الحرب في السودان انتهت
كان بالسر في المنامة كان بالشرعي في بورسودان .. كان بالمسيار في جدة .. كان بمفاوضات صف ثاني ميدانية قبلية بدون إذن الوسطاء و”الأسياد” .. في اتفاق حا يحصل، ولن يكون له صلة بالمخطط الخارجي الأول والذي قام أصلا على (تفصيل) من نقطتين لا ثالث لهما:
1- شعب أعزل غير مسلح، منقسم على نفسه، خاضع لتضليل اعلامي كثيف و”شيطنة” للصف الوطني الحقيقي و”تلميع” لمجموعات مزيفة.
2- جيش مستضعف سياسيا، ومحروم من اسناد ظهره للداخل، بالفوبيا من “الكوزنة” والفلول.
كان يفترض استمرار هذا الوضع .. مع استخدام اغراءات وألاعيب لتخدير قيادة الجيش بانحياز خارجي وشيك لصالحهم ضد الدعم السريع، مقابل عدم القيام بأي إجراء من شأنه أن يؤدي للخروج من (التفصيل) أعلاه، ومن ثم، يعاودون التفكيك مرة أخرى، بذات الطريقة التي لم تكتمل في أبريل 2023، وهي تصفية القيادات وتنصيب قيادة عميلة واحالة نصف الضباط تقريبا للمعاش وادخال البقية في المليشيا قسرا، بعد تسليمها المواقع الكبيرة.
اللحظة التي اتخذ فيها الجيش القرار بتسليح المقاومة الشعبية .. حتى ولو لم ينجح الأمر في بعض المناطق لصعوبة الامداد .. هي لحظة نهاية المخطط.
نعم .. هي “لحظة” لكن الوصول اليها استغرق شهورا من الممانعة والحلول المؤقتة والناقصة .. بسبب الاغراءات والعشم الكاذب في الخارج.
هل يمكن التراجع عن المقاومة الشعبية المسلحة؟! طبعا لا!
بالعقل كدا .. في مواطن .. تم تهديده بالقتل والسلب ومصادرة حقوقه تحت حكم أجانب مستوطنين وقناصين مرتزقة .. روس وإثيوبيين وجنوبيين .. ويلقى “كاتم صوت” في يده بفكه تاني؟!
هل تاني في مواطن بسمع كلام سياسي مرتشي من الخارج يقول له ما تدافع عن نفسك وقول (لا للحرب!) وسلم العدو مفتاح عربيتك وتكة سروالك لأن مشكلتك مع “الكيزان” ما معاهم؟!
التحدي ليس في إدارة غضب مؤقت وفورة لبن كما قال البعض، التحدي الحقيقي أمام الجيش والحكومة المقبلة، سيكون في تنظيم وتنسيق الإحتياطي الشعبي وفق رغبة المواطنين المسلحين وأسر الشهداء و وفق الجيش وبالذات تشكيلاته الخاصة التي خاضت المعارك من إبريل إلى الآن .. ولن يجرؤ أي شخص على المناورة مع هذه الكتلة الحرجة لصالح طرف خارجي، مهما كان الاغراء.
ومن لا يستطيع التعايش مع هذا الواقع الأفضل له قطعا الابتعاد عنه، وتركه لمن يعرف ما هو الدور الحقيقي للحكومة في الفترة المقبلة.
كل “الجقلبة” حصلت بعد المقاومة الشعبية التي أفرج عنها الجيش وشاهدنا بعدها مسرحا من البهدلة السياسية .. رعاة المليشيا الخارجيين .. زولهم كان طويل ولا قصير، كان مجمع ولا مزهلل، كان حقيقي ولا مضروب، مرقوه وخرمج، “علي كرتي قال لي” .. و “غندور ونسني” .. و”برهان طلع بسفنجة”. واجتماع أديس قايلنوا مناقشة دكتوراة طلع تخريج روضة، وهي روضة تابعة لإصلاحية أحداث، فيها أطفال تم استعادتهم من عصابات تسول، وملقطين من الشوارع، لا تزال عيونهم تستعطف المارة.
الآن، لا يملك أي طرف .. التوقيع عن مواطنين في حقهم الخاص وكسبهم الحلال ومدخرات عمرهم وشرف بناتهم .. ولن يجرؤ أي طرف على فرض المليشيا وخدمها السياسيين على الشعب في معادلة الحكم ليقننوا ويشرعنوا ما حدث.
لذلك الحرب انتهت .. والحل الوطني سيتم فرضه.
بل أتوقع في بعض المناطق قيادات الصف الثاني من “الدعم السريع” ستفاوض دون الرجوع للمستوى الاعلى حتى لا تنتظر المساومة بها.
مكي المغربي