قصص كفاح السودانيات في الولايات.. مهنٌ فرضتها ظروف الحرب
توجّهت منذ الصباح الباكر ناحية السوق الذي يبعد عن مكان إقامتها بضع كيلو مترات، وفي ركن صغير بجانب متجر اتخذته مكاناً لبيع الشاي، لتقوم بإيقاد النار، مُعلنةً بداية يوم شاق تتلفح فيه هجير الشمس والنار التي أمامها.
هكذا هو حال ربة المنزل، سعاد محمد، التي حكت قصتها لـ(السوداني) وقالت: (نزحت وأولادي من الخرطوم إلى الجزيرة بعد الحرب بثلاثة أشهر، فقد فيها زوجي وظيفته ثم ساء بعدها وضعه الصحي، ولم يكن هناك خيارٌ آخر غير العمل، وأنا أم لثمانية بنات اثنتان منهن يعملن معي في بيع الشاي، وما أتحصل عليه من عملي للأكل والشرب لأننا نسكن مع أقاربنا، ولا بد أن نتحمّل مسؤوليتنا لأننا أسرة كبيرة، بجانب أن زوجي يحتاج للعلاج، خاصةً أنه كبير في السن، رغم المعاناة والتعب، إلّا أنّني سعيدة لأنني لم أمد يدي لأحد).
كفاحٌ وصمود
تحدثت لـ(السوداني) عدد من النساء المكافحات الصامدات في وجه تلك الظروف الصعبة من بينهن ربة المنزل، وصال، التي قالت إنها نزحت من منطقة شرق النيل إلى عطبرة، وقبل الحرب كانت تعمل موظفة بوزارة المالية وهي أم لثلاثة أبناء، وبعد أن فقدت وظيفتها بسبب الحرب اضطرت لبيع الملابس والأواني المنزلية بالسوق لتوفير لقمة العيش، مؤكدة بأنها راضية تمام الرضاء بما قُسِّم لها.
سوء الأحوال
حكت الممرضة، آسيا، قصتها لـ(السوداني) بقولها: (كنت أعمل بمستوصف خاص بمنطقة الخرطوم٢ وأنا أسكن منطقة الديم، كنا من أوائل المتضررين من الحرب بحسب المكان، غادرنا وأولادي وزوجي الذي يعمل في مجال البناء لمنطقة الكلاكلات وعملت في مركز صحي لمدة، قبل أن تسوء الأحوال لنغادر مرة أخرى إلى أم درمان ومنها نزحنا إلى قرية صغيرة بالولاية الشمالية.. هنا فقدت عملي ومصدر دخلي ولم يكن هناك خيارٌ آخر غير أن أعمل في بيع الزلابية والفول والتسالي، بعد عجزي عن الحصول على عمل في مجالي، الحمد لله استطعت توفير ما يسد رمقنا، أسأل الله أن تهدأ الأوضاع ونعود لمنازلنا).
عدم اليأس
تحدثت كذلك لـ(السوداني) الشقيقتان سامية أم لأربعة أبناء، وفاطمة أم لستة، الأولى أرملة والثانية مُطلقة، إنهما كانتا تملكان مشغلاً خاصاً بهما لتطريز الثياب النسائية بأم درمان، لكن أثناء الحرب نُهب المحل وهُدّم، كذلك تضررت المنطقة التي تقطنان فيها بالقذائف لتغادران إلى مدينة مدني وبعد معاناة ووقفة بعض الأهل وبيع ما يملكن من ذهب استطاعتا إقامة مشروع صغير في نفس المجال بمدني، ولكن حدث ما لم يحمد عقباه أن قامت الاشتباكات أيضاً في مدني التي اقتحمتها قوات الدعم السريع وفقدتا مرة أخرى مشروعهما ونزحتا بخفي حنين إلى مدينة سنار، وأكدتا لـ(السوداني) بأنهما لم ييأسا بل صمدتا وتعملان الآن مع صاحب مطعم لتعويض ما فقد منهما، حيث تقيمان بإعداد الطبيخ مقابل أجر مادي لا بأس به.
صحيفة السوداني