لم يكترث “آدم” الذي يقيم في سوق مدينة بورتسودان بعدم وجود مأوى له عقب اندلاع القتال في ولاية الجزيرة بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، ووصوله إلى هذه المدينة الساحلية مع البحر الأحمر شرق البلاد.
بعض النازحين ما زالوا يقيمون في الأسواق في تلك المدن البعيدة نسبيًا عن القتال في انتظار حدوث معجزة
استقل “آدم” شاحنة من مدينة الفاو التي وصلها سيرًا على الأقدام عقب الهجوم على ولاية الجزيرة وفقدانه لعمله في بيع الأطعمة بسوق ودمدني، فيما اضطر إلى إرسال عائلته إلى مصر قبل أسبوعين على أمل اللحاق بهم بعد ترتيب الأوضاع.
“آدم” مثله الآلاف ممن بقوا في العراء في الأسواق والأحياء والمناطق النائية طلبًا للنجاة من محرقة الحرب التي لاحقتهم من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة.
كان الرجل يقضي يومه بين مخازن المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري ويعمل في مجال إنزال الطرود والشحنات قبل اندلاع الحرب، وحينما بدأ القتال حاول البقاء في العاصمة لكن اشتداد الصراع المسلح أجبره على النزوح.
رفع هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة عدد النازحين داخليًا وخارجيًا إلى (7.2) مليون شخص بينهم (1.6) مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مثل مصر وجنوب السودان وإثيوبيا وليبيا وأفريقيا الوسطى وتشاد وأوغندا وكينيا ورواندا.
لم يخطط السودانيون الذين تأثروا البدائل قبل هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة التي اتخذوا من مدنها وقراها مواقع مؤقتة للبقاء بمعزل عن الحرب والبحث عن فرص ضئيلة من العمل أو الاعتماد على عملية التكافل الاجتماعية المعروفة بين السودانيين في مثل هذه الظروف.
بالمقابل كانت قصة محمد بدر الدين أكثر مأساة حينما يسرد معاناته عن الوضع الذي مر والنجاة من قبضة جنود الدعم السريع حينما وصل إلى كسلا على متن شاحنة وكان يقطن قريبًا من مباني جامعة الجزيرة مع أقرباء له.
عندما هاجم الدعم السريع ولاية الجزيرة وعاصمتها ودمدني في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي كان يحاول هذا الشاب مغادرة المدينة تجنبا للمخاطر لكنه حينما شاهد احتفالات السكان في الشوارع عاد أدراجه إلى المنزل وقرر البقاء لكن فوجئ اليوم الثاني بسيطرة قوات حميدتي على ودمدني.
أجبر القتال بين الجيش والدعم السريع على فرار نحو (800) ألف شخص من ولاية الجزيرة -حسب إحصائية الأمم المتحدة قبل يومين- وفقد المواطنون أصول قيمة جدًا تعرضت إلى النهب خاصة في الأسواق كما دمرت بعض المستشفيات وتوقفت بعضها.
لا يخطط محمد بدر الدين للبقاء طويلًا في مدينة كسلا فهو يعتزم السفر إلى خارج البلاد. وقرر للوهلة الأولى العودة إلى القضارف للسفر برًا إلى أثيوبيا ولا يدري عما إذا كان سيتمكن من تدبير وضعه في هذا البلد خاصة مع فقدانه فرصة العمل في السودان ومدخراته المالية التي بالكاد تغطي مصروفات السفر.
آلاف النازحين توزعوا في مدن السودان خاصة شرق البلاد والولاية الشمالية ونهر النيل عقب هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة ورغم التخطيط لبدء أعمال جديدة كما فعلوا في الجزيرة حينما وصلوا إلى هناك من الخرطوم، لكن هناك قلق من تمدد القتال وخسارة الأعمال خاصة الاستثمارات التجارية الناشئة والصغيرة.
يرى أسامة الذي يقيم في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمالي البلاد أن الحرب إذا لم تتوقف لن تترك ولاية دون التأثير عليها، ومن الصعب التكهن بأنها قد لا تتوسع.
هناك تدفق إلى مصر عبر الحدود في الأسابيع الأخيرة خاصة بعد هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة
ويقول أسامة لـ”الترا سودان” إن هناك تدفق إلى مصر عبر الحدود في الأسابيع الأخيرة خاصة بعد هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة الذي زاد المخاوف من وصول الحرب إلى الولايات الآمنة نسبيًا.
الترا سودان