حرب السودان.. مدنيون في منازل محاصرة بالجوع
وضعت حرب السودان المستعرة بين الجيش والدعم السريع، والمستمرة منذ (11) شهرًا – وضعت ملايين المدنيين في “عالم صامت” عن ما يجري في هذا البلد، حسب ما يقول نشطاء في غرف الطوارئ.
يقترح عامل إنساني اتفاق هدنة بين الجيش والدعم السريع لإيصال الغذاء إلى ملايين السودانيين
تقول غرف الطوارئ إن عشرات المطابخ الجماعية في العاصمة الخرطوم توقفت عن العمل بسبب قطع الاتصالات، في ظل اتهامات متبادلة بين الجيش والدعم السريع في هذا الصدد. بالمقابل قالت شركة (زين – السودان) المستحوذة بشكل رئيسي على سوق الاتصالات في السودان، إن جنود الدعم السريع قاموا بقطع الكهرباء في مركز رئيسي يقع جنوب الخرطوم منذ مطلع شباط/فبراير الماضي.
يقول عضو في غرفة الطوارئ في شرق النيل لـ”الترا سودان” إن المطابخ الجماعية في محلية شرق النيل ساعدت في إغاثة عشرات الآلاف من العالقين في منطقة الحرب بالعاصمة، وبسبب انقطاع الاتصالات فإنها مهددة بالتوقف، وبعضها خرجت عن الخدمة.
ويصف هذا المتطوع العاصمة الخرطوم بـ”المنطقة المظلمة” بعد (11) شهرًا من القتال بين الجيش والدعم السريع، لجهة أن المجتمع الدولي لم يتمكن من فعل شيء للضغط على طرفي النزاع وإدخال الإغاثة إلى ملايين الجوعى.
وبعد مفاوضات شاقة تمكنت الأمم المتحدة عبر مكتبها في مدينة بورتسودان من انتزاع موافقة الحكومة القائمة لنقل الإغاثة إلى المتأثرين بالحرب عبر دولتي تشاد وجنوب السودان حسب ما صرحت منسق الأمم المتحدة في السودان الثلاثاء.
وتقتصر المسارات التي حددتها الحكومة السودانية لدخول الإغاثة عبر جنوب السودان من الرنك إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض الواقعة تحت سيطرة الجيش، ومن مدينة الطينة التشادية إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور الواقعة تحت سيطرة الجيش أيضًا.
وفي حديث مع “الترا سودان”، يقول علي الحاج أحمد، المستشار السابق في منظمة دولية، إن الحكومة السودانية وافقت على إدخال الإغاثة وحددت مدن واقعة تحت سيطرة الجيش لذلك، من تشاد وجنوب السودان، ما يضع الإغاثة تحت الرقابة العسكرية حتى لا تستخدم بواسطة قوات الدعم السريع.
ويرى الحاج أن وصول الإغاثة إلى المتأثرين بالحرب في العاصمة الخرطوم قد يواجه بعض الإشكالات المعقدة أكثر من دول الجوار، لأن مناطق سيطرة الأطراف العسكرية تختلف من منطقة إلى أخرى.
وأردف: “الحل الأمثل يكمن في تنسيق المنظمات والأمم المتحدة مع غرف الطوارئ بالعاصمة الخرطوم لتقوم بتوزيع الإغاثة على المواطنين في الأحياء المحاصرة بالحرب، جنبًا إلى جنب مع العاملين الدوليين والمحليين. ورغم أن هذا المقترح قد يثير جدلًا، لكنه حل متوفر وسريع في الوصول إلى المدنيين”.
لكن العامل في المجال الإنساني أحمد حيدر يقترح الوصول إلى اتفاق هدنة مؤسسة بين الجيش والدعم السريع عبر منبر جدة بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإدخال الإغاثة إلى نحو (25) مليون شخص في السودان هم في حاجة للإغاثة.
وقال حيدر لـ”الترا سودان” إن المجتمع الدولي يجب أن يضمن اتفاق هدنة خلال الأسبوعين القادمين على أقل تقدير لإطعام ملايين السودانيين في حرب لم ترحمهم ولم تمنحهم ممرات آمنة أو الحصول على الغذاء والعلاج.
ويعتقد حيدر أن عملية إدخال الإغاثة إلى السودان من أي منفذ ستكون عملية معقدة لأن الطرفين المتحاربين ينعدم بينهما الثقة تمامًا، بالتالي في هذه الحالة يجب أن يكون المجتمع الدولي “قويًا بما فيه الكفاية” لتنفيذ هذه الخطة على أكمل وجه، وهذا غير ممكن وفقًا لمجريات الأحداث.
الترا سودان