شكّل قبول طرفي الحرب في السودان، الجيش و”قوات الدعم السريع” بمبادرة منظمة الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” بارقة أمل لإنهاء الحرب التي دخلت، اليوم الخميس، يومها الثالث عشر.
وكان الطرفان قد تسلما، أمس الأربعاء، رسمياً المبادرة التي تنص مبدئياً على تمديد الهدنة الحالية التي تنتهي اليوم الخميس، وإرسال ممثل واحد من الجيش السوداني، وآخر من “قوات الدعم السريع” إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، بغرض التفاوض حول تفاصيل المبادرة.
وكشفت مصادر موثوقة لـ”العربي الجديد”، أن الجيش سمى عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي ليكون ممثله في المفاوضات، ولم يُعرف بعد اسم ممثل “قوات الدعم السريع”.
ولمنظمة التنمية الحكومية “إيغاد”، التي تضم كلا من كينيا وجيبوتي وأوغندا والصومال وإثيوبيا والسودان وجنوب السودان وإريتريا، تاريخ مع حلحلة الأزمات في السودان، حيث توسطت، بين العام 1997 والعام 2005، بين شمال وجنوب السودان، كما نجحت بمساعدة المجتمع الدولي في إبرام سلام بين نظام الرئيس المعزول عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان، انتهى بانفصال الجنوب عن الشمال، وقيام دولة مستقلة في العام 2011، كما ساهمت المنظمة، التي تأسست في العام 1996، في حل نزاعات أخرى من بينها النزاع في جنوب السودان بين الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه رياك مشار.
وفي الأسبوع الماضي، عقد رؤساء دول المنظمة اجتماعاً عن بعد تقرر فيه تكليف رؤساء كل من جنوب السودان وكينيا وجيبوتي بالعمل على إعداد مقترحات حلول للأزمة الحالية في السودان، وقرر رؤساء الدول المكلفة التوجه للخرطوم لمباشرة أعمال الوساطة، إلا أن الظروف الأمنية وغلق المجال الجوي حالا دون ذلك.
ويرهن اللواء المتقاعد صلاح عيساوي، القريب من دوائر قوات الدعم السريع، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، نجاح مبادرة إيغاد بنسبة مئة بالمئة، “إذا ابتعد فلول النظام البائد عن طاولة المفاوضات وعن التأثير على قرار قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان”، مبيناً أن “تلك العناصر لا تبدي أي حرص على وقف الحرب وتعمل عبر أدواتها السياسية والإعلامية وأذرعها داخل الجيش على استمرار الحرب ولا تهمهم أي نتائج إنسانية ودمار وخراب”.
وجزم عيساوي بأن جلوس كل من البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي وجهاً لوجه سينهي الحرب تماماً حتى دون وساطات أو ضغوط دولية، مشيراً إلى أن “حميدتي حريص كل الحرص على التفاوض لمواصلة العملية السياسية في البلاد”، فيما لا يمتلك البرهان، حسب تقدير اللواء عيساوي، مفاتيح الحرب وقرار وقف إطلاق النار.
ونبّه عيساوي إلى أن الجيش إذ اختار الفريق شمس الدين لتمثيله في المفاوضات، فإن ذلك ربما يعقد الوصول لتسوية، مشيراً إلى أن كباشي “من المتشددين في مواقفه”.
ويرى سفير السودان الأسبق في إثيوبيا، الطريقي كرمنو، استحالة نجاح مبادرة “إيغاد”، مشيراً إلى أن “المواجهة الحالية أخذت طابع العداء والغبن الشخصي بين البرهان وحميدتي، وكل طرف يشعر بقوته ويخطط للانتصار في المعركة ما يصعب عليهما تقديم أي تنازلات في الوقت الراهن”.
ويوضح كرمنو لـ”العربي الجديد”، أنه وخلال الأيام الماضية برز مقترح لعقد اجتماع بين البرهان وحميدتي في دولة عربية، وفشل لذات الأسباب رغم تأثير الدول التي تتبناه، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن “أي حرب لن تتوقف إلا إذا هزم فيها أحد الطرفين، كما هزم البشير سياسيا في وقت من الأوقات، فجلس نظامه للتفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في جنوب السودان تحت ضغط دولي وإقليمي، مستبعدا أي تأثير للضغوط الخارجية على الطرفين”.
من جانبه، يقول رئيس تحرير صحيفة اليوم التالي، الطاهر ساتي، إن “المطلوب لنجاح مفاوضات جوبا الإجابة عن سؤالين مهمين موجهين لقادة الجيش وهما، مع من تتفاوض؟ وماهى موضوعات التفاوض”، متسائلاً هل سيجلس القادة مع حميدتي بصفته قائد قوات الدعم السريع، أم ضابطا متمردا على الجيش السوداني، وهل سيجلس معه ليطرح مطالب سياسية تعيده للمشهد السياسي، أم يطرح قادة الجيش موضوعا واحدا ذا طبيعية عسكرية هو دمج وتسريح قوات الدعم السريع؟
ويؤكد ساتي لـ”العربي الجديد”، أن “أي تفاوض خارج سياق الدمج سيدفع ثمنه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وأي اتفاق يصل إليه مع حميدتي سينجح في جوبا فقط، بينما سيقابل برفض شعبي وحتى داخل الجيش نفسه لأن الجميع لا يرغب في استمرار قوات الدعم السريع كجسم مستقل يتحرك في الفضاءات العسكرية والسياسية”.
ونبّه ساتي إلى أن من الواجب على وسطاء منظمة “إيغاد” والأطراف نفسها “الفصل بين مسار العملية السياسية السابقة بين القوى المدنية والعسكرية، وبين مسار المواجهة الحالية بحيث يجب عدم الخلط بينهما على الإطلاق، لأن المجموعة المتمردة يجب ألا تكون جزءا منها”.
العربي الجديد