أهم ما جاء في مسودة الاتفاق السياسي النهائي
مسودة الاتفاق النهائي التي تحصلت عليها (السوداني) أشارت إلى (18) بنداً في المبادئ العامة من بينها التأكيد على وحدة وسيادة السودان، ومصالح البلاد العليا تسود وتعلو على أي أولويات أخرى، كما أن السودان دولة متعددة الثقافات والاثنيات والأديان واللغات، تتأسس هويته علي مكوناته التاريخية والمعاصرة وأبعاده الجغرافية وإرثه الحضاري المتميز والممتد لأكثر من سبعة آلاف عام شكلت تنوعه ومصدر ثرائه، وأن السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية خلال الفترة الانتقالية السيادة فيها للشعب وهو مصدر السلطات، ويسود فيها حكم القانون والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة النزيهة، ولفتت إلى أن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، وتقوم على المساواة بين المواطنين والمواطنات دون تمييز نوعي، ديني، ثقافي ، اثني، لغوي، أو جهودي بسبب الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعاقة أو أي شكل من أشكال التمييز، وأن تضمن الدولة وتدعم حرية المعتقدات والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني، وتفق الدولة على مسافة واحدة من الهويات الثقافية والاثنية والجهوية والدينية، وألا تفرض الدولة ديناً علي أي شخص، وأن تكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير، أو مجموعة سكانية، والتأكيد على جيش مهني قومي واحد بالعقيدة العسكرية الموحدة وقائم بواجباته في حماية حدود الوطن والدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي، موضحة أن السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة، دون مشاركة القوات النظامية.
مهام الانتقال
واشارت المسودة إلى الأصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني قومي واحد والحكم المدني الديمقراطي، وينأى بالجيش عن السياسة، ويحظر مزاولة القوات النظامية للأعمال الاستثمارية والتجارية، عدا التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية تحت ولاية وزارة المالية، وينقى الجيش من أي وجود سياسي حزبي، ويصلح جميع الأجهزة النظامية، وأن تقتصر مهام جهاز المخابرات علي جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة، ولا يكون له سلطة اعتقال أو احتجاز، ولا يحتفظ بمرافق لذلك الغرض، والإصلاح القانوني وإصلاح الأجهزة العدلية بما يحقق استقلاليتها ونزاهتها، وتنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية الفترة الانتقالية، على أن يتم تحديد مطلوباتها والتحضير لها في الدستور الانتقالي، لتكون ذات مصداقية وشفافية وتتمتع بالنزاهة، بالإضافة إلى انتهاج سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة، وتعمل على تحسين علاقات السودان الخارجية، وبنائها على أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة، بما يحفظ سيادة البلاد وأمنها ووحدتها ، وغيرها من البنود.
هياكل السلطة
تتكون هياكل السلطة الانتقالية من المجلس التشريعي الانتقالي، المستوى السيادي الانتقالي، مجلس الوزراء الانتقالي، الأقاليم/ الولايات، والمستوى المحلي، وأشار الفصل الأول المتعلق بمستويات الحكم إلى أن جمهورية السودان دولة فيدرالية تتكون من أقاليم يحدد القانون عددها وعواصمها وهياكلها وسلطاتها ومواردها، ولفت إلى أن الفصل الثاني يتعلق بالمجلس التشريعي الانتقالي باعتباره سلطة تشريعية مستقلة، لا يجوز حلها، ويتكون من عدد لا يقل عن (150-300) عضو يراعى في تكوينه تمثيل واسع لمكونات الشعب السوداني، ويُستثنى أعضاء المؤتمر الوطني المحلول بكل أشكالهم ومسمياتهم وواجهاتهم، وأن يكون المجلس بنسبة (25%) من أطراف العملية السلمية، و(75%) تسميهم القوى السياسية والمدنية والمهنية الموقعة على الاتفاق السياسي النهائي، ولجان المقاومة، وضرورة وضع إجراءات شفافة للتعيين، ومن أهم شروط عضو المجلس أن يكون سودانياً، وألا يقل عمره عن 20 عاماً، والالتزام بالاتفاق السياسي.
بينما أشار الفصل الثالث إلى السلطة السيادية الانتقالية، وأوضح أن مجلس السيادة الانتقالي رأس الدولة هو رمز سيادة الدولة ووحدتها، وهو القائد الأعلى للقوات النظامية، وأشار الي اختصاصات المجلس، ويكون له اختصاصات في تعيين رئيس الوزراء، واعتماد تعيين الوزراء، والولاة، والمجلس التشريعي، بعد اختيارهم من القوى الموقعة على الاتفاق السياسي، تعيين المجلس العدلي المؤقت، اعتماد تعيين رئيس القضاء ونوابه، اعتماد إعلان حالة الحرب، إعلان حالة الطوارئ، وغيرها من الاختصاصات.
ويشترط في رأس الدولة وأعضاء المجلس، أن يكون سوداني الجنسية بالميلاد، ولا يحمل جنسية دولة أخرى، ألا يقل عمره عن (35) عاماً، أن يكون من ذوي الكفاءة والتأهيل، ألا يكون قد أدين بحكم نهائي من محكمة مختصة في جريمة تتعلق بالشرف والأمانة، وأن يلتزم بالاتفاق السياسي.
وحدد الاتفاق شروط واختصاصات رئيس مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء الانتقالي.
القوات المسلحة
وبحسب المسودة التي تحصلت عليها (السوداني)، أشارت إلى أن القوات المسلحة مؤسسة نظامية قومية احترافية غير حزبية، مؤلفة ومنظمة هيكلياً طبقاً للقانون، تضطلع بواجب حماية الوطن ووحدته وسيادته، والحفاظ على أمنه وسلامة أراضيه وحدوده ، وتتخذ القوات المسلحة عقيدة عسكرية تلتزم بالنظام الدستوري وبالقانون، وتقر بالنظام المدني الديمقراطي أساساً للحكم، ويكون رأس الدولة قائداً أعلى للقوات المسلحة.
ويحدد القانون الحالات التي يجوز فيها لمجلس الوزراء أن يلجأ إلى إشراك القوات المسلحة في مهام ذات طبيعة غير عسكرية، وأن تتكون القوات المسلحة من مكونات الشعب السوداني المختلفة، بما يراعي قوميتها وتوازنها وتمثيلها دون تمييز أو إقصاء وتخضع لمؤسسات السلطة الانتقالية، ولا تُستخدم ضد الشعب السوداني، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ويُحظر تكوين مليشيات عسكرية أو شبه عسكرية ويحظر مزاولة القوات النظامية للأعمال الاستثمارية التجارية ما عدا التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية وفقاً للسياسة التي تضعها الحكومة الانتقالية، وتؤول إلى وزارة المالية جميع الشركات الحكومية المملوكة للقوات النظامية المختلفة وجهاز المخابرات التي تعمل في قطاعات مدنية، وأن تخضع بقية الشركات المملوكة للقوات النظامية التي تعمل في قطاعات عسكرية وأمنية لإشراف وسلطة رقابة المالية في الجوانب المالية والمحاسبية وسلطة ديوان المراجعة القومي.
وأشارت المسودة إلى مهام القوات المسلحة، إضافة إلى ماورد في قانونها، من بينها الالتزام الدستوري واحترام سيادة القانون، والحكومة المدنية الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة البلاد وحماية حدودها أمام أي عدو خارجي، واحترام إرادة الشعب في حكومة مدنية تعددية ديمقراطية والعمل تحت إمرتها ومراجعة شروط القبول بالكلية الحربية، ومراجعة المناهج العسكرية، بالإضافة إلى تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وفق خطة الحكومة الانتقالية وصولاً إلى جيش قومي مهني احترافي واحد، ويتضمن ذلك دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، وفق الجداول الزمنية المتفق عليها، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية.
الدعم السريع
أشار الاتفاق إلى أن قوات الدعم السريع قوات عسكرية تتبع للقوات المسلحة، ويحدد القانون أهدافها ومهامها، ويكون رأس الدولة قائداً أعلى لقوات الدعم السريع، وأن يتم دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها.
ولفت إلى أن قوات الشرطة قوات نظامية مدنية مهنية قومية وفيدرالية تعمل على إنفاذ القانون، وتختص بحماية المواطنين وحرياتهم وخدماتهم وحفظ الأمن وسلامة المجتمع، وتخضع لسياسات وقرارات مجلس الوزراء وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي ، وأن ينشأ جهاز الأمن الداخلي ويتبع لوزارة الداخلية فنياً وإدارياً وفقاً للإجراءات القانونية السليمة، ويُحظر تشكيل قوات شرطية خاصة أو إنشاء وحدات تحد من الحريات العامة وحقوق الإنسان، وإصلاح قوات الشرطة، وإزالة التمكين فيها، ويحظر عليها ممارسة أي أعمال استثمارية أو تجارية، ونبه إلى أن مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس مجلس الوزراء ويضم رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، السودانية، قائد قوات الدعم السريع، وزير الدفاع، المالية، الداخلية، العدل، الخارجية، الحكم المحلي، ومدير عام المخابرات العامة، المدير العام لقوات الشرطة، وممثلين لحركات الكفاح المسلح الموقعة .
وحدد الاتفاف مهام مجلس الأمن والدفاع من بينها إعداد وتطوير إستراتيجية أمنية قومية شاملة لحماية أمن الشعب السوداني، والتوصية لمجلس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ وإعلان الحرب التي يقرها مجلس الوزراء وفقاً لأحكام الدستور، بالإضافة إلى وضع الخطط الدائمة لإصلاح المؤسسات الدفاعية والأمنية لدعم إرادة الشعب السوداني، وأهداف وأحكام الدستور، وذلك باقتراح السياسات التي تجيزها أو تعتمدها الجهات المختصة.
العدالة الانتقالية
الاتفاق لفت إلى إعلان مبادئ العدالة الانتقالية من بينها التمسك الصارم بأهداف العدالة الانتقالية المتمثلة في إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، وسيادة حكم القانون، وإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان ، وبناء الثقة بين المجتمعات والدولة، وإعادة الكرامة للضحايا وأسرهم وجبر الضرر، وإصلاح مؤسسات الدولة والأجهزة العدلية، والأجهزة الأمنية والعسكرية، مشيراً إلى أن الوسائل المثلى للتحول الديمقراطي والاستقرار السياسي وسيادة حكم القانون تكمن في توفر الإرادة السياسية وقبول مجتمعي وتدابير تشريعية وقضائية ودور فاعل للمجتمع المدني تجاه طي صفحات الماضي خلال محاسبة المنتهكين لحقوق الإنسان، ووضع تدابير تحقيق العدالة والمساءلة والإنصاف، وكشف الحقيقة وجبر الضرر، وتهيئة المناخ؛ حتى لا تتكرر الجرائم في المستقبل؛ وحتى تتحقق مصالحة شاملة على أسس عدم الإفلات من العقاب، والإنصاف، والعدالة، مؤكداً أهمية تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية ملتزمة بمقاصد ثورة ديسمبر المجيدة، ولها سياسة إستراتيجية واضحة لتنفيذ العدالة والعدالة الانتقالية، وتلتزم برعاية أسر الشهداء، وكل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في طول البلاد وعرضها، وعلاج الجرحى والمصابين، وترفع الظلم وتجبر الضرر الذي وقع على ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وأهمية الوقف الفوري لكل أشكال الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السودانية من تعنيف، وتعذيب، واغتصاب، وإذلال، وزواج قسري، وتمييز بنيوي، ولإزالة هذه الانتهاكات التي وقعت على النساء، واستعجال مفوضية المرأة على أن يتم تحديد علاقتها بمفوضية العدالة الانتقالية ومشاركتها في لجان التقصي، وكشف الانتهاكات، مع مراعاة خصوصية القضايا المتعلقة بالمرأة، وإحالة حالات الاغتصاب والعنف ضد المرأة للعدالة، بدلاً عن المساومة، ولفت إلى أنه لا يجوز منح أي عفو يقع بالمخالفة لمبادئ ومعايير القانون الدولي، ويشمل جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما لا يجوز منح عفو يمس حق الضحايا في التماس العدالة بالطرق التي تمر بها ، أو يمس حقهم في طلب جبر الضرر، مؤكداً أهمية إصدار قانون العدالة الانتقالية، وتبني نموذج سوداني نابع من رؤية مشتركة للضحايا والمجتمع المدني والفاعلين السياسيين، وضرورة اعتراف الدولة بانتهاكت الماضي الجسيمة لحقوق الإنسان عبر الحقب التاريخية، والاعتذار الرسمي عنها؛ لتأسيس إرادة سياسية للمصالحة الوطنية، وأن تتم المساءلة الجنائية عبر الآليات القضائية الوطنية الدولية والمختلطة، مع التأكيد على أهمية التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، والامتثال لطلباتها في تسليم المطلوبين، فضلاً عن اعتماد برنامج قومي للعدالة الانتقالية.
اتفاق جوبا
مسودة الاتفاق أكدت ضرورة إزالة العقبات والتحديات الرئيسية التي واجهت تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، التي تتمثل في ضعف الإرادة السياسية، والتراخي في إجازة التشريعات المرتبطة بتنفيذ الاتفاق، وعدم توفير التمويل الدولي والمحلي اللازم لعمليات التنفيذ، وغيرها، ونبهت إلى ضرورة الانتقال من سلام المحاصصات إلى السلام الحقيقي القائم على على توجيه استحقاقاته إلى ضحايا الحروب مباشرة، وأن تخاطب عمليات التنفيذ جذور الحروب، بجانب التأكيد على الاستحقاقات التي جاء بها الاتفاق والخاصة بمناطق الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والعمل على التنفيذ الشامل لكل المكتسبات.
موضحة أن اتفاق جوبا جزء لا يتجزأ من الترتيبات الدستورية الانتقالية الجديدة، ويتم تضمين الاتافق كجزء من الدستور الانتقالي الذي يسمو على ما دونه من اتفاقيات وتشريعات، والإسراع بوضع قانون مفوضية النازحين واللاجئين وتشكيلها للاضطلاع بدورها في العودة الطوعية الآمنة للنازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية ووضع معايير شفافة لاختيار رئيس وعضوية المفوضية وفقاً للكفاءة والمهنية، وشددت على أن قضية التعويض الفردي والجماعي للمتضررين من الحروبات ذات أهمية قصوى، والتأكيد على الاعتراف بالحواكير لأصحابها بناء على الخرط والمستندات والمواثيق والأعراف.
وأشارت إلى الآليات والأولويات لتنفيذ الاتفاق من بينها الالتزام بالمصفوفة والجداول المحدثة لتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان ووضع السياسات والتدابير القانونية والقرارات الضرورية للالتزام الصارم بالمصفوفة وجدول التنفيذ، والتشكيل الفوري لمفوضية مراقبة وتقييم تنفيذ السلام الواردة في الاتفاق، وذلك بمشاركة أطراف السلام والوساطة وضامني الاتفاق والأمم المتحدة، فضلاً عن الشركاء الدوليين المعنيين بتوفير الموارد الفنية والمالية.
مؤكدة أهمية بناء الشراكات لتوفير الدعم الفني والمادي والاستفادة من المبادرات العالمية المعنية بالسلام، وإقامة مؤتمرات المانحين حول قضايا الاتفاق، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات للسلام والمصالحات والسلم المجتمعي ونبذ العنف وخطاب الكراهية ونشر ثقافة السلام في المناطق المتضررة بالحروب وبمشاركة جميع أصحاب المصلحة، وأشارت إلى ضرورة إدراج تنفيذ اتفاق جوبا في الميزانية العامة للدولة وفق النصوص الواردة حول تمويل السلام، والتأكد من الموافقة على الميزانيات المدرجة في المفوضيات ولجان السلام في الموازنة القومية، والرقابة الصارمة من المراجع العام على تنفيذ الميزانية في مجالاتها الصحية، والمساءلة عن أي ممارسات فاسدة، والالتزام بعدم تسييس الإدارة الأهلية، وقيام السلطات الانتقالية بمراجة أدوار الإدارة الأهلية بما يؤهلها لاستعادة مكانتها في عمليات المصالحة والسلم المجتمعي والبناء والوطني.
صحيفة السوداني