المقالات

البترول السوداني.. البيضة أولاً أم الدجاجة؟

قبل عام سنحت لي الفرصة بالسفر إلى ولاية غرب كردفان وبما أن أمراض الشيخوخة بدأت في الظهور، فقد كان همي الأكبر هو السفر عبر البصات، ولكن لأمر قدره الله وجدت فرصة على طائرة شركة بتروإنرجي إلى مطار بليلة حيث بدأت رحلتي التي كانت إلى الولاية فبدأتها بمعسكر شركة بترو إنرجي بمنطقة بليلة، وكانت فرصة عظيمة لتقصي الحقائق حول صناعة استخراج البترول هذه العملية المقعدة والمحفوفة بالمخاطر، وكأي صحفي بدأ شغف المعرفة يدفعني دفعاً للتعرف عن قرب على أقسام الشركة وإداراتها المختلفة حيث تعرفت على طريقة عمل تلك الإدارات اختصاصاتها ووظائفها.

ما جرني إلى هذا الحديث أنني استفدت فائدة عظمى من رحلتي تلك من حيث المعرفة والتطوير حتى أنني تعرفت على شباب المنطقة من أبناء المسيرية الذين يعمل بعضهم بالشركة ويرغب آخرون في العمل بها، وسأسرد في هذا العمود جزءاً يسيراً من تجربتي بحقل بليلة تحديداً، وأول أمر بدأت به هو أنني تساءلت عن طريقة حماية البيئة والمواطنين والعمال من الآثار السالبة للنفط.

وفي قسم السلامة المهنية وجدت نظاماً دقيقاً جداً في التعامل مع النفط حتى قبل استخراجه حيث يتم تأمين العملية والعاملين فيرتدي العاملون ملابس واقية وأحذية مخصصة لذلك، كما يتم وضع مسافة آمنة لحياة البشر والأحياء الأخرى، لذلك قامت الشركة ببناء قرى نموذجية لسكن أهل المنطقة، أما بالنسبة إلى حالات انسكاب النفط على الأرض والذي غالباً يتم بفعل فاعل، فقد رأيت كيف تتم معالجة الأمر عبر كشط كل التربة الملوثة وترحيلها عبر الآليات العملاقة إلى منطقة مخصصة حيث تتم معالجتها عبر البكتريا الحميدة لتعود التربة صالحة بنسبة تفوق التسعين بالمائة وهذه المعالجة أيضاً تتم للمياه التي تكون ملوثة جزئياً بالنفط، فتتم معالجتها واستخدامها في زراعة غابات من شجر معين وأظنها أنواع من الصنوبريات والخيزران، كما تتم معالجة حتى النفايات العادية من مخلفات الأطعمة وغيرها بصورة علمية ومنهجية.

جانب الرضا الوظيفي يبدو ظاهراً في طريقة تعاطي العاملين بعضهم لبعض وأتيام الرياضة المستدامة.

وسنسرد معظم هذه العمليات بصورة تفصيلية في التحقيق القادم إن شاء الله.

ثم ماذا بعد هذا؟

لأول مرة أضطر لكتابة أعمدة متسلسلة عن موضوع وذلك نسبة لأهميته، ولكني هنا فقط سأبدأ تساؤلي عن إمكانية استفادتنا كدولة من هذا البترول وماذا علينا أم نقدم كدولة وكمجتمع.. مجتمع الوطن والمجتمع المحلي حتى يزداد إنتاجنا من النفط كأي دولة محترمة وهل علينا أن نفكر فقط في حقوقنا كأصحاب أرض أم علينا نصون هذه الأرض حتى تعطينا بالمثل.. إلى الحلقة القادمة بمشيئة الله.

المصدر: اليوم التالي

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى