تحدثت تقارير صحفية ومغردون في وسائل التواصل الاجتماعي عن رفض الصين تمرير قرار في مجلس الأمن لاعتماد الاتفاق الإطاري الذي وقعته بعض القوى السياسية مع قادة الجيش مطلع هذا الشهر، الأمر الذي نفاه وزير الخارجية علي الصادق، مؤكدًا أنّ الصين لم ترفض أي قرار بشأن الاتفاق الإطاري.
وقال الصادق لصحيفة ”سودان تربيون” إن الأمم المتحدة لم تجر تصويتًا لاعتماد الاتفاق، مؤكدًا أنها أحاديث عارية من الصحة.
نهج حذر:
أشارت تقارير إخبارية سابقة إلى أن النفط ظل يهيمن على علاقة السودان الاقتصادية الممتدة لعقود طويلة مع الصين. ومع ذلك، فقد تغيرت هذه العلاقة بشكل كبير في العقد الماضي – أولًا مع فقدان احتياطيات النفط عندما أصبح جنوب السودان دولة مستقلة في عام 2011 ، ومؤخرًا بسبب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الحليف القديم للصين.
بحسب تقرير سابق لمعهد السلام الأمريكي فقد كانت العلاقات الثنائية بين الصين والسودان ذات يوم من بين أقوى علاقاتها في إفريقيا، واستندت إلى حد كبير إلى اهتمام بكين الاقتصادي قبل عام 2011 بالنفط السوداني، وكان دعم بكين العلني لانتقال السودان إلى الحكم المدني في أعقاب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس عمر البشير. إلا أنها كانت حذرة بحسب التقرير، على الرغم من نجاحها في الغالب في ضمان استمرارية علاقاتها الثنائية مع السودان.
ومع ذلك، فإن محاولات موازنة علاقاتها بين الداعمين الخارجيين للخرطوم، المتنافسين أيضًا، قد حدت من قدرة بكين على التدخل وتشجيع مختلف حلفائها على العمل لصالح الاستقرار أو لعب أي دور فاعل في التقريب بين الأطراف المتصارعة.
طريق الحرير:
على المدى الطويل، نظرًا لأن المصالح التجارية للصين في السودان تتسق مع هدف مبادرة الحزام والطريق المتمثل في تعزيز روابط البنية التحتية في المنطقة، فإن الحاجة إلى حماية مصالحها الاقتصادية ستزداد وفقًا لذلك – وستكون لها آثار على مشاركتها مع القوى الإقليمية في البحر الأحمر وروسيا بحسب معهد السلام الأمريكي.
أفول النجم:
وجهة النظر التي أيدها كبير الباحثين بالمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان لوك باتي عندما سئل من قبل إريك أولاندر، مدير تحرير موقع وبودكاست المشروع الإفريقي عن تقييمه للوضع بالسودان عقب الانقلاب في السودان في أكتوبر الماضي وما هو على المحك بالنسبة للصين؟! فقد قلل من أهمية السودان الاستراتيجية للصين في ذلك الوقت، معتبرًا أن السودان لم يعد نجمه ساطعًا بالنسبة للصين كما كان من قبل، لافتًا إلى أنه لم تعد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا موردًا مهمًا للنفط للسوق الصينية. فقد كان السودان قبل أقل من عقد بقليل، هو سادس أكبر مصدر للنفط الأجنبي للصين، حيث وفر 5.5٪ من احتياجاتها. انخفض هذا الموقف بشكل حاد عندما انفصل جنوب السودان واستولى معه على 80٪ من موارد النفط بالسودان، كذلك أدت الحرب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في جنوب السودان إلى تقليص دورها أيضًا، وبسبب الطلب المتزايد على النفط لجأت الصين للبحث عن شركاء آخرين في آسيا وأمريكا اللاتينية لتوفير حاجتها من النفط.
نهج جديد:
ويقول لوك باتي الذي يعتبر أيضًا زميل أول في برنامج النفط والغاز لإفريقيا بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة أنه يتجلى بوضوح نهج الصين الجديد الخافت إلى حد ما في انخفاض تمويلها للسودان بعد عام 2011، العام الذي انفصل فيه جنوب السودان. من عام 2011 إلى عام 201 ، فقد منحت الصين السودان قروضًا تقدر بـ 143 مليون دولار. ويتضاءل هذا إلى حد كبير مقارنة بما يقرب من 6 مليارات دولار، لمشاريع الطاقة والنقل المقدمة بين عامي 2003 و 2010.
ويقول الباحث أنه مع ذلك، لا تزال الصين شريكًا اقتصاديًا مهمًا للسودان. لا تزال واحدة من الشركاء التجاريين الرئيسيين للسودان ومستثمرًا نشطًا في العديد من القطاعات، بما في ذلك قطاع التعدين. بالنسبة لبكين، وهناك الكثير من المواطنين الصينيين في السودان يعملون في البنية التحتية والخدمات، وكذلك في بقايا صناعة النفط.
الدبلوماسية الناعمة:
ظلت الصين تدعم السودان سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا لعقود مضت، وامتنعت بكين عن التصويت على قرارات بشأن عقوبات على الخرطوم في مناسبات عدة من بينها مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة يقضي بفرض عقوبات على السودان بشأن أزمة دارفور. في العام 2004، امتنعت الصين إضافة إلى دول أخرى بما في ذلك باكستان والجزائر وروسيا، عن التصويت على القرار، معبرة عن رفضها لمبدأ التهديد بفرض عقوبات على السودان وعلى معارضتها لإرسال بعثة لتقصي الحقائق في دارفور.
فيما عارضت قرارًا في العام 2005 بفرض حظر توريد السلاح على الحكومة السودانية والفصائل المسلحة في دارفور.
أيضًا عارضت الصين مسودة قرار أمريكية تهدف لفرض عقوبات على أربعة مسؤولين سودانيين بتهمة ارتكاب مجازر في دارفور في العام 2006.
ومؤخرًا ضمن جهودها لدعم السودان في أروقة مجلس الأمن دعا مبعوث صيني لرفع العقوبات عن السودان في مارس الماضي، حيث قال داي بينغ، نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، إنه بعد انسحاب بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في منطقة دارفور بالسودان، تولت السلطات السودانية المسؤولية الأساسية عن حماية المدنيين وبالتالي من الضروري تعزيز قدراتها الأمنية، لافتًا إلى أن “حظر الأسلحة يؤثر بالسلب على بناء القدرات الأمنية في السودان. ويجب على مجلس الأمن تعديل إجراءات العقوبات في الوقت المناسب مع تغير الوضع”.
صحيفة السوداني