الدبيبة.. هل يفتتح مبادرته في أزمة السودان بإحداث اختراق؟
في تطور مفاجئ للوضع في السودان، قدم رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة دعوة إلى قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو لزيارة طرابلس لبحث إمكانية تهدئة الصراع المسلح في السودان.
قلل مصدر دبلوماسي من نجاح المبادرة الليبية في جمع الجنرالين وقال إن الوقت غير مناسب
دعوة الدبيبة إلى حميدتي سبقتها دعوة إلى قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لزيارة ليبيا خلال الشهر القادم على أقل تقدير.
التحرك الليبي نحو الأزمة السودانية تزامنت مع تزايد الأزمة الإنسانية بالنسبة لعشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية، وتعبر الحكومة الليبية عن قلقها في هذا الخصوص.
تقع ليبيا على حدود طويلة مع السودان، تشمل أجزاء من إقليم دارفور وأجزاء من الولاية الشمالية ظلت مرشحة لتكون بؤرة ساخنة خلال الفترة القادمة، إذا تمددت رقعة القتال في السودان شمالًا وإلى إقليم دارفور.
وكانت قوات الدعم السريع شيدت مركزًا عسكريًا على الحدود مع ليبيا قبل سنوات، للحد من الهجرات غير النظامية من إفريقيا نحو البحر المتوسط والتسلل إلى أوروبا، وذلك بتعاون سري مع الاتحاد الأوروبي وفق ما يقول ناشطون سودانيون.
يقول محمد كمال الباحث السياسي، إن العرض الليبي لبحث إمكانية الوساطة بين الجنرالين السودانيين ينطلق من مخاوف جدية من انزلاق الإقليم إلى صراع طويل الأمد.
ويقول كمال لـ”الترا سودان” إن دول الجوار لم تتعامل مع الملف السوداني بواقعية، وظلت تراقب الأزمة في صمت لما يقارب الـ (10) أشهر، وحاليًا “تتحسس” مصالحها المهددة بفعل القتال في السودان.
وأضاف: “الحرب في السودان تؤدي إلى أزمة لجوء إلى جميع دول الجوار، وليبيا ليست استثناء، بل هي وجهة مفضلة لمئات الآلاف من إقليم دارفور بسبب قربها مع الحدود، والوضع الأفضل نسبيًا في مجال العمل والتنقل، والمرونة في التعامل مع اللاجئين”.
في تقارير دورية أصدرتها الأمم المتحدة وثقت وجود آلاف المقاتلين من الحركات المسلحة، ومجموعة موسى هلال كانت مصدرًا للعتاد العسكري في ليبيا خلال العامين الماضين، وذلك بمساندة الأطراف المتصارعة في ليبيا وقوات الدعم السريع لم تكن بعيدة عن هذه العمليات.
وانتخب الدبيبة رئيسًا للحكومة الليبية في العام 2021 عبر ملتقى الحوار الليبي، وحصل على أعلى الأصوات من خلال الجمعية العامة لهذا الملتقى في جنيف السويسرية، وهو أحد الشخصيات الليبية التي عملت على تشييد البنى التحتية في بلده كونه درس الهندسة.
محلل في العلاقات الدولية: الدعوة الليبية تنطلق من مخاوف انفراط الوضع في السودان خاصة في إقليم دارفور
ويقول محلل في العلاقات الدولية مشترطًا عدم ذكر اسمه لحساسية الأمر، إن الدعوة الليبية تنطلق من مخاوف انفراط الوضع في السودان، خاصة في اقليم دارفور مع تهديدات الحرب التي تلاحق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهذا الإقليم يأوي ملايين النازحين الذين لن يجدوا مفرًا سوى الذهاب إلى ليبيا بحثًا عن الأمان والفرار من الحرب.
ويوضح المحلل في العلاقات في الدولية والذي يعمل في مركز دراسات في إفريقيا، أن حرب السودان تهدد استقرار الإقليم، ودول مثل ليبيا لديها أزمات داخلية وتخشى من أن يؤثر القتال على الوضع في طرابلس، خاصة مع التقاطعات الدولية في ليبيا والسودان، وانحياز بعض الدول إلى أحد الأطراف المتحاربة وتداخلاتها في الأزمة في كل من ليبيا والسودان.
وكشف هذا المحلل أن تقريرًا سريًا جرى إعداده في أحد المراكز الإفريقية، حذر من أن الحرب في السودان ستؤثر على دول الجوار بشكل مباشر من خلال دفع ملايين المدنيين إلى النزوح إلى دول تعاني من هشاشة أمنية واقتصادية، ولديها مصالح جيوسياسية مع دول أخرى، مشيرًا إلى اختلاف هذه المصالح من بلد إلى آخر.
ويقلل المصدر الدبلوماسي من نجاح مساعي الدبيبة في خلق تجسير بين الجنرالين البرهان وحميدتي، وقال إن ليبيا ستعمل على تقليل المخاطر التي قد تطالها من حرب السودان إذا لم تنجح مبادرتها، لأن الوقت غير مناسب لنجاح المبادرات في ظل حشود للطرفين في السودان لحسم المعارك عسكريًا.
الترا سودان