تحقيقات وتقارير

صدمات اقتصادية متلاحقة تنهك كاهل السودانيين

في وقت يعاني الاقتصاد السوداني من شلل شبه كامل، مع ارتفاع أسعار السلع الضرورية، مع حالة ركود في الأسواق وانتظام حركة الإضرابات في عدد من ولايات البلاد بسبب الضرائب الباهظة التي فرضتها السلطات مؤخراً لسد العجز في ميزانية العام الجاري المترنحة، شرعت وزارة المالية في الإعداد لموازنة العام 2023 التي أكدت أنها تهدف بشكل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير الخدمات الأساسية.

وواجه الاقتصاد السوداني خلال السنوات الماضية صدمات متلاحقة بدأت بانفصال الجنوب في العام 2011 والتي فقدت فيها البلاد أكثر من 75 % من إيرادات النفط، ولم تنته بقرارات قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021، التي أطاحت بحكومة عبد الله حمدوك، وظل الاختناق الاقتصادي عنصر الضغط الأقوى على ملايين السودانيين ما انعكس بشكل مباشر على الخدمات الأساسية.

وتوقفت المساعدات الخارجية، بعد تعثر عملية الانتقال، واشترط المانحون العودة للمسار المدني، ما أدى إلى انسداد نوافذ التعاون الاقتصادي بين السودان والمجتمع الدولي مجدداً بعد عزلة استمرت ثلاثة عقود هي عمر حكم الإخوان، حيث بدأت بعد ثورة ديسمبر 2019 البلاد مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم، مع تعهدات إقليمية ودولية بتقديم القروض والمنح للنهوض بالاقتصاد السوداني المتهالك.

لا تغيير

ويؤكد المحلل الاقتصادي أبو القاسم إبراهيم لـ«البيان» أن السياسات الاقتصادية لم يحدث فيه تغيير، وإنما هو ذات المنهج الذي بدأ تطبيقه في ظل الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك، إذ إن الحكومة ظلت ملتزمة بتعهدات وشروط البنك الدولي وصندوق النقد، مقابل تلقيها للدعم من المؤسسات الدولية لتخفيف آثار المرتبة على تلك الشروط، ولكن ذلك الدعم توقف منذ أكتوبر من العام الماضي، وبات السودان يعمل على تطبيق تلك الشروط من دون مقابل، ولفت إلى أن تلك السياسات المفروضة لها تبعات وآثار قاسية جداً على كل القطاعات في السودان، وهو ما عمق الأزمة الاقتصادية وفاقم الوضع السياسي وبالتالي الأمني. وأضاف: «من المفروض أن تتحمل المؤسسات الدولية الأثر الاجتماعي».

وطرحت وزارة المالية السودانية مؤخراً منشور إعداد مقترحات موازنة العام المالي 2023، والتي تستهدف تحقيق زيادة الإيرادات من موارد حقيقية وتحسين معاش الناس وخفض معدلات الفقر، وتطبيق تقانة المعلومات والحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي.

ويؤكد المحلل الاقتصادي عبد الوهاب جمعة لـ«البيان» أن موازنة 2023 التي يتم إعدادها حالياً تأتي في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية لا سيما وأن الموازنة الجديدة تستهدف بشكل أساسي تحقيق الاستقرار الاقتصادي، الذي أكد أن ذلك لن يحدث من دون إجراء عملية إصلاح اقتصادي حقيقية.

ويلفت إلى أن موازنة 2022 الجارية الآن تم تنفيذها من دون دعم خارجي، ما اضطر وزارة المالية إلى حشد الموارد الداخلية لتعزيزها، بفرض المزيد من الضرائب والجمارك والرسوم، ما انعكس سلباً على حياة الناس، وظهرت آثاره في الإضرابات في عدد من مدن البلاد بسبب ارتفاع قيمة الضرائب المباشرة على التجار.

وتوقع أن تستمر ميزانية 2023 في ذات المنحى لعدم قدرة الحكومة على استقطاب قروض أو منح خارجية، ما يدفع وزارة المالية للجوء للمزيد من الضرائب والرسوم المحلية، إذ باتت الرسوم المحلية هي المسير الوحيد للمحليات والولايات في السودان.

البيان

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى