بينما حددت الأمم المتحدة العام المقبل (2023) كعام لمحصول الدخن باعتباره من أهم الحبوب الغذائية، نجد أن مزارعي الدخن بإقليم دارفور أطلقوا أجراس الإنذار بأن محصول الدخن إلى زوال، رغم أنه الغذاء الرئيس لمعظم سكان الإقليم، بل إنهم عندما يقولون(العيش) فهم يقصدون الدخن.أمس أورد موقع (دان برس) تصريحات منسوبة لمسؤول الجمعيات الزراعية بوزارة الزراعة بولاية شمال دارفور ، الهادي نور الدين، أن النبات المتطفل (البودا) انتشر في المنطقة ووصل حتى جنوب الفاشر في منطقة ملم الفرسان ومحلية الطويشة، وأنه أثر سلباً على الإنتاج، حيث تدنت إنتاجية المخمس حتى (1.5) جوالاً ،المخمس يعادل 1.25 فدان . وحذَّر نور الدين من أن عدم معالجة الأمر ربما يؤدي لخروج الدخن من سلة المحاصيل المنتجة بالولاية رغم أنه الغذاء الرئيس للسكان.وأوضحت دراسة نفذها معهد البحوث الزراعية الإثيوبي ونشرها في العام الماضي، أن طفيل البودا يؤثر سلبًا على الدخن في السودان بنسبة تتراوح بين 20 إلى مائة بالمائة حسب انتشاره.وقدَّمت الدراسة الإثيوبية عدة توصيات لمكافحة البودا في الدخن تمثلت في منهجين، الأول للقضاء عليها أو تقليل تعدادها في المساحات المزروعة، فيما المنهج الثاني يعتمد على تعويض مشاركة البودا لنباتات الدخن في غذائها عبر توفير التسميد النتروجيني. إلا أن الدراسة كشفت عن عدم قدرة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على تحمل مثل هذه التكلفة خاصة مع توقع انخفاض الإنتاجية فضلاً عن تعرُّض المحصول لعوامل أخرى خارج يد الإنسان مثل شح الأمطار أو عدم انتظامها.ومن توصيات الدراسة الإثيوبية، وأيضاً بعض المصادر البحثية السودانية للقضاء على البودا استعمال بعض المبيدات مثل (تي فور دي) إضافة إلى بعض أنواع الفطر مثل الفيوزيريم. إضافة إلى استخدام نباتات مقاومة للبودا، أو زراعة بعض المحاصيل لتحفيز بذور البودا لتنمو ثم التخلص من المحصول ومعه نباتات البودا عبر حرث الأرض (نظام السرولة في بعض المناطق).واتفقت الدراسة الإثيوبية ودراسة أخرى قدَّمها باحث من نيجيريا وتوصيات البحوث السودانية على أهمية استخدام الدورة الزراعية بإدخال محاصيل بقولية وعدم تكرار زراعة الدخن أو الحبوب عامة في نفس الأرض لأكثر من دورة.لكن نجد أن استخدام الدورة الزراعية قد يكون صعب و مستحيل في دارفور بسبب صغر المساحات وتنافس مستخدمي الأرض من مزارعين ورعاة ومستخدمي الغابات على رقعة ضيِّقة من الأرض.أطلق مسؤول جمعيات المنتجين بشمال دارفور أجراس الإنذار حول التحدي الوجودي الذي يواجه الدخن ـ الغذاء الرئيس في الإقليم ـ وقد يكون الأوفق من الآن أن تقوم الجهات المعنية الإقليمية والولائية والاتحادية بالإجراءات اللازمة للقضاء على خطر البودا أو على أقل تقدير تخفيف آثاره.ومن الضروري التذكير بأن الوقت لا يسع إقامة الورش والمنتديات، فقبل حوالي 14 شهراً ( أكتوبر 2021) أقيمت ندوة بالخرطوم بمشاركة منظمة جايكا اليابانية وعدد من الجامعات والمراكز البحثية، إلا أن مخرجاتها لم تصل إلى الأرض.يواجه إنتاج الدخن تحديات كبيرة، إلا أن من حظ الحسن أن العالم يحتفل العام المقبل بمحصول الدخن باعتباره من أهم محاصيل الأمن الغذائي. ويمكن للجهات المختصة الاستفادة من هذا الحدث واستقطاب التمويل المالي والدعم الفني من المنظمات الدولية والإقليمية.
المصدر: التيار