معقولة بس مؤتمر تجار المخدرات
تتعدد الأزمات وتننوع التحديات بين السعي وراء لقمة العيش وشظف الحياة في ظل ظروف معيشة طاحنة لم تستثِ فئة دون فئة وتساوى عندها كافة شرائح المجتمع فقد امتدت ظلال الأوضاع الاقتصادية والأزمة العالمية وأحدثت فعلها على بلدان لم يخطر على بال أكثر المتشائمين أن تهتز اقتصادياتها جراء ما يشهده العالم من أحداث وتقلبات.. كل هذا معلوم ويمكن اسيتعابه في السياق العام وكأمر طبيعي وتحديات حياتية يمكن مجابهتها بالتخطيط والعمل وذلك في حال وجودِ نظام مؤسسي للدولة كالذي يحدث في سائر بلاد الله ولعل ما دفعني لكل تلك المقدمات ما نشهده الآن من أوضاع نتعايش معها وكاد يكون المواطن السوداني متصالحاً ومتناغماً مع كل تلك التحديات المعيشة من فقر ومرض وانعدام أمن وخدمات وغيرها من متطلبات بسيطة الا أن المتغير الذي أقلق مضجعنا وأفقدنا السلام والطمأنينة ذلك الخطر القادم بقوة والذي بدا ينخر في جسد المجتمع ولم تأمن الكثير من الأسر منه تلك هي آفة المخدرات، وما أدهشني حقاً ذلك الخبر الذي طالعته في إحدى الصحف اليومية وأعتقد جازماً أن هذا الخبر أدهش أغلب من قرأه إذ جاء في الخبر أن نحو (100) من تجار ومنتجي ومروجي المخدرات قاموا بتنظيم اجتماع ضم عدداً من كبار التجار والمروجين وناقش كيفية إيصال المخدرات وتوزيعها.. كان هذا فحوى الخبر المستفز والذي يعكس بوضوح الى أي مدى وصل بنا الحال.. أين السلطات الرسمية، وهل تمت متابعة مصدر هذا الخبر وأي جرأة لهؤلاء حتى يصدرون مثل هكذا خبر وما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات حيال هذا؟؟
كم هائل من التساؤلات والاستفهامات تتولد في ذهن القارئ أم هل ستكتفي السلطات بمطالعة الخبر ويقتصر دورها في معالجة الآثار الناجمة عن المخدرات والتوعية بمخاطر المخدرات ومعلوم أن مسببات انتشار المخدرات متعددة ومتنوعة ولكن يأتي في مقدمتها الجانب الرقابي والأمني الذي ينبغي أن يتصدى لهذا الخطر قبل دخوله للبلاد فضلاً عن الجهود في إيجاد الحلول التي تعالج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم العمل على رفع الوعي والعمل على إيجاد تقنيات حديثة للكشف عن المخدرات في المناطق الحدودية ومن هنا نلفت الأنظار إلى ما يحدث بولاية كسلا إذ تعد أحد أكثر الولايات تأثراً من تزايد انتشار المخدرات في الآونة الأخيرة والشاهد على ذلك إفادات مركز علاج الإدمان بكسلا الذي استقبل خلال شهر أكتوبر الماضي أكثر من 150 حالة وتزايد الرقم في شهري نوفمبر وديسمبر.
على الرغم من الجهود التي تبذلها وحدة مكافحة المخدرات بكسلا الا أنها تظل خجولة إذا ما قورنت بحجم الخطر واتساع دائرة الترويج في مختلف أحياء المدينة الأمر الذي دفع مجتمع كسلا لخلق مبادرات مجتمعية، فكانت مبادرة شباب حي مكرام أحد أنجح تلك المبادرات فقد قاموا بتخصيص دار خاص للشباب الذين وقعوا ضحية تلك الآفة وظلوا مباشرين لأمر علاجهم وإعادة تأهيلهم حتى تماثل عدد كبير منهم بجانب جهودهم في الرقابة اللصيقة في مناطق التجمعات الشبابية بالحي وهي مبادرة يحمدوا عليها الا أن هذا لا يعفي مسؤولية الدولة من القيام بأدوارها والتي نأمل أن ترتقي وتكون قدر التحدي والخطر.
المصدر: اليوم التالي