اعتدت كل يوم على تصفح (قروب أفراح وأتراح الأبيض) ففي العادة يعطينا مؤشراً حول الاجتماعيات بالمدنية ونعرف من الذي اختطفته يد المنون فنواسي أهله، أو نجد دعوة زواج أحد أبناء المدنية أو بناتها فنتواصل مع العرسان أو ذويهم مباركين الزواج، ولكن بالأمس لم أجد في (القروب) غير الاحزان التي توالت بسبب تفشي وباء حمى الضنك لدرجة أنك لا تستطيع أن تحصي عدد الموتى .
وبث ناشطون صوراً ومقاطع فيديو تُظهر مواجهة عشرات المصابين صعوبات في تلقي العلاج بمستشفيات شمال كردفان التي تُعد بؤرة للمرض المنتشر في 8 ولايات.
وحمى الضنك هي عدوى فيروسية تنتقل بلدغة الباعوض وتنشر سريعًا في المناطق التي يكثر فيها توالده خاصة الاستوائية وشبه الاستوائية، ويعاني المصاب من ألم شديد في البطن إضافة إلى القيء المستمر والإرهاق والطفح الجلدي وهبوط ضغط الدم وصعوبة في التنفس.
ويلقي ضعف النظام الصحي، الذي يعاني من ضعف التمويل الحكومي لسنوات طوال، مخاوف من تفشي الوباء على نطاق واسع في ظل تحرك السودانيين اليومي حيث لم تتخذ السلطات قرارات جدية لمحاصرة المرض.
بيت عزاء
عكس مواطنو بمدينة الابيض واقع الحال بالمدينة بعد ان ضربتها حمى الضنك، وحولتها لبيت عزاء كبير حسب وصفهم، وأشاروا لتقاطع السكان ما بين شرقها وغربها وشمالها وجنوبها لأداء واجبات الدفن والعزاء.
وقال المواطن أحمد محمد نحن متقبلون أقدارنا واشار لتكرار معاناتهم ومرورهم بنفس الظروف، وتابع اجتزنا الكوليرا التي انكرتها وزارة الصحة، وفي زمن الكرونا التي اخفت وزارة الصحة معلوماتها واليوم تخرج لنا الوزارة التي أصابتها حمى الضنك بتقرير ان حالات الإصابة لا يتجاوز (26) حالة.
ونبه الى ان ذلك العدد هو الذي أصاب عملياً اي أسرة كبيرة في الحد الأدنى وقال معروف عن حمى الضنك قدرتها على الانتقال واشار لوجود حالات بدأت تنزف، وانصراف المرافقين عن مؤسسات الوزارة الصحية التي نبه لافتقارها لأبسط المعينات.
وقال ان ثلاثة مرضى في سرير وبعضهم وقوفاً، ورائحتها جديرة بإنتاج أوبئة متحورة جديدة فمن خلال زيارة لمريض احتجت لاستخدام ثلاث كمامات لان الروائح النتنة تجعل الكمامة نفسها نتنة في غضون دقائق وانا عابر وتسأل فما بالك بالمريض او المرافق او الكادر؟ وانتقد تركيز حكومة الولاية وإعلامها على طائرة الرش القابعة منذ ايام فقط من اجل المكافحة كأنما فيها شفاءٌ واضاف كان الأجدى ان تكون عملية الرش كوقاية بفرق متطوعة وتتم ما بين ليلة وضحاها بتوفير المبيد الأصلي والطلمبات حتى اليدوية الصغيرة وهي أجدى وأنفع لأنها تصل لمواطن توالد وتكاثر البعوض وعاب على الحكومة تصريحاتها السابقة حول اصابة ست وعشرون مصاباً فقط واعتبرها جريمة مكتملة الأركان الهدف منها قتل روح من بقى من اهل المدينة، ووجه سؤال لوزارة الصحة كم عدد المتوفين؟ وكم عدد المرضى من كوادركم؟ وهل مر واحد منكم بمقابر الأبيض التي تستقبل يوميا ما بين (25ــ 30) أو يزيد فهل بحثتم عن سبب هذه الوفيات الغير طبيعي وهل جلستم الي كوادركم الذين يعتبرون هم أكثر من دفع ثمن هذه الظروف الصحية. وهل بموجب التقرير المغلوط سيتم فتح المدارس؟ ونحن كل يوم نفقد معلما بالأمس فقدنا (3) معلمين تقبلهم الله عنده مع الصديقين. ونبه الى تراجع الاوضاع العلاجية ما دفع المواطنون للعلاج البلدي واشار الى ان معظم المصابين اقتنعوا ان تلك الحمى يرقان ابيض في تجاهل واضح لوزارة الصحة ومؤسساتها.
وحول خدمات التأمين الصحي بالمستشفى اشار الى وجود الصيدلية المركزية التابعة لإدارة التامين خارج دائرة المستشفى ما تزيد من معاناة المرضى وقال عادة يتم طلب احضار استمارة لكتابة الدواء دون اكتراث لحالات المرضى ما يدفع الكثيرين للشراء من الصيدلية التجارية بأسعار عالية وحول خدمات التمريض اشار لعدم وجود كوادر تمريض تتوافق مع اعداد المرضى بالمستشفى.
وعاد أحمد محمد نور ليؤكد ان تقرير وزارة الصحة كذبته بيوت مدينة الابيض الموبوءة وقال ان العدد المذكور لا يناسب عدد الوفيات ودعا للتطوع والانخراط في رش الاحياء وعمليات اصحاح البيئة وطالب من لهم خبرة في التمريض ( الحقن والفراشين والدربات) الاعلان عن خدماتهم ولو على مستوى الاحياء ودعا أبناء الأبيض بالخارج لتقديم المساعدة عبر المنظمات المعروفة والتي أحضرت طائرة الرش فالحكومة أصابها الضنك ووزارة الصحة إصابتها هلاويس حمى الوادي المتصدع.
أعلنت وزارة الصحة ظهور مرض حمى الضنك في 8 ولايات وزيادة حالات الإصابة بمرض الملاريا. وقال بيان صادر عن الوزارة إن حمى الضنك انتشرت في ولايات دارفور وكردفان الكبرى، بالإضافة إلى البحر الأحمر وكسلا والنيل الابيض.
وناشد المسؤولون في شمال دارفور السلطات المركزية والمنظمات الدولية بالتدخل بشكل عاجل للحد من انتشار الأمراض. وطبقا لمنظمة الصحة العالمية، يحتل السودان المرتبة الأولى بنسب الإصابة بمرض الملاريا في المنطقة، بعد أن سجل انخفاضا ملحوظا بها قبل خمسة أعوام.
واكد قطاع واسع من الأطباء ان انتشار حمى الضنك يعود الى غياب الدور الكلي والفعلي لوزارة الصحة الاتحادية والفشل الملازم لملف الصحة من نقص في الإمكانيات الطبية والتردي الخدمي والبيئي بالمراكز والمستشفيات الحكومية بالولايات التي أسهمت حصاد أرواح المرضي وانتشار كثير من الامراض.
حالة التأهب وفتح المدارس
رفعت السلطات الصحية بشمال كردفان، درجة التأهب عقب ظهور حالات لحمى الضنك، وبحث اجتماع ضم كافة الجهات ذات الصلة بحكومة الولاية، الوضع الصحي والإجراءات التي يجب اتباعها للحد من انتشار هذه الحميات.
وقال المدير العام لوزارة الصحة والتنمية الاجتماعية بشمال كردفان، إبراهيم الأنصاري، إن هناك جهوداً تمت بالمركز والولاية لمعالجة الوضع الصحي الراهن.
وأوضح أن هذا الأمر مقدور عليه بتضافر كافة الجهود، مضيفا أن هذه المرحلة تشهد عملاً مكثفا لمواصلة حملات مكافحة البعوض وأعمال الرش والذي بدأ في بعض المحليات، كاشفا عن بداية الرش بالطيران بالإضافة إلى تفعيل عمل عدد من المراكز الصحية بالأبيض لتعمل في كل الفترات لتقليل الضغط على مستشفى الطوارئ والإصابات.
وقرر الاجتماع المشترك الذي انعقد بأمانة حكومة الولاية مع وزارتي التربية والتوجيه والصحة والتنمية الاجتماعية بولاية شمال كردفان برئاسة حسن موسى عيسى الأمين العام لحكومة ولاية شمال كردفان تعليق الدراسة بجميع المراحل الدارسية بالولاية.
وأبان المجتمعون أن من أولويات هذه الخطوات توقف الدراسة لمدة أسبوعين حتى يتمكن الشفاء الطلاب المصابون والمعافون من المشاركة في حملات التوعوية. ويأتي قرار تعليق الدراسة نسبة للوضع الصحي بالولاية جراء انتشار الحميات والملاريا.
المفاجأة
تفاجأ المعلمون أمس بإصرار الحكومة على فتح المدارس بالولاية رغم الوضع المأساوي الذي تعيشه بسبب حمى الضنك وقالوا لـ(الجريدة) أن عدد كبير منهم مصاب بالمرض كذلك التلاميذ ووصفوا الخطوة بالانتحار في ظل افتقار النظام الصحي بالولاية لأقل مستلزمات العلاج.
الجريدة