شعبي، ومن صميم أهداف معركة الكرامة التي سدد الشعب السوداني ثمنها غالياً من الأموال و الشهداء وشهور النزوح واللجوء وليالي الآلام.
الدولة خلال الفترة القادمة أحوج ما تكون للانصراف إلى معركة التنمية واللحاق بالثورة التكنولوجية ومكافحة البطالة والفقر والأفكار المعتمة الانتحارية. لأن مشاهد البطش والظلم والقهر ولادة للعنف والتطرف والإرهاب التي صورتها حرب ١٥/ أبريل، تجعل ظواهر كالمليشيات التي تسوق لوجودها عبر معركة الكرامة، مشهداً مخيفاً ومرفوض تماماً.
محبتي واحترامي