الحكم بإعدام عنصر من (9 طويلة).. هل يحد من جرائمها؟
في أول سابقة منذ انتشار ظاهرة العصابات الإجرامية (9) طويلة، في الخرطوم، والتي تسببت في ترويع وإنهاء حياة عدد من المواطنين .
أصدرت محكمة جنايات منطقة الأزهري في جنوب العاصمة الخرطوم، حكماً بالإعدام على أحد عناصر التشكيل الإجرامي (9) طويلة، وذلك بعد إدانته بقتل طالب جامعي طعناً “بالسكين” أثناء محاولة نهب هاتفه بالشارع العام.
وبحسب حيثيات الحكم فإن العقوبة جاءت رداعة، لأن المدان تسبب في إزهاق روح المجني عليه عمداً من خلال مستندات الاتهام التي قدِّمت للمحكمة بواسطة الاتهام بالحق العام والخاص.
وفي الأثناء يتساءل متابعون عن هل سينفذ الحكم في ظل عدم اكتمال المؤسسات العدلية؟ لاسيما وأن هنالك الكثير من الأحكام الجنائية المعطلة بسبب غياب المحكمة الدستورية، وما إذا كان تنفيذ الحكم بالإعدام سوف يقضي على الظاهرة الإجرامية التي أقلقت سكان العاصمة ما يعرف بـ(9) طويلة؟
تأثير ولكن!
قال الخبير القانوني، رئيس اللجنة السياسية بحزب الأمة آدم جريجير لـ(الصيحة): إن إصدار حكم بالقصاص وإعدام عنصر من العصابة الإجرامية (9) طويلة، مثل هذه الأحكام يمكن أن تنفذها في الدرجة النهائية بموافقة من رئاسة مجلس السيادة وقد لايحتاج إلى محكمة دستورية، إجراء عادي، وليس مثل الجرائم الدستورية والمتعلقة بجرائم النزاعات .
وقال جريجير: إن تأخر تشكيل المحكمة الدستورية منذ سقوط النظام البائد، وطيلة الفترة الانتقالية السابقة، تلتها فترة الانقلاب يعود إلى الإضطراب السياسي، وقال: كان من المفترض أن تتشكَّل منذ الاتفاق على الوثيقة الدستورية، نسبة إلى أنها “تقوم بالرقابة على دستورية القوانين، وحفظ الحقوق، والحريات الأساسية، والفصل في النزاعات الدستورية، ولكن هناك فراغ عام تشريعي ودستوري ألقى بظلاله على العديد من القرارات السياسية العامة، ولا أعتقد أن هنالك ما يستدعي تأخر قيام المحكمة الدستورية طوال هذه الفترة”.
ويشير إلى أن التأثير الذي يحدث على غياب المحكمة الدستورية كبيرًا،
نسبة إلى أن المحكمة الدستورية هي جزء من نظام التقاضي السوداني، لها صلاحية النظر في دستورية القوانين، ومدى التزامها بنصوص الدستور، وضمان الحقوق الأساسية للمواطن، كما أنها تنظر في النزاعات الدستورية والطعون في القرارات السيادية، في حال غياب هذه المحكمة فهناك خطر على الحقوق.
تعطيل الدستورية
ويرى مراقبون أن المحكمة الدستورية في السودان هي المحكمة الحارسة للدستور السوداني بصورة عامة ودساتير الولايات وتعتبر أحكامها نهائية وملزمة. لا تخضع أعمال السلطة القضائية والأحكام والقرارات والإجراءات والأوامر التي تصدرها محاكمها إلا بعد مراجعتها لدى المحكمة الدستورية، وأشاروا إلى أن الدستورية تتكوَّن من تسعة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بناءً على توصية المفوَّضية القومية للخدمة القضائية وموافقة ثلثي جميع الممثلين في مجلس الولايات، للمحكمة رئيس يعّينه رئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول لرئيس الجمهورية من بين القضاة المعينين. يكون رئيس المحكمة مُساءلاً لدى رئاسة الجمهورية. ولاية القاضي في هذه المحكمة سبع سنوات ويجوز تجديدها.
وانتهى أجل المحكمة الدستورية في 12 يناير 2019م، حيث نصت الوثيقة الدستورية – التي تحكم فترة الانتقال – على تشكيلها على يد مجلس القضاء العالي الذي لم تتم إجازة قانونه، بسبب حل الحكومة الأنتقالية في 25 أكتوبر الماضي، من قبل رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان .
وأوضحوا إلى أن تشكيل المحكمة الدستورية رهين بإجازة القانون من قبل مجلسي السيادة والوزراء والقاضي بتشكيل مجلس القضاء العالي والذي بموجبه يفوض له صلاحيات تشكيل للمحكمة الدستورية.
وقالوا: “إن غياب المحكمة الدستورية في الوقت الحالي يظل هاجساً ينذر بتأخير تنفيذ أحكام الإعدام التي تنتظر الفصل من المحكمة”، وأشارت إلى أن التكوين السابق للمحكمة الدستورية انتهى، ولا يمكن تشكيلها الآن قبل إجازة قانون مجلس القضاء العالي .
غياب العدالة
واعتبر المتخصص والخبير القانوني د. عثمان أحمد، أن غياب المحكمة الدستورية يعني غياب العدالة في السودان، وأوضح لـ(الصيحة) أن الدستورية هي الجهة الوحيدة التي تفصل في دستورية القوانين، وهي أعلى سلطة في القانون يمكنها الفصل في القضايا بين الدولة والمواطن العادي، إضافة إلى ذلك تفصل في عدم قانونية التشريعات، وهي تعتبر نهاية الأحكام. وأردف: (أي أحكام قضائية تصدر في هذا التوقيت بالبلاد تعتبر أحكاماً غير نهائية).
وذهب أبعد من ذلك قائلاً: حتى الأحكام التي ينتظر أن يبت فيها بشأن موقوفي النظام السابق ستكون غير نهائية ما لم تشكَّل المحكمة الدستورية وتستأنف نشاطها، واعتبر أنه لا توجد الآن عدالة كاملة.
واعتبر أن مجرَّد إصدار حكم الإعدام على أحد عناصر تسع طويلة، لن يخمد الظاهرة أو يحد عنها، وأردف بأن الظاهرة تحتاج إلى ردع قانوني وتنفيذ فوري للحكم حتى تكون رسالة، لهذه العصابات الإجرامية
هاجس التنفيذ
في السياق، اتصلت (الصيحة) على عضو بالمحكمة الدستورية السابقة قبل تعطيلها، ورفض الإفصاح عن اسمه، لكنه أكد أن المحكمة الدستورية هي القلب النابض للنظام القانوني، والسياسي، والدستوري في البلاد، مشيراً إلى أن “السودان” منذ سقوط النظام البائد ظل تحت نظام قانوني، من دون قلب نابض، ولحسن الحظ لم تحدث أزمات سياسية أو أمنية كبيرة، وجب فيها تدخل المحكمة الدستورية”. ودعا إلى استعجال إجازة قانون القضاء العالي بغرض تشكيل المحكمة الدستورية، مشدِّداً على أن “غيابها هاجس من تعطيل تنفيذ الأحكام”، وزاد: لاسيما وأن انتشار الجرائم مثل (9) طويلة تستدع التنفيذ الفوري للحد وردع هذه العصابات الإجرامية.
الصيحة