حياة المدنيين في الخرطوم.. بين القهر والترويع وانتهاكات الدعم السريع

السودان الجديد ـ بين معتقلات الرياض وسجن سوبا يعيش يواجه المدنيين ظروفًا قاسية من قبل قوات الدعم السريع، واتهامات بالانتساب للجيش أو المستنفرين، إلى جانب مطالبة ذوي المعتقلين لدفع فدية باهظة في حال التعرف على أماكن اعتقالهم.

لم يكن يعلم محمد مهدي إنه مع نزوله من كوبري سوبا شرق بشرق النيل الذي تعود أن يسلكه عندما يريد إخراج جزء من بضاعته والتي تكفيه الحاجة عن السؤال في مدينة ود مدني سيتعرف على وجه آخر لقوات الدعم السريع المسيطرة على أجزاء كبير من الخرطوم، خاصة وأنه يدفع مبالغ مالية كبيرة لهم لكي لا يعترضوا طريقه، وعند منطقة العيلفون أوقفته مجموعة من أفراد الدعم السريع تطالبه بالفاتورة الضريبية لما يحمله مع مبلغ مالي قدره 200.000 الف جينه سوداني حتى يتمكن من العبور.
ويفيد محمد أن أحد الأفراد قام بضربه بعد أن أخبره بأخذ كل ما يملكه من مال في آخر ارتكاز لقواتهم، و بعد إثبات الفاتورة الضريبية التي تؤكد تبعية البضاعة له وأنه لم يسرقها كما زعم أحد أفراد ذات المجموعة التي كانت تقوم بتهديده وتتحرى معه، و حين أصر محمد على موقفه بأنه لا يملك ما يدفعه تم سحب العربية داخل مطعم (النيل للأسماك) بشرق النيل وحبسه في (الدبس) كما يطلق عليها مقر البلاغات.
وكشف التاجر محمد مهدي الذي تم حبسه في إحدى مقار الدعم السريع بالخرطوم، عن علمه أثناء تواجده أن قوات الدعم السريع تقوم بمحاكمات للمدنيين وترحيلهم إلى سجن سوبا أو إلى معتقلاتهم التي بالرياض، وأضاف محمد أن الحكم يأتي على حسب هوى القائد ورؤيته للموضوع وشكل الشخص.
مبينًا ترحيل 3 أشخاص أمام أعينه إلى معتقلات الرياض، مشيرًا إلى سماع جندي يقول (ديل تبع الرياض) بسبب أنهم شباب في ربيعهم الثاني، ويحلقون رؤوسهم كمجندين لدى الجيش والتشهير بهم واتهامهم بأنهم من المستنفرين.
هكذا تمارس قوات الدعم السريع انتهاكاتها ضد المدنيين من جانب، جراء حرب 15 أبريل 2023م، وتمضي في حربها ضد الجيش بالتخريب وتدمير الأعيان المدنية ونهب ممتلكات المواطنين والمؤسسات، وتصدر للرأي العام حقائق زائفة بغير التي تمارسها كل يوم.
أما المواطنة بثينه يعقوب فتقول: إنه عندما تم اعتقال شقيقها، وبعد بحث في جميع مواقع وارتكازات قوات الدعم السريع بالخرطوم، أخبرهم قائد الارتكاز الواقع عند تقاطع الشرقي مع عبيد ختم، إنهم ألقوا القبض على اثنان من المواطنين بتهمة الانتماء إلى الجيش، مضيفًا بقوله لها “إذا لم يكن شقيقك من ضمنهم، فمن المرجح ترحيله إلى سجن سوبا”.
وأضافت بثينة أن الأشخاص الذين تم اعتقالهم لم يتم إثبات أي شيء عليهم، وبعد التحري معهم يتم الإفراج عنهم، موضحة أنه وبحسب رواية أحد المواطنين أن المحاكمات تتجاوز العام سواء للمنتسبين إلى الجيش أو المدنيين.
اعتقالات شتى لمواطنيين واختفاء قسري، بعضهم أفرج عنه من معتقلات الدعم السريع، وآخريين لا يعلم ذويهم أماكنهم حتى الآن، إلى جانب حالات نهب وسلب واعتداءات متواصلة من قبل هذه العناصر.
المواطن يوسف جادين الذي كان يقل بضاعته، تم الاستيلاء عليها من قبل نائب قائد منطقة سوبا شرق الذي يدعى حامد ونيس، حيث أخذ جرارًا محملًا بـ”السكر”، وبعدها قاموا بضربه ونهب جميع أمواله التي كانت بحوزته وجرى اعتقاله لأسبوعين.
أما طارق عثمان الخمسيني الذي اعتقلته قوات الدعم السريع في مكان يطلق عليه اسم (البياره) بـمنطقة الحاج يوسف، والذي تعرض للتجويع والضرب أثناء حبسه الذي مكث فيه شهرين، وبعد توسل ودفع مبلغ مالي يقدر 150.000 الف جينه حتى يفرج عنه.
فمنذ صباح يوم 15 أبريل تحولت حياة المدنيين في الخرطوم إلى كابوس لا ينتهي، يواجهون إلى الآن لحظات من الرعب والقهر، حيث تتمثل التحديات بين التهديد بالقتل من قبل قوات الدعم السريع، أو قصف طيران الجيش، وصعوبات شتى للعيش في ظروف قاسية، بالإضافة لعجزهم عن مغادرة الخرطوم.
وتصف الجرائم التي يتعرض لها المدنيين بمزيج مروع من الرصاص الطائش والقتل العنيف وفقدان الأدوية الحيوية، إلى جانب حالات الاغتصاب الصارخة، بعضهم يواجهون الاختطاف والاعتقال ويجبرون على العمل في ظروف قاسية تحت امرة قوات الدعم السريع.

الجريدة

Exit mobile version