كشف تقرير أعده فريق مراقبي الأمم تفاصيل الإمداد العسكري، الذي تتلقاه قوات الدعم السريع، من الخارج.
ونقل التقرير عن شهود عيان ومقاطع فيديو، أن قوات الدعم السريع استخدمت، في حملتها العسكرية المتزايدة في دارفور منذ أغسطس، عدة أنواع من الأسلحة الثقيلة والمتطورة التي لم تكن تستخدمها هناك من قبل. وشمل ذلك المسيرات القتالية بدون طيار (UCAV)، ومدافع الهاوتزر، وقاذفات الصواريخ المتعددة، والأسلحة المضادة للطائرات مثل منظومات الدفاع الجوي المحمولة، التي شُوهِدت في نيالا والفاشر والجنينة.
وأضاف تقرير الخبراء: “كان لهذه القوة النارية الجديدة لقوات الدعم السريع تأثير هائل على توازن القوى على الأرض، سواء في دارفور أو في المناطق الأخرى. لعبت عناصر المدفعية الثقيلة الجديدة التابعة لقوات الدعم السريع دوراً رئيسياً في الاستيلاء على نيالا والجنينة، وفقاً لمصادر محلية مختلفة بما في ذلك القوات المسلحة السودانية، في حين ساعدت الأجهزة الجديدة المضادة للطائرات قوات الدعم السريع في مواجهة القوات الجوية للجيش السوداني. على سبيل المثال، في أكتوبر، وفقاً للبيانات الرسمية ومصادر محلية مختلفة ومقاطع فيديو، أسقطت قوات الدعم السريع طائرة أنتونوف تابعة للجيش في منطقة نيالا. وفي مقطع فيديو لطاقم قوات الدعم السريع الذي أسقط الطائرة، تعرفت اللجنة على منظومات دفاع جوي محمولة، من المحتمل أنها من نوع SA-7 19”.
وحدد فريق الأمم المتحدة ثلاثة طرق رئيسية، لا تزال نشطة حتى الآن، لإمدادات قوات الدعم السريع. وكان الطريق الرئيسي عبر شرق تشاد. ومنذ شهر يونيو، لاحظ العديد من خبراء تتبع الرحلات الجوية تناوباً كثيفاً لطائرات الشحن القادمة من مطار أبوظبي الدولي إلى مطار أم جرس في شرق تشاد، مع توقفها في دول إقليمية مثل أوغندا وكينيا ورواندا. وزعمت عدة تقارير إعلامية أن الطائرات كانت تنقل أسلحة وذخائر والمعدات الطبية لقوات الدعم السريع.
واتهم عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا، الإمارات وتشاد بتقديم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع عبر أم جرس، وردت دولة الإمارات العربية المتحدة على هذه الاتهامات بالقول إن طائرات الشحن كان لها غرض إنساني، لا سيما إنشاء مستشفى ميداني في أم جرس للاجئين السودانيين.
ووفقاً للمعلومات التي جمعها فريق الأمم المتحدة من مصادر في تشاد ودارفور حول دعم الإمارات للدعم السريع، كانت هذه الادعاءات “ذات مصداقية”.
وأبلغت عدة مصادر في شرق تشاد ودارفور، بما في ذلك القادة المحليين والإداريين المحليين والجماعات المسلحة العاملة في هذه المناطق، الفريق أنه تم تفريغ شحنات الأسلحة والذخيرة عدة مرات في الأسبوع من طائرات الشحن التي وصلت إلى مطار أم جرس، وتم نقل 24 منها على ظهر الشاحنات. وخرجت قوافل صغيرة مكونة من شاحنة إلى ثلاث شاحنات ترافقها سيارات لاندكروزر مسلحة من المطار عبر البوابة الغربية ووصلت إلى حدود دارفور عبر باو أو كرياري، حيث تم تسليم الشحنات إلى قوات الدعم السريع. وقامت قوات الدعم السريع بنقل الشحنات إلى قاعدتها في الزرق، ثم تم توزيع بعض الأسلحة على مواقع قوات الدعم السريع في دارفور، في حين تم نقل معظمها من الزرق إلى الخرطوم عبر الطرق الصحراوية في شمال شرق البلاد، والتي يستخدمها عادة المهربون.
وفي ردها المؤرخ 21 ديسمبر 2023، نفت الإمارات أي تورط في شحن الأسلحة والذخيرة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع عبر تشاد. كما أشارت إلى أن الرحلات الجوية من دولة الإمارات العربية المتحدة نقلت مساعدات إنسانية.
في حين لم يتلق فريق الأمم المتحدة بعد رداً من تشاد، حتى 22 ديسمبر 2023.
وكشف فريق الأمم المتحدة ان العديد من القادة الميدانيين لقوات الدعم السريع، اشرفوا على نقل الأسلحة إلى دارفور والسودان، حيث تم اختيارهم لمعرفتهم بالمنطقة الحدودية والطرق الصحراوية. وكان من بينهم عبد الله شجاب، قائد ميداني سابق في جيش تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي، انضم إلى قوات الدعم السريع في عام 2014، وهو الآن أحد القادة الميدانيين لقوات الدعم السريع في الخرطوم بحري – من مجتمع الزغاوة. وتراوحت هذه الإمدادات المتدفقة واسعة النطاق من الأسلحة الصغيرة والخفيفة إلى الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للطائرات ومدافع الهاون وأنواع مختلفة من الذخيرة.
وابان تقرير الخبراء وفقاً لمصادر مختلفة، لا سيما بين أفراد من جنوب ليبيا، ان مجتمعات مثل التبو والجماعات المسلحة الدارفورية المتمركزة في ليبيا، ساعدوا قوات الدعم السريع في استخدام طريق إمداد آخر إلى دارفور، من جنوب ليبيا. واشترت قوات الدعم السريع كميات كبيرة من الوقود من هناك. ولعبت بعض عناصر الحركات المسلحة الدارفورية في ليبيا؛ والتي كانت لديها تسهيلات لشراء الوقود بسعر أرخص بفضل علاقاتها مع الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر، حيث كان له دوراً رائداً في عمليات التهريب. وقامت شاحنات وقود – تتبع للحركات يرافقها بعض عناصرها – بنقل الوقود إلى قوات الدعم السريع.
واوضح الخبراء ان قوات الدعم السريع اشترت أيضاً سيارات من ليبيا، ولا سيما سيارات تويوتا لاندكروزر (تاتشرات) التي كانت ضرورية مثل الوقود، لأنها تعتمد عليها في تكتيكاتها العسكرية القائمة على الحركة والسرعة. على سبيل المثال، كان الفريق على علم بحالة حدثت في سبتمبر عندما استوردت قوات الدعم السريع عدة عشرات من السيارات الجديدة من جنوب ليبيا. وتم تجميع السيارات في سبها، ثم تم نقلها الزرق في دارفور بواسطة سائقين استأجرتهم قوات الدعم السريع، عبر الكفرة. وفي حالة أخرى عندما عادوا من ليبيا إلى السودان عبر دارفور للانضمام إلى قوات الدعم السريع في منتصف عام 2023، جاءت الجماعات المنشقة عن هلال مع العشرات من سيارات اللاندكروزر الجديدة، اشترتها لهم قوات الدعم السريع.
وتمكنت قوات الدعم السريع أيضا من شراء الأسلحة عبر ليبيا. على سبيل المثال، كان فريق الأمم المتحدة على علم بأنه في الأسابيع الأولى من النزاع، طلبت قوات الدعم السريع التعاون من إحدى الحركات المسلحة الدارفورية المتمركزة في ليبيا في نقل قطع المدفعية والذخيرة التي تم الحصول عليها من ليبيا إلى دارفور، واقترحت في المقابل إعطاء حصة من العتاد – المعدات اللازمة للحركة – وبينما كانت القيادات الميدانية للحركة مؤيدة لتلك الصفقة، إلا أن ذلك لم يحدث لأن رئيس الحركة استخدم حق النقض (الفيتو) عليها.
وفي هذه العمليات من ليبيا، استفادت قوات الدعم السريع من التنسيق مع العديد من ألوية الجيش الوطني الليبي المتمركزة في جنوب ليبيا، وشمل ذلك كتيبة سبل السلام، وهي كتيبة سلفية متمركزة في الكفرة وتسيطر على الحدود مع السودان، وكانت بعض قوات الدعم السريع تتعاون معها بالفعل في أنشطة التهريب قبل الحرب. ووفقا لمصادر ليبية مختلفة، كان لكتيبة سبل السلام دور فعال في تسهيل إمداد قوات الدعم السريع بالوقود والسيارات والذخيرة. كما شارك اللواء 128، الذي كان له وجود في المحليات الجنوبية مثل سبها وكان الشريك الليبي الرئيسي للحركات المسلحة في دارفور.
وأكد التقرير ان قوات الدعم السريع قامت بتأمين طريق إمداد من جنوب السودان بالوقود، كما تتحرك الشاحنات المحملة بالطعام من جوبا إلى واو أسبوعياً، ومن واو، حيث يُنقل الوقود بسيارات مدنية مثل لاندكروزر إلى راجا، ثم إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في جنوب دارفور، عبر كافي كنجي. بينما كان ضباط محليون من جنوب السودان، مثل بعض ضباط الجيش الشعبي في واو، متورطين في هذا التهريب، ولم تلعب سلطات حكومة جنوب السودان أي دور.
وبين الفريق أن عمليات نقل الأسلحة والذخيرة إلى دارفور تشكل انتهاكا لحظر الأسلحة.
ووفقا لمصادر متعددة في السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، حصلت 27 قوة من قوات الدعم السريع على أسلحة وذخائر في شمال شرق جمهورية أفريقيا الوسطى في مناسبتين في الأسابيع الأولى من النزاع. وتمت الصفقة الأولى في 28 أبريل 2023 عندما سافرت ثلاث مركبات تابعة لقوات الدعم السريع من منطقة أم دافوق بالسودان، إلى بيراو في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تلقت الدفعة الأولى من الأسلحة. كما تمت صفقة مماثلة في 3 مايو، على بعد حوالي 25 كيلومتراً شرق بيراو، في تيرفيلي بجمهورية أفريقيا الوسطى. وقد أثارت السلطات السودانية في بانغي هذه القضية مع حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى بعد المعاملة الأولى، وهو ما قد يفسر التحول إلى موقع أكثر سرية للتسليم الثاني.
ووفقاً لمصادر عسكرية متعددة، شملت هذه الأسلحة منظومات الدفاع الجوي المحمولة والذخائر المرتبطة بها التي سعت قوات الدعم السريع إلى الحصول عليها لمواجهة القوات الجوية السودانية. وفي وقت لاحق، قامت قوات الدعم السريع بنقل هذه الإمدادات العسكرية من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى جنوب دارفور، مروراً بمنطقة أم دافوق، قبل أن تصل في نهاية المطاف إلى الخرطوم.
وتم تنسيق العمليات وتنفيذها من قبل قائد بقوات الدعم السريع يُدعى الجزولي عبد الله – من أبناء قبيلة التعايشة – يعمل من منطقة أم دافوق. وقبل انضمامه إلى الدعم السريع، كان له تاريخ حافل كمهرب أسلحة نشط في المنطقة الحدودية. وكان معروفاً بتزويد الأسلحة لمختلف الجماعات المتمردة في جمهورية أفريقيا الوسطى. علاوة على ذلك، حافظ الجزولي على علاقات تجارية جيدة مع سلطان كارا ومقره مدينة تيرفيلي.
ومن خلال الانخراط في عمليات الأسلحة هذه – الاستحواذ والنقل – تكون قوات الدعم السريع قد انتهكت حظر الأسلحة المفروض على دارفور.
تسامح نيوز