كرور، أبوزيد، ليبيا.. أسواق تطالها الإزالات وتشريد المئات من أصحاب الدخل المحدود
مع بداية كل عام تلجأ المحليات إلى إعادة سيناريو زلزلة الأسواق بالشروع في حملات إزالة واسعة تطال أغلب المحال التجارية والأسواق وتحدث نتيجة لذلك الفعل الحكومي المتكرر، خسائر مالية فادحة يدفع فاتورتها الباهظة البسطاء من الكادحين في الوطن الذين تنفسوا الصعداء بسقوط النظام البائد الذي أنشأ هذه المحليات لتكون بمثابة البقرة الحلوب التي تدر له مليارات الدولارات وترفع من نسبة (الربط) والذي يحدث بمحلية أم بدة يمكن قراءته بأن نهم وزارة المالية انتقل من رسوم عبور الطرق والجسور إلى الأسواق والشاهد هو ما ظل تشهده أسواق شعبية كبرى من هجمات وحملات طالت حتى الدرداقات والرواكيب الصغيرة لتصبح أسواق أبوزيد، كرور وليبيا في رحمة المحلية، ووفقاً للمتضررين أن المحلية فرضت غرامات مالية باهظة في سبيل تقنين وتنظيم بعض المحال التجارية وهو ما رفضه محدودي الدخل الذين أعلنوا امتعاضاَ شديداَ جراء ملاحقة المحلية لهم في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة وتمدد نسبة العطالة بين المواطنين.
الكشة
يستهدف هذا النوع من الكشات الباعة المتجولين بأسواق المحليات من الذين أجبرتهم الظروف الاقتصادية على عرض بضاعتهم على الرصيف أو الأرض، بحثاً عن مصدر شريف للرزق في مدينة يصعب فيها امتلاك أو استئجار متجر أو الحصول على ترخيص و (الكشة) وفقاً لمراقبين ومحللين اقتصادين تعتبر آلية إفقار جهنمية تجسد كل تعسف الدولة في أقصى حالاته، ففي ظل ظروف الفقر والواقع الذي يخًيم عليه البؤس والبطالة والتخلف والعوز المادي، ونظام اللا دولة عطفاً على الضغوط الاقتصادية التي يعانيها المواطنين المنفيين داخل وطنهم، (فالكشة) تستهدف نشاطهم الاقتصادي الذي يعتمدون عليه في تسيير حياتهم اليومية، وإن الأوامر المحلية والزرائع التي تستند عليها السلطات لتنفيذ هذه الكشات، من الواضح أنها تعلو على أي اعتبارات أخرى مثل أحوال البائعين و غلاء المعيشة و ظروف الحرب الطاردة فى مناطقهم و حقوق العمل و التنقل و الإقامة وغيرها. فحجة “المظهر العام” والاخلال به، قصد بها زيادة الجبايات لصالح سلطات المحليات، إضافة لمحاربة فئات بعينها ليس لها من سبيل سوى امتهان مثل هذه الأعمال، لتوفير العيش الكريم و سد رمق أطفاهم و ذويهم، والشاهد هو إذا نظرنا لما هو معروض من مواد بواسطة هؤلاء الضحايا، نجد أنه قليل القيمة لتوفير دخل يومي بسيط، مثل أطباق الكسرة، الفول السوداني، التسالي و الفواكه و السجائر والحلويات والصابون، هذا إلى جانب الدرداقات وهي (حوامل صغيرة بعجلة واحدة تدفع باليدين لنقل المواد خفيفة الوزن) التي في الغالب يمتهنها صغار السن نسبة للمجهود البدني الذى تحتاجه ورغم قلة الدخل إلا أن المحلية تتحصل رسوم يومية عن كل درداقة تصل إلى 30 جنيه، كما شرعت العديد من المحليات قبل سقوط نظام المخلوع بمصادرة هذه الدرداقات المملوكة لأشخاص و فرضت على كل من يود أن يعمل فى هذه المهنة أن يقوم بإستجارها من المحلية و ذلك لزيادة مداخيل المحلية، ألا يبدو أن المحليات وفي ظل الثورة السودانية استعانت بمن يقوم بذات الدور من خلال التعاقد مع بعض المستثمرين ليصبح سوق الدرداقات حصرياَ على رجل واحد ولكنه يعمل عمل المحلية في تجفيف السوق وهو كما أثبت تجربة الاحتكار يزيد من أجرة الدرداقات لدى الراغبين في سوق العمل من الصبية وذوي الدخل المحدود، وعودة احتكار سوق العمل هو منهج كيزاني فاسد تلاشى مع سقوط القطط السمان ولكن عودة ذات الأفاعيل التي أثارت كثير من الشكوك والمظان من قبل بعض المحليات محلية أم بدة نموذجاَ، يعضد فرضية عودة الفلول للمشهد حيث تشكل هذه الممارسة وضعية فساد واضحة المعالم، وكانت سلطات المحلية في النظام السابق تقوم ببيع البضائع المصادرة لأصحابها الأصليين بعد مداهمتهم و ترويعهم و مصادرة بضاعتهم، وتستمر هذه الممارسة الفاسدة في الدوران ربما لأكثر من مرة واحدة فى اليوم.
خسائر فادحة
شهد سوق كرور بمحلية أم بدة حملات إزالة واسعة طالت عدد من المحال التجارية وسط امتعاض من الأهالي والمتضررين، الذين استنكروا قرار المحلية وأوضح التوم محمدين أن السوق ظل يحتفظ بجاذبيته وأن قرار الإزالة أمر أصبح متعارف عليه مع نهاية أو بداية كل عام والغرض هو أن المحليات منذ فترة نظام المخلوع ظلت تمثل رافدا لخزانة الدولة من خلال تلك الغرامات التي ظلت تفرضها على الضعفاء والمساكين من فقراء الوطن وأردف: هنالك مستثمرون جدد يخططون إلى احتكار السوق بدفع مبالغ مالية باهظة للمحلية وأن ما حدث في سوق ليبيا فيما يتعلق باحتكار سوق الدرداقات بعد أن رسى المزاد على إحدى الشركات انتقلت فيما يبدو حمى المحلية إلى سوق كرور المعروف ببساطته وقلة أسعاره مقارنة بأسعار السلع الأخرى، ومضى على العموم أن الحملة أسفرت عن خسائر فادحة لجهة أن إنشاء راكوبة بأدوات بلدية أصبحت مكلفة جداً ناهيك عن إزالة محل تجاري، هذا عطفاً على تضييق الخناق على الفقراء الذين ظلوا يقتاتون من السوق سواء كانوا من الفريشة أو الباعة المتجولون.
في انتظار الفرج
أكدت لجان مقاومة أم بدة تضامنها مع المتضررين من قرار المحلية وأوضحت أن عدد كبير من المتضررين بإزالة الأسواق هم من أعضاء مقاومة ثورة سبتمبر وقال عضو لجنة فضل حجب اسمه أن قرار قطع الأرزاق من قبل الوحدة الإدارية غير مقبول وستتم مناهضته وفقاً للقانون وبالطرق السلمية وقال إن المتضررون من إزالة سوق كرور عقدوا اجتماع مع المدير التنفيذي لمحلية أم بدة وأن قرارات صدرت بهذا الشان. وأردف بقوله: نرفض عودة الفلول وحكم قرقوش، وفي السياق كشفت نون إبراهيم إمام” أحد المتضررين من قرار المحلية التي قامت بإحتجاز آلاف الدرداقات بسوق ليبيا عقب توقيعها لعقد مع إحدى الشركات التي احتكرت سوق عمل الدرداقات، أوضح أن الاف الدرداقات ما تزال قيد الحبس داخل المحلية، وأضاف: صحيح القرار عطل أرزاقنا لكننا ما نزال نبحث عن السبل التي من شأنها تحرر تلك الدرداقات (الرهينة) وتابع: نحن لا نملك المال لدفع الفدية التي قدرتها الوحدة الإدارية بمبلغ (10000ج) مقابل تحرير الدرداقة.
اجتماع عاصف مع المديرالتنفيذي
كشف عضو من لجان المقاومة بالمنطقة عن اجتماع المدير التنفيذي لمحلية أم بدة مع عدد من أعيان وتجار سوق كرور من أجل الوصول إلى تسوية بشأن بعض المخالفات، وأوضح العضو أن الاجتماع العاصف الذي شهدته قاعة المحلية قد شهد تجاذبات ونقاشات حادة من قبل التجار حيث أبدى العديد من التجار اعتراضهم على كثير من الممارسات السالبة التي ظلت تحدث داخل السوق من تفلتات وسرقات في ظل غياب الأجهزة الأمنية، وفي السياق شدد عدد من تجار السوق في إفادات لـ (الجريدة) على ضرورة أن تقوم المحلية بدورها في مراقبة وحماية السوق بدلاَ من فرض الأتاوات والرسوم والجبايات من محدودي الدخل، وقالت الحاجة أم كلثوم الطاهر أن المواطن يحتاج إلى الدعم أكثر من الغرامة والملاحقات القانونية وأوضحت أن السوق يضم عددا كبيرا من النساء الأرامل اللائي يعملن من أجل لقمة العيش الحلال وإعالة الأسر في ظل أوضاع معيشة قاسية، وقالت إنها دخلت للسوق بعد أن جمعت مال ثمرات في فترة حمدوك وأنها أصبحت تعمل في مجال (تركيب الريحة) وأن عدد من أخواتها ظلوا يمارسن العمل داخل السوق وأوضحت أن حملات المحلية فيها إهدار كبير لكرامة الإنسان خاصة جنس النساء العفيفات وقالت لا يعقل أن يتم حملنا في ذات الدفار الذي ظل وسيلة لحملة المجرمين ومعتادي الإجرام.
الملاحقة تشمل أبوزيد
شرعت محلية أم بدة أمس الأول في حملات شرسة طالت سوق أبوزيد واستهدفت الحملة أصحاب المهن الهامشية من الفريشة وحملة الدرداقات داخل السوق، وعبر عدد من المتضررين عن امتعاضهم الشديد من قرارات المحلية التي ظلت تستهدف حتى الأعمال الهامشية بالسوق وأوضح بابكر عبدالرحمن أن المحلية شرعت منذ الصباح الباكر في ملاحقة الفريشة مما أدى إلى حالة من الاحتقان بالسوق، وتابع نحن نتكسب رزقنا من السوق وليست لديه مهنة أو حرفة غير العتالة التي تحولت من ظهورنا إلى الدرداقات وأن توقف نشاطنا يعني تشريد مئات الأسر وحرمان آلاف الطلاب عن قاعات الدراسة، ومضى بقوله: الدرداقة هي مصدر رزقنا وأن حجزها أو التحفظ عليها من قبل المحلية يعني ضمنياَ قطع أرزاقنا وهذا أمر لا يرضى الله.
الجريدة