في وقت شرعت فيه الحكومة الانقلابية في رفع معدل الرسوم والجبايات في كل الخدمات الضرورية، مما فاقم من اوضاع الحياة المعيشية للمواطن، في الاثناء اعلنت الحكومة عن تخفيضات جديدة لاسعار الوقود مما أثار كثير من الشكوك والمظان حول خطوة الحكومة، حيث ربط مراقبون بين غليان الشارع والتذمر من الرسوم والجبايات العالية التي ظلت تفرضها وزارة المالية وما اعلنته القوى الثورية من حراك للشارع وعودة المواكب للمشهد، كما لم يستبعد مراقبون أن تكون الحكومة الانقلابية قد ادركت خطورة ان تكون سلعة البترول خارج يد الدولة، لذلك تسعى لمحاربة الشركات المستوردة بمزيد من الضغط عليها بفرض رسوم اضافية على الوكلاء لاجبارهم على الهروب من القطاع وترك الجمل بما حمل، لتعود السلعة الاستراتيجيبة تارة أخرى حكراً على الدولة .
أعلنت وزارة الطاقة والنفط عن تعديل في أسعار المحروقات يطبق الساعة الثالثة من عصر أمس الثلاثاء وكشفت مصادر لـ (باج نيوز) عن تعديل سعر البنزين إلى 522 جنيه للتر بدلاً عن 700 جنيهاً، على أن يكون سعر الجازولين 672 جنيهاً للتر بدلاً عن 685 جنيهًا وأوضحت المصادر: إضافة قيمة 2 جنيه للتر لصالح الولاية والشهر الماضي خفضت وزارة النفط أسعار المحروقات وقالت الوزارة إن ذلك يأتي في إطار سياسة وزارة الطاقة والنفط في مراجعة الأسعار الشهرية حسب الأسعار العالمية للمنتجات البترولية وتكلفة الإنتاج المحلي.
رسوم اضافية على الوكلاء
فيما شرعت الحكومة الانقلابية في الاعلان عن اسعار جديدة للوقود بنسبة انخفاض تصل الى 30% اعتباراً من الأمس، تصاعدت حدة التوتر وسط وكلاء الوقود وذلك على خلفية الرسوم الاضافية التي فرضتها وزارة المالية عليهم حيث لوّحَ وكلاء محطات الوقود بتنفيذ اضراب وتوقف عن العمل ابتداءً من الأحد المقبل، رفضاً للضرائب الباهظة التي فرضتها وزارة المالية، وفي السياق انتظمت قطاعات واسعة بالسودان تشمل عمالا وموظفين وتجارا، في سلسلة اضرابات متصاعدة، احتجاجاً على السياسيات المالية التي تتبعها سلطة الانقلاب، مثل زيادة الرسوم والجبايات مقابل ضعف الأجور.
استهداف شركات البترول
وجه بعض وكلاء الوقود اصابع الاتهام صوب وزير المالية جبريل ابراهيم، واتهمته بالتخطيط الى تشريد شركات الوقود وافساح المجال لشركات بديلة، واوضح وكيل احدى الشركات فضل حجب اسمه أن هنالك مخطط لابعاد عشرات الشركات عن القطاع بزيادة الاعباء بفرض رسوم اضافيه، وان تزامن هذه الاجراءات مع قرارات خفض سعر الوقود الذي قطعاً سيكلف الشركات المستوردة مبالغ طائلة، واردف صحيح هنالك تراجع في اسعار خام النفط خلال هذه الفترة ولكن هذا التراجع في الأسعار على المستوى العالمي غير كاف لفرض رسوم اضافية تؤخذ بأثر رجعي، منوهاً الى أن الحكومة اذا ارادت أن تكسب ثقة المواطن يجب أن تشرع في محاربة الغلاء في كل نواحي الحياة وقبل كل ذلك أن توقف الجبايات التي اصبحت تغذي الخزانة العامة من جيوب المواطن، ومضى: كل الطرقات القومية والداخلية تحولت الى نقاط تفتيش فالحملات المرورية ظلت تغلق الشوارع أمام السيارات وكذلك كل نقاط العبور اصبحت موارد للدولة وقطعاً، المواطن هو من يسدد فاتورة الضرائب بنهاية الأمر من خلال زيادة الاسعار .
شكوك حول القرار
شكك عدد من المواطنين من قرار وزارة النفط الخاص بخفض اسعار الوقود، واوضح الاستاذ عبدالرزاق محمود أن تراجع اسعار الوقود يجب أن يقابله تراجع في كافة اسعار السلع والخدمات بمافي ذلك تعرفتي الكهرباء والمياه، واوضح أن قرار تحرير الوقود كان وراء ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة، وتابع ان كانت هنالك دولة حقيقة فلابد أن تصدر قرارات فورية تلزم شركة المواصلات بتعديل التعرفة ولكن يبدو أن وراء القرار نظرة سياسية خاصة وان صناع الثورة بدأوا في تحركات حثيثة لتغيير المشهد السياسي الذي بدأ اكثر وضوحاً، خاصة في ظل توافد عدد من مطلوبي العدالة من رموز النظام السابق الى البلاد وهذه الجزئية قد وضعت لجان المقاومة وكل القوى الثورية الحية أمام المحك وتراجع اسعار الوقود ربما كانت حيلة ذكية من الحكومة الانقلابية من أجل امتصاص ثورة الشعب ولكن قرائن الاحوال تشير الى اقتراب ساعة الحقيقة وساعة النصر .
سائقوا الحافلات يرفضون خفض تعرفة المواصلات
استبعد عدد من سائقي الحافلات صدور قرار بخفض تعرفة المواصلات تماشياً مع قرار خفض سعر الوقود، وقال الحاج محمدين الصديق سائق حافلة أن الاسعار التي توافقت عليها غرفة النقل ونقابة المواصلات لم تكن مرضية لنا، ولكن رغم ذلك ظللنا نعمل رغم الخسائر الفادحة التي طالت القطاع الخاص، واكد ان مئات البصات الحكومية التابعة لولاية الخرطوم اصبحت خارج الخدمة، وان القطاع بسبب فشل الحكومة في تحسين النقل الحكومي تركت المواصلات للقطاع الخاص الذي بدوره ظل يتكبد الخسائر بينما ظلت الحكومة تلعب دور المتفرج، لذلك قرار خفض التعرفة ليس وارد بسبب عجز الدولة كما ذكرت، ونوه محمدين الى ان قرار خفض التعرفة قد يشمل بصات الوالي التي اصبحت تحسب على اصابع اليد الواحدة وعليه إذا ارادت الدولة ان تعيد سيطرتها على المواصلات ان تشرع في استيراد بصات كافية تنافس القطاع الخاص، وتجبره على الانصياع لقرارات الدولة تماشياً مع روح التنافس وتترك الخيار للمواطن الذي بدوره اصبح يتماشى مع عصر السرعة، ويرفض استغلال بص الوالي في حركته لاسباب عديدة وظاهرة ابرزها استهلاك الوقت بالوقوف المتكرر، ونوه اصحاب الحافلات والبصات على ضرورة ان تواكب الحكومة الطفرة التي حدثت في وسائل المواصلات مع ضرورة سحب بصات الوالي من كافة الخطوط، لجهة انها اصبحت تعيق حركة المرور جراء انتهاء صلاحيتها وعمرها الافتراضي مما يهدد حيام المواطن، كما طالب اصحاب الحافلات الدولة بصيانة الطرق التي اشاروا الى انها اصبحت مهددا حقيقيا للانسان نتيجة لتسببها في حوادث مرورية عديدة .
تراجع الاسعار العالمية للنفط
من جهته وصف وزير الطاقة والنفط السابق الدكتور جادين على عبيد قرار وزارة النفط الخاص بخفض سعر الوقود بالخطوة الايجابية، وقال في تصريح لـ(الجريدة) ان تراجع اسعار خام النفط على مستوى العالم دفع وزارة الطاقة والنفط الى اتخاذ القرار تماشياً مع الاسعار العالمية لسوق النفط، واوضح أن تراجع اسعار سلعة النفط جاءت في مصلحة المستهلك ولكن في المقابل احدث تراجع اسعار النفط ربكة للدول المنتجة والمصدرة للسلعة، وان عدد من الدول والشركات ستعقد اجتماعاً في غضون الايام القادمة لوضع معالجات للأزمة بتقليل الانتاج لزيادة الاسعار، واردف السودان يعتبر دولة منتجة للاستهلاك المحلي بنسبة 50% وهو بالمقابل مازال من الدول المستورة من أجل سد النقص لذلك يمكن القول أن القرار خطوة ايجابية ينبغي تنعكس على كافة مناحي الحياة لجهة ان السلعة ظلت تشكل هاجساً منذ فترة ليست بالقليلة وعليه يجب ان تتوالى مسألة تراجع اسعار كثير من السلع والخدمات التي ترتبط بمعاش الناس .
مطالب بحسم فوضى المواصلات
شدد مواطنون على ضرورة ان تلتفت الدولة لحسم ما اسموه بفوضى المواصلات، وان لا يكون خفض سعر الوقود قرارا سياسيا او فقاعة تنتهي خلال فترة زمنية محددة، وقال المواطن حسب الرسول تاج الدين أن على الحكومة متابعة قراراتها وتلزم الجهات ذات الصلة بتطبيق كل القرارات، خاصة تلك التي تتعلق بالمواصلات التي اصبحت تأخذ نصف الراتب لدرجة ان المناسابات الاجتماعية اصبحت صعب التواصل معها، ومضى: هذه الوضعية يجب ان تبحث الحكومة الانقلابية عن معالجات عاجلة لها، وذلك من خلال اعادة النظر في بصات الوالي التي ماتزال تحت ولاية الدولة، ويمكن ان تلزم شركة مواصلات ولاية الخرطوم بتنفيذ قراراتها فيما يتعلق بتعرفة المواصلات، وبالمقابل على القطاع الخاص ان يراعي ظروف المواطن ومايعانيه من ضائقة معيشية وضنك حياة .
الجريدة