صراع على النفوذ.. هل يصبح السودان حليفا دائما لأمريكا؟

وقع مجلس السيادة وتحالف” الحرية والتغيير”، أكبر كتلة معارضة في السودان، في ديسمبر من العام الماضي، بهدف إنهاء الأزمة السياسية في السودان وإعادته إلى الحكم المدني.

ويقول الدكتور فيليبي باثي دوارتي، أستاذ مساعد في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي بجامعة لشبونة المستقلة، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إن هذا الأسبوع حاسم بالنسبة لتوجه السودان الغربي. وسيقوم القادة العسكريون والأطراف الفاعلة السياسية والمدنية في البلاد بوضع خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعوا عليه الشهر الماضي ويقضي بتنظيم انتخابات في السودان بعد فترة انتقالية مدتها عامين.

وعند توقيع الاتفاق الإطاري، رحبت الولايات المتحدة، في بيان مشترك مع النرويج والسعودية والإمارات والمملكة المتحدة، به باعتباره “خطوة أولى أساسية نحو إنشاء حكومة بقيادة مدنية وتحديد الترتيبات الدستورية”، ودعت إلى “حوار مستمر وشامل حول جميع القضايا ذات الأهمية، والتعاون لبناء مستقبل السودان”.

وبحسب دوارتي، تشكل مفاوضات هذا الأسبوع عنصرا مهما في هذا الحوار، وينبغي على الولايات المتحدة وشركائها أن يعتبروها فرصة لتقييم كيفية تنفيذ مختلف الجهات الفاعلة السودانية للاتفاق الإطاري. ويجب على الولايات المتحدة أيضا استخدام المفاوضات كفرصة لتقييم دور هذه الجهات الفاعلة السودانية في بناء الدعم للاتفاق الإطاري، وضمان وجود مشاركة ودعم مستمرين للأطراف السودانية التي يمكنها تعزيز السياسات الموالية للغرب ومنع توسع النفوذ الروسي والصيني والمتطرف في البلاد.

الاتفاق الإطاري أفضل طريق إلى السلام!

ويقول دوارتي إن الاتفاق الإطاري، الموقع في 5 كانون الأول/ ديسمبر، كان تتويجا لأشهر من الاضطرابات السياسية في أعقاب “انقلاب” تشرين الأول/أكتوبر 2021 الذي قام به الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي أطاح بالحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وأوضح أن “الانقلاب” أدى إلى توتر العلاقات بين الجيش السوداني والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والجيش، مما تسبب في إعادة حمدوك إلى منصبه بعد شهرين. ومع ذلك، استقال حمدوك في كانون الثاني/ يناير 2022 وسط مظاهرات مستمرة ضد الحكومة.

ويضيف أنه بالنظر إلى “بداية السودان الهشة” للحكم التعددي، والتي بدأت بعد الإطاحة في عام 2019 برئيس البلاد منذ فترة طويلة، عمر البشير، فإن الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون في البلاد و40 جماعة سياسية ومن المجتمع المدني هو أفضل طريق نحو السلام في البلاد، وهو ما تعترف به الولايات المتحدة وشركاؤها. ومع ذلك، مع بدء المفاوضات هذا الأسبوع، لن يكون من السهل التوفيق بين القضايا الخلافية المدرجة على جدول الأعمال، والتي تشمل العدالة الانتقالية والأمن وإصلاح الجيش، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام الذي يعود إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية السودانية وممثلي الجماعات المسلحة في دارفور، وتفكيك هياكل السلطة المتبقية لنظام البشير.

ويرى دوارتي أن الاعتراف بالصعوبة التي تنتظر البلاد يجب أن يكون مصحوبا بتقييم لما هو على المحك بالنسبة للولايات المتحدة في السودان، وهو التعاون المتبادل المنفعة في مكافحة الإرهاب، واعتراف السودان بإسرائيل بعد توقيعه على اتفاقيات أبراهام، والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات السودانية الإسرائيلية، والحاجة إلى مواجهة النفوذ الصيني والروسي في البلاد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنشآت البحرية والموانئ السودانية على طول البحر الأحمر.

وتعتبر المخاطر كبيرة بالفعل بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة. وعلى هذا النحو، يجب على الولايات المتحدة التعاون مع القادة السودانيين الذين دعموا الاتفاق الإطاري من أجل إنشاء هيكل تحفيزي للنخب السودانية لتنفيذ الاتفاق واتباع مسار موال للولايات المتحدة للبلاد. ويضيف أن أحد هؤلاء القادة السودانيين هو الفريق أول محمد حمدان “حميدتي” دقلو، الذي ندد علنا بـ “انقلاب” تشرين الأول/ أكتوبر 2021 باعتباره فاشلا ودعا الجيش إلى الانضمام إلى الاتفاق الإطاري في 5 كانون الأول/ ديسمبر.

التعاون مع كافة الجهات الفاعلة

ومن المهم أن ندرك أن الاتفاق، الذي هو الخطوة الأولى نحو الانتخابات في السودان، لم يكن ليحدث بدون دعم حميدتي، الذي يمكن القول إنه صانع القرار الأكثر نفوذا في السودان. علاوة على ذلك، دعا حميدتي إلى وجود أمريكي أكبر في السودان وكان القائد السوداني الرئيسي في توسيع علاقات البلاد العسكرية والاقتصادية والسياسية مع إسرائيل.

وفي حين أن الجهات العسكرية الفاعلة في السودان وفي جميع أنحاء المنطقة لديها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان ومجال الحكم، فمن الأهمية بمكان أن تدرك الولايات المتحدة متى تتماشى هذه الجهات الفاعلة مع السياسات الموالية للولايات المتحدة وأن تزيد واشنطن من التعاون معها عندما تفعل ذلك.

ويخلص دوارتي إلى أن بعض شرائح مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية ترغب في تجنب المشاركة العسكرية من أجل المشاركة المدنية في السودان، مشيرا إلى أن هذا لن يخدم الأمن القومي الأمريكي، بل سيحد من النفوذ الأمريكي في السودان والمنطقة الأوسع. وينبغي أن تأتي جميع الجهات الفاعلة غير المتطرفة إلى طاولة المفاوضات للتفاوض على شروط العملية الانتخابية في السودان. وسيعتمد نجاح هذه المفاوضات على اتفاق جميع الأطراف، المدنية والعسكرية. وستكون محاولة العمل فقط مع الجهات الفاعلة المدنية نهجا قصير النظر من قبل الولايات المتحدة، مما يعرض للخطر أول فرصة حقيقية للسودان للتقدم منذ الإطاحة بالبشير في عام 2019. ويجب على واشنطن زيادة مشاركتها مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في السودان التي تدعم أولويات السياسة الأمريكية لتحويل السودان إلى حليف دائم للغرب.

المصدر: الانتباهة

Exit mobile version