بشكل مفاجئ ظهر رئيس لجنة الاتصال السياسي بالكتلة الديمقراطية مني اركو مناوي في مسيد الشيخ الطيب الجد رئيس مبادرة نداء اهل السودان بام ضو بان، لقاء المارشال والقطب الديني اخذ حيزاً من الاهتمام الاعلامي والسياسي، لا سيما أنه يأتي بعد اقل من اسبوعين من توقيع الاتفاق الإطاري بين المكون العسكري وقوى مدنية وسياسية في ظل معارضة الكتلة الديمقراطية ونداء اهل السودان، وهو ما دفع المراقبين الى الجزم بان لقاء اركو مناوي والشيخ الجد أمس الاول (الجمعة) سيكون له ما بعده، ويقرأ خبراء ان ما تم بام ضواً بان يعبر عن تنسيق لجبهة المعارضة للاطاري، ولكن يبقى السؤال: هل الجبهة المعارضة قادرة على اجهاض الاتفاق المبرم بالقصر الرئاسي في الخامس من ديسمبر الجاري، ام انها قد تسهم في توسعة مظلة الإطاري.
تقوية المعارضة
الخبير والمحلل السياسي د. عبد الرحمن خريس أوضح ان الزيارة تشير الى نزعة تقوية المعارضة للاطاري وتنسيقها، خاصة ان قوى المجلس المركزي تشظت، وهنالك تململ شعبي عريض تجاه الاتفاق.
ويذهب خريس الى ان المعارضين للاطاري بامكانهم تحريك الشارع وتوظيف خلافات الموقعين وسياسة ارتفاع معدلات الرفض، وذلك بالتنسيق المحكم بين الكتلة الديمقراطية ونداء اهل السودان باعتبارهم من التحالفات الفاعلة في المشهد حالياً.
د. عبد الرحمن اعتبر ان وحدة المعارضة داخلياً مهمة للضغط على المجتمع الدولي الداعم للاتفاق بين المدنيين والعسكريين، وذلك بتكثيف العمل المعارض المدني السلمي عبر التظاهرات والفعاليات السياسية المختلفة والاتصالات الخارجية مع حلفاء دوليين، وذلك لتكذيب رواية المبعوث الاممي فولكر الذي ذكر ان الموقعين على الإطاري يمثلون الكتلة الحية والاغلبية للشارع السوداني.
وخلال خطابه بمنطقة المعاقيل العسكرية، أكد رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان ان ما تم من اتفاق ليس تسوية ثنائية، متحدثاً عن الإطاري بما لا يتواءم مع موجهات المجلس المركزي الذي لم ينتظر كثيراً ليجيء الرد على لسان ياسر عرمان الذي اعتبر حديث البرهان عودةً الى ما قبل الإطاري.
مشتركات الرؤية
وبدوره قال الناطق الرسمي لنداء اهل السودان هشام الشواني ان اللقاء الذي تم بين الشيخ الطيب ومناوي كان ايجابياً، واضاف الشواني في حديثه لـ (الانتباهة) ان الاجتماع بين الرجلين اكدت من خلاله مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني على مشتركات في الرؤية السياسية بين النداء وتحالف الكتلة الديمقراطية، مشيراً الى ان اهم المشتركات برزت في الرؤية والدعوة للتسوية السياسية الشاملة ورفض الاتفاق الإطاري من حيث المبدأ والمضمون.
واضاف محدثي ان مناوي اكد أنه مسؤول ومفوض بالتواصل السياسي، وأن اللقاء يأتي بدايةً لتواصل وتفاهم بين نداء أهل السودان والكتلة الديمقراطية.
واثار الاتفاق المبرم بين المكون العسكري ومجموعة المجلس المركزي وقوى الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة، أثار جدلاً واسعاً في الساحة السياسية لجهة الدعم الدولي الكبير الذي حظي به، ولكن بالمقابل فإنه قوبل بموجة رفض واسعة، حيث جمعت معارضة الإطاري لاول مرة تيار اليسار المتمثل في الشيوعي والبعث والتيار الاسلامي، فضلاً عن تحالفات كبيرة مثل نداء اهل السودان والكتلة الديمقراطية.
ولكن للخبير والمحلل السياسي د. صلاح الدومة رأياً مغايراً عن سابقه، حيث قال لـ (الانتباهة) ان مبادرة الطيب الجد قُبرت يوم بدأت، فيما لا يمتلك مناوي سنداً جماهيرياً ولا يحتل اراضي على غرار الحلو وعبد الواحد حتى يساوم ويفاوض، وأضاف قائلاً: (التقى مفقود الامل فيه والميؤوس منه وبالتالي اترك الاجابة للقارئ).
وتوقع الدومة أن يمضي الاتفاق الإطاري للامام رغم البطء، وسيتم فرضه على الجميع وسينجح الإطاري، وقد تطرأ بعد التعديلات فيه ولكنه سيرسم مؤشرات الفترة الانتقالية.
واعترف الدومة بأن الاتفاق الاطاري غير عادل، ولكنه عاد وقال انه ليس بالامكان افضل مما كان بالاشارة الى الإطاري.
مزيد من التكتيك
ورغم مضي عشرة ايام على التوقيع على الإطاري واتساع رقعة الرفض له، غير انه من واقع المؤشرات مازال يحظى بسند دولي، وهو ما يتطلب من التحالفات الاخرى ان تحظى بدعم حلفاء دوليين آخرين.
وخلال الأسبوع الماضي التقى السفير الروسي رئيس الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني ومن بعده الناظر ترك، وهو ما وصفه مراقبون بتحريك المجتمع الدولي الموازي بموسكو التي بدأت أخيراً في نشاط سياسي بعد اختفاء طويل عن المشهد السياسي المهمينة عليه الرباعية بزعامة السفير الامريكي جون غودفري.
ويبقى التنبؤ بمجريات الراهن السياسي في الخرطوم صعبة، لجهة تداخل المكونات والتعقيدات التي تلازم الازمة السياسية المشتعلة لفترة عام ويزيد، حينما اقدم قائد عام الجيش البرهان على فض الشراكة مع المدنيين وتجميد بعض مواد الوثيقة الدستورية، ودخلت البلاد في دوامة ازمة تُعد الأعقد في تاريخ الفترات الانتقالية بالبلاد.
وبلقاء مناوي ــ الذي برز كاحد الفاعلين في الديمقراطية خلال الآونة الاخيرة وقدم قدرات سياسية عالية ــ والشيخ الطيب الجد، يبدو ان التحالف بين المبادرتين وارد، وان كان بمزيد من التكتيك والتلاقي حول المشتركات.
وقطعاً سيدخل الاتفاق الإطاري في مرحلة حاسمة ومهمة في مجابهة موجات الرفض المتزايدة، اما بتعديل منصة الاتفاق واستيعاب آخرين او سد الباب ومواجهة الرافضين.
صحيفة الانتباهة