١٩ديسمبر ١٩٥٥م هو اليوم الحقيقي لاستقلال السودان

أن تزور التاريخ وتزيف حقائقه أمر مألوف ولا غرابة فيه إن جاء من المستعبد الذى إستعمر هذا الوطن وشعبه لأكثر من ٥٦ عاماً من الزمان .فجل ما كتبه المستعمرون وسطروه فى صحائف مستعمراتهم فيه إستبقاء لوجودهم بعد غروب شموسهم ورحيل أجسادهم من البلدان المستعبده والسودان إحدى تلك المستعمرات الانجليزية المصرية السابقة ، لم ينفك من النظرية الإستبقائية التى إستحوذ بفضها المستعر على عقول ورثته من بنى الوطن المتعلمين المتشربين بمناهجه المنبهرين بالثقافة الإنجليزية شكلاً ومضموناً . شكلاً بأن ترتدى ( الرداء) كاشف العورة لإفساد الصلاة وبطلانها سواءً أن كان فى الجامعة أو المدرسة أو منتسباً لقوات دفاع السودان أو الشرطة أو الوظيفة العامة مكرهاً مهما كبر سنك ليذهب ذلك الرداء بوقارك فهو لا يحترم سنك أصلاً ، أو أن تكون رجلاً متفننا فى حمل (الكدوس ) وحشوه بالتباكو الفاخر مرةً بعد مرة وتشعل عليه الزناد أو الكبريت أينما حل جمع ، أو أن تستلقي على كرسى القماش الوثير فى ظل العصرية فى الحى تبخترا وخيلاء ، أو أن تلبس ( البرنيطه ) إكتساباً لهيبة وعز وعلو مزعوم ، ولا تركب إلا ما صنع فى انجلترا لاندروفر كان أم عجلة ، ولا تشتري من الأسواق بضاعة إلا وقد صنعت فى إنجلترا ، ولا تشرب من الكحول المعتقة إلا ما صنع من نبيذهم ، وإذا ما تحدث أحد منهم فى موضوع مع العامة أو بين أصدقائه أو بين أهله ما عليه إلا أن يدخل جملة كامة باللغة الانجليزيه أو كلمه هنا وهناك فى الحوار دليلاً على عمق ثقافته أمامهم فهموها أم لم يفهموها إستلاباً ثقافياً كامل الدسم .
رغم كل ذلك كان للشخصية السودانية المشبعة بالثقافة الانحليزيه مضموناً مغايراً للشكل ملىء بعشق دفين وحنين مشوب لركوب الحمير والنزول للحواشات والجروف لحش البرسيم وزم المياه المتمردة على الجداول والخيران بالطورية فى الريف الحبيب ، أو لفتح أبواب الصنط العاتية فى أنصاف الليالى بتؤدد حتى لا يسمع صريرها أب ولا أم والدخول خلسة للبيت بعد قضاء سهرة ممتعة مع معشوقهم كرومه البلبل الصداح أو الكحلاوى الشقي ومجنون رحمهما الله رحمة واسعة وأدخلهما فسيح الجنان …آمين يارب العالمين .
وعلىصعيدالصحوةالسياسيةالوطنيةبعدإنجلاءالغشاوةعنالأبصار جراء تزايد الظلم والمهانة والإحتقار الذي مارسه المستعمرون المستعبدون للشعب السوداني ، صحى الضمير الوطني وأصبح مرجل يغلي فى صدور نواب أول برلمان ديمقراطي منتخب لشعب السودان ، ولو كان لأهل السودان ثورة يعتز بها ولا تتقدمها ثورة فهي ثورة نواب برلمان الشعب السوداني فى جلستهم التاريخية المصيرية التى إنعقدت فى يوم الخميس ١٥ ديسمبر ١٩٥٥م فبالرغم من أنها بدأت جلسة عادية يجيب فيها رئيس الوزراء الزعيم الراحل اسماعيل الأزهرى موقد شعلة التحرر السوداني على أسئلة النواب تقدم العضو البرلماني يعقوب حامد بابكر نائب دائرة شمال الفونج بسؤال لرئيس الوزراء: ( هل تلقت حكومة الممكلة المتحدة أي وعود من الحكومة السودانية يمنحها قاعدة جوية ما فى السودان ؟ ولم يستجمع الزعيم اسماعيل الأزهري قواه بعد للرد الرصين عاجلة العضو البرلماني بولين دي مبيور نائب دائرة واو عن الحزب الجنوبى بسؤال آخر قائلاً : ( هل ينطبق ذلك على الإتفاق بين بريطانيا وأمريكا بشأن الدفاع عن الصحراء ؟ وعلى كليهما جاء الرد حاسماً من رئيس الوزراء الزعيم اسماعيل الأزهري : كلا وألف كلا وقال : إن مهمة حكومتي هي السودنة ( تسليم وظائف الدولة من المستعمرين للسودانين ) وقد تمت ، وإجلاء القوات الأجنبية من السودان وقد تم ذلك ، ولم يبق غير استقلال السودان وسوف أعلنه فى جلسة يوم الإثنين ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م ولا يفوت الجميع.المشاركة في قطف الثمار الدانية .
بعد هذا القرار المضمر تحول كل شىء مائة وثمانون درجة ، فإنخرط نواب الشعب في إجتماعات مكثفة لثلاث أيام عصيبة مع القوى السياسية الوطنية كافة لتحقيق الإجماع الوطني والتوافق حول الكيفية التي سيتم بها إعلان تحرير السودان من براسن المستعمرين من داخل قبة البرلمان فأحكموا الترتيب وتوزيع الأدوار بين النواب بحكمة وتجرد حتى لا تبان ذرة من تنازع أو شقاق فى الجلسة المرتقبة لإشهار تحرير السودان فى يوم الإثنين الموافق ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م وهو اليوم الحقيقي لإستقلال السودان ، وكان من أهم تلك الترتيبات الوطنية الدقيقة أن طلب من العضو البرلمانى محمد نورالدين الذي إعترض على قرار إستقلال السودان لأنه كان منحازاً للوحدة مع مصر فطلب منه النواب الغياب عن جلسة الاجماع الوطني فى ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م وفعل ذلك ، وكانت من أكبر التحديات التي واجهت الإجماع الوطني على الاستقلال من داخل البرلمان إشتراط أعضاء حزب الجنوب للوقوف مع قرار الاستقلال تحقيق مطالبهم بتكوين حكومة فيدرالية في المديريات الجنوبية ، وقد تم تجاوز هذا المقترح بأن نظام الحكم فى السودان شأن يقرره برلمان السودان المستقل الذي يعد الدستور الدائم للبلاد لاحقاً ، بعد هذا أصبح الطريق ممهداً لوضع الصيغة النهائية لقرار تحرير السودان من قبضة المستعمرين وقد كان لهم ما أرادوا ، وأتقن كل عضو دوره وفق الترتيب المسبق .
وها نحن فى الذكرى (٦٧) لاستقلال السودان نجدد عهد الوفاء لصناع الاستقلال والتحرر الحقيقي للسودان ونصحح فيها المفاهيم ونرد تاريخ إستقلالنا لميقاته الصحيح رفضاً لهذا التزوير المعيب لتاريخ استقلال بلادنا المجيد .
أن تزور التاريخ وتزيف حقائقه أمر مألوف ولا غرابة فيه إن جاء من المستعبد الذى إستعمر هذا الوطن وشعبه لأكثر من ٥٦ عاماً من الزمان .فجل ما كتبه المستعمرون وسطروه فى صحائف مستعمراتهم فيه إستبقاء لوجودهم بعد غروب شموسهم ورحيل أجسادهم من البلدان المستعبده والسودان إحدى تلك المستعمرات الانجليزية المصرية السابقة ، لم ينفك من النظرية الإستبقائية التى إستحوذ بفضها المستعر على عقول ورثته من بنى الوطن المتعلمين المتشربين بمناهجه المنبهرين بالثقافة الإنجليزية شكلاً ومضموناً . شكلاً بأن ترتدى ( الرداء) كاشف العورة لإفساد الصلاة وبطلانها سواءً أن كان فى الجامعة أو المدرسة أو منتسباً لقوات دفاع السودان أو الشرطة أو الوظيفة العامة مكرهاً مهما كبر سنك ليذهب ذلك الرداء بوقارك فهو لا يحترم سنك أصلاً ، أو أن تكون رجلاً متفننا فى حمل (الكدوس ) وحشوه بالتباكو الفاخر مرةً بعد مرة وتشعل عليه الزناد أو الكبريت أينما حل جمع ، أو أن تستلقي على كرسى القماش الوثير فى ظل العصرية فى الحى تبخترا وخيلاء ، أو أن تلبس ( البرنيطه ) إكتساباً لهيبة وعز وعلو مزعوم ، ولا تركب إلا ما صنع فى انجلترا لاندروفر كان أم عجلة ، ولا تشتري من الأسواق بضاعة إلا وقد صنعت فى إنجلترا ، ولا تشرب من الكحول المعتقة إلا ما صنع من نبيذهم ، وإذا ما تحدث أحد منهم فى موضوع مع العامة أو بين أصدقائه أو بين أهله ما عليه إلا أن يدخل جملة كامة باللغة الانجليزيه أو كلمه هنا وهناك فى الحوار دليلاً على عمق ثقافته أمامهم فهموها أم لم يفهموها إستلاباً ثقافياً كامل الدسم .
رغم كل ذلك كان للشخصية السودانية المشبعة بالثقافة الانحليزيه مضموناً مغايراً للشكل ملىء بعشق دفين وحنين مشوب لركوب الحمير والنزول للحواشات والجروف لحش البرسيم وزم المياه المتمردة على الجداول والخيران بالطورية فى الريف الحبيب ، أو لفتح أبواب الصنط العاتية فى أنصاف الليالى بتؤدد حتى لا يسمع صريرها أب ولا أم والدخول خلسة للبيت بعد قضاء سهرة ممتعة مع معشوقهم كرومه البلبل الصداح أو الكحلاوى الشقي ومجنون رحمهما الله رحمة واسعة وأدخلهما فسيح الجنان …آمين يارب العالمين .
وعلىصعيدالصحوةالسياسيةالوطنيةبعدإنجلاءالغشاوةعنالأبصار جراء تزايد الظلم والمهانة والإحتقار الذي مارسه المستعمرون المستعبدون للشعب السوداني ، صحى الضمير الوطني وأصبح مرجل يغلي فى صدور نواب أول برلمان ديمقراطي منتخب لشعب السودان ، ولو كان لأهل السودان ثورة يعتز بها ولا تتقدمها ثورة فهي ثورة نواب برلمان الشعب السوداني فى جلستهم التاريخية المصيرية التى إنعقدت فى يوم الخميس ١٥ ديسمبر ١٩٥٥م فبالرغم من أنها بدأت جلسة عادية يجيب فيها رئيس الوزراء الزعيم الراحل اسماعيل الأزهرى موقد شعلة التحرر السوداني على أسئلة النواب تقدم العضو البرلماني يعقوب حامد بابكر نائب دائرة شمال الفونج بسؤال لرئيس الوزراء: ( هل تلقت حكومة الممكلة المتحدة أي وعود من الحكومة السودانية يمنحها قاعدة جوية ما فى السودان ؟ ولم يستجمع الزعيم اسماعيل الأزهري قواه بعد للرد الرصين عاجلة العضو البرلماني بولين دي مبيور نائب دائرة واو عن الحزب الجنوبى بسؤال آخر قائلاً : ( هل ينطبق ذلك على الإتفاق بين بريطانيا وأمريكا بشأن الدفاع عن الصحراء ؟ وعلى كليهما جاء الرد حاسماً من رئيس الوزراء الزعيم اسماعيل الأزهري : كلا وألف كلا وقال : إن مهمة حكومتي هي السودنة ( تسليم وظائف الدولة من المستعمرين للسودانين ) وقد تمت ، وإجلاء القوات الأجنبية من السودان وقد تم ذلك ، ولم يبق غير استقلال السودان وسوف أعلنه فى جلسة يوم الإثنين ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م ولا يفوت الجميع.المشاركة في قطف الثمار الدانية .
بعد هذا القرار المضمر تحول كل شىء مائة وثمانون درجة ، فإنخرط نواب الشعب في إجتماعات مكثفة لثلاث أيام عصيبة مع القوى السياسية الوطنية كافة لتحقيق الإجماع الوطني والتوافق حول الكيفية التي سيتم بها إعلان تحرير السودان من براسن المستعمرين من داخل قبة البرلمان فأحكموا الترتيب وتوزيع الأدوار بين النواب بحكمة وتجرد حتى لا تبان ذرة من تنازع أو شقاق فى الجلسة المرتقبة لإشهار تحرير السودان فى يوم الإثنين الموافق ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م وهو اليوم الحقيقي لإستقلال السودان ، وكان من أهم تلك الترتيبات الوطنية الدقيقة أن طلب من العضو البرلمانى محمد نورالدين الذي إعترض على قرار إستقلال السودان لأنه كان منحازاً للوحدة مع مصر فطلب منه النواب الغياب عن جلسة الاجماع الوطني فى ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م وفعل ذلك ، وكانت من أكبر التحديات التي واجهت الإجماع الوطني على الاستقلال من داخل البرلمان إشتراط أعضاء حزب الجنوب للوقوف مع قرار الاستقلال تحقيق مطالبهم بتكوين حكومة فيدرالية في المديريات الجنوبية ، وقد تم تجاوز هذا المقترح بأن نظام الحكم فى السودان شأن يقرره برلمان السودان المستقل الذي يعد الدستور الدائم للبلاد لاحقاً ، بعد هذا أصبح الطريق ممهداً لوضع الصيغة النهائية لقرار تحرير السودان من قبضة المستعمرين وقد كان لهم ما أرادوا ، وأتقن كل عضو دوره وفق الترتيب المسبق .
وها نحن فى الذكرى (٦٧) لاستقلال السودان نجدد عهد الوفاء لصناع الاستقلال والتحرر الحقيقي للسودان ونصحح فيها المفاهيم ونرد تاريخ إستقلالنا لميقاته الصحيح رفضاً لهذا التزوير المعيب لتاريخ استقلال بلادنا المجيد .
المصدر: الانتباهة