السودان الجديد ـ يعتقد بعض مؤيدي القوات المسلحة ان الانتصارات التي تحققت في محور ام درمان هي انتصارات صغيرة و تتكرر الاحاديث غير البرئية مثل (الدعم السريع احتل مدينة والجيش حرر عمارة ) (الجيش 9 شهور بحرر في الاذاعة)التي ترددها غرف اعلام المليشيا و بثها عن طريق ناشطين يتدثرون بثياب (لا للحرب) وهي احاديث مفخخة يمكن ان تؤثر على الرأي العام وتحبط معنويات المناصرين.
تعتمد حرب المدن على استراتيجات استكشاف البيئة و تكييف المقاتلين عليها و اعدادهم للقتال فيها وهي استراتيجات تم تدريب افراد المليشيا عليها بواسطة خبراء اجانب ووجدت شهادات و اوراق عن التدريب في معسكر سركاب الخاص بالمليشيا بعد اقتحامه من قبل القوات المسلحة ، هذا التدريب ساعد المليشيا على الصمود في منطقة ام درمان القديمة حيث قامت المليشيا باحتلال احياء مدنية منذ الايام الاولى للحرب وهي احياء (ود نوباوي ،حي العرب، حي العمدة ، المسالمة ، ود ارو ، ود البنا ، ابوكدوك، ابوروف ، بيت المال ، الملازمين) بالاضافة الى تمركز المليشيا في سوق ام درمان بالكامل و اتخاذ المباني العالية فيه كتحصينات مليئة بالقناصة المسلحين ببنادق قنص بعيدة المدى.
يعتبر تحصن العدو بالمباني واحد من اقوى تكتيكات حرب المدن و الشوارع حيث يمكن للعدو ان يقوم بنصب بنادق قنص ويقوم من خلالها باستهداف الجنود و العربات القتالية من مسافات بعيدة مما يعيق محاولات تقدم اي متحرك قتالي ، قامت المليشيا ايضاُ بنصب منصات اطلاق صورايخ الكورنيت (Kornet) وهي صواريخ مضادة للدبابات روسية الصنع وذات قوة تدميرية كبيرة باهظة الثمن ولكن لا تغلى على داعم المليشيا الخارجي ، ايضاً قامت المليشيا بنصب مدفعية الهاون 82 مم و 120 مم في اماكن يصعب رصدها و استهدافها وهي مدفعية مصممة في الاساس للحركة السريعة و الدفاعات ويمكنك وضعها باحداثيات ثابتة في مسارات مرور تقدم القوات المسلحة للهجوم عليهم.
تصعب مهاجمة العدو المتحصن بالمباني الاسمنتية حيث يتبقى امامك خيارين اما تدمير المبنى بالكامل بالمدفعية الثقيلة و الراجمات او الهجوم عليه للتحييد ، يبقى الخيار الاول صعباً حيث يوجد عدد كبير من المباني العالية في منطقة وسط ام درمان وهي مباني مواطنين و تجار ومن الضرر بمكان هدمها بالكامل لذلك لجأ الجيش للخيار الثاني وهو خيار الهجوم وهو خيار مكلف جداً للعنصر البشري المتمثل في الجنود حيث يمكن ان يكونوا عرضة للقنص و المدفعية ويجب القيام بثلاث خطوات اساسية هي الاسناد وهو يتمثل في محاصرة المكان وتغطية خط الامداد للهجوم ،الخطوة الثانية هي التأمين وتتمثل في فتح ثغرة لدخول القوة المهاجمة ، الثالثة هي الهجوم وهي القوة المسئولة عن القضاء على العدو وتحييد المكان.
كانت معركة تحييد سوق ام درمان من اصعب و اشرس المعارك لانها كانت مع عدو غير تقليدي يمتلك المال و المرتزقة الاجانب و يمتلك مقاتلين مدربين على حرب المدن و الالتفاف مصحوبة بخبرات خطط عسركية اجنبية مستجلبة من دول متعددة ، استخدم الجيش تكتيكات عسكرية (لن نفصح عنها) لكنها كانت ناجعة وسددت ضربات قوية للمليشيا ومنذ بداية معركة التحرير في خواتيم العام لم يخسر الجيش اي منطقة في ام درمان القديمة ، كان العامل الذي يؤرق مضاجع الناس هو تأخر الزمن واستعجال النصر ولكن الصبر واستخدام استراتيجيات مضادة صنعتها ظروف المعركة اكسبت القوات المسلحة خبرات كبيرة في هذه المعركة.
قدمت القوات المسلحة وهيئة العمليات و الاحتياطي المركزي و المجاهدين عدد من الشهداء و الجرحى في هذه المعركة ، صبروا و رابطوا وعاشوا اياماً قاسية في منطقة مقطوع عنها الماء و الكهرباء و الاتصالات ويصلك الاكل و الشرب بصعوبة خشية الاستهداف من العدو القريب منك ، فتية و رجال اكارم دفنوا اخوانهم وصبروا على الهجوم المضاد و المدفعية و الكورنيت حتى يتحرر الوطن من دنس المليشيا، نسأل الله ان يتقبل شهيدهم ويشفي جريحهم ويتقبل جهادهم و يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
ختاماً لا تقللوا من نصر اخوانكم فما فعلوه لو اكتمل بوصل جيش كرري بجيش المهندسين سيكون فاتحة خير وستكون بداية المعركة الكبرى مع المليشيا في الخرطوم وفك حصار الوحدات العسكرية.
عبدالرحمن الضو