قصتها أفجعت القلوب.. أسرة تتخلى عن ابنتها و تزج بها في الشارع
تؤدي الخلافات والمشاكل الأسرية إلي تشتيت شمل العائلة وإشعال نيران الفتن التي تجعلهم أعداء وقطع صلة الرحم بينهما وعدم ترك فرصة للصلح بعد أن اغلقوا كل منافذ الأمل لإرجاع المياه لمجاريها.
تختلف القصص والشخوص والاماكن الا أن أغلبها يكون فيها السبب واحدا وهو وجود خلاف بين الام والاب ليكون الضحية الابناء الذين لاحول لهم ولاقوة.
ودائما مايكون عدم الوعي والتعامل بحكمة سببا في اتساع هوة المشاكل بين الزوجين بجانب تزمت وتعنت الطرفين ورفض تقديم تنازلات وفقدان البوصلة لقراءة مابعد هدم عش الزوجية وتشتيت الابناء.
مأساة (ت)
قصتنا اليوم عن فتاة عاشت تفاصيل مؤلمة بسبب انفصال والديها واختيار كل واحد منهما حياة أخرى وترك ابنتهما في مواجهة العاصفة التي زجت بها في دروب وعرة.
ولدت (ت) في امبدة بام درمان لديها أربعة أخوة من والدتها نشأت وتربت في كنف والديها في أسرة صغيرة يسودها الحب والاحترام ، الا أن الاقدار شاءت بان يختلف والداها بعد أن صعب أمر بقائهما معا ولم يكن هناك حل غير الطلاق الذي كان بداية شرارة ضياع (ت) بعد أن فارقت والدها قبل الذهاب مع والدتها التي اختارت زوجا آخر للعيش معه وبرفقة ابنتها التي لاذت بحضنها حتى لاتفقد حنانها.
كانت والدتها تعاني من نوبات الصرع التي أفقدتها مذاق الحياة وكانت سببا في كثير من خلافتها مع زوجها السابق وابنتها.
قساوة الاب والحياة
قضت (ت) ست سنوات في كنف زوج والدتها وهي تنعم بشيء من دفء الامومة الا أن موعدها مع رحلة الشقاء كان أمرا محتوما وذلك بعد أن قرر والدها أخذها من والدتها بعد كل تلك السنوات بقرار من المحكمة لتعيش وسط أبنائه وزيجاته وحدث ما أراد.
ولكن يبدو أن الحال لم يكن مستقرا بعد ان بدت المشاكل تدب في اسرة والدها الصغيرة بسبب ضربه لها وتعذيبها وإهانتها بسبب زيجاته لم تستطع (ت) تحمل كل هذه الضغوطات فقررت ترك مقاعد الدراسة وهي مازالت في الصف السادس أساس هربا من واقعها المرير بعد أن فقدت والدتها ووالدها واصبحت تهيم في الشوارع بلا وجهة بعد أن ضاقت بها الحياة ذرعا حتي كادت أن تفقد روحها بعد أن زين لها الشيطان فكرة الانتحار حتي كادت أن تقذف بنفسها من أعلي الكوبري في النيل لولا لطف الله وعنايته أنقذت في اللحظات الأخيرة.
البحث عن أمان
راجعت (ت) نفسها مرة أخرى ورتبت أفكارها للبحث عن وسيلة تخدم قضيتها وتنصفها كإنسانة وتعالج الجروح النفسية التي تعاني منها، ظلت (ت) تجوب الشوارع ليلا هائمة علي وجهها بلا وجهة أو هدف ليعترض طريقها أثناء طوافها ليلا في الطرقات عدد من الشماسة لتفر هاربة لتحتمي بإحدى المستشفيات وهناك التقت بعدد من الأطباء وحكت لهم مشكلتها بعد ان استمعوا اليها دلوها بالذهاب الي حقوق الانسان.
بالفعل اقتنعت(ت) برأي الاطباء وكانت قد وجدت ضالتها لتصل الي مباني حقوق الانسان لتحكي تفاصيل قصتها المؤلمة ولحسن حظها قابلت هناك مدير منظمة الكرامة الانسانية الاستاذة إخلاص قرنق التي كانت متواجدة هناك في مهمة عمل استمعت لتفاصيل قصتها وأعلنت وقفتها مع الفتاة بأخذها الي أمها ووالدها لحل المشكلة حتي تعيش مستقرة بين أسرتها فوافقت الفتاة.
فقدان الامل
كانت المفاجأة عندما ذهبت الاستاذة اخلاص قرنق برفقة الفتاة لمقابلة والدتها وطرح فكرة معالجة المشكلة وعودتها للمنزل مرة أخرى صدها زوج والدة (ت) رافضا عودتها ، لم تيأس قرنق وتحدثت مع شقيق الفتاة بأن يتصل لتخبره برجوعها للمنزل ومعالجة المشكلة الا أنه الاخير تعامل بقسوة ايضا رافضا عودتها نهائيا للمنزل وقال تذهب من حيث جاءت ،وقتها ذرفت الفتاة الدموع بعد أن فقدت الأمل بأن تكون تحت رعاية أسرتها.
لم تكن هناك أي جهة تولي لها
الفتاة وجهها بعد أن لفظها والدها ووالدتها لتظلم الدنيا في وجهها ويضييق صدرها بالحالة التي وصلت اليه الامر الذي جعل إخلاص قرنق تتعامل بإنسانية وهي تعلن تبنيها للفتاة بموافقة والدتها والتنازل عنها بأن تكون إخلاص مسؤولة عنها مسؤولية كاملة وتعيش وسط أسرتها بين أبنائها.
لحظات الوداع
لم تتمالك(ت) دموعها التي انهمرت بغزارة وهي تودع والدتها الي غير رجعة ،فيما شعرت الام بالظلم الذي وقع علي ابنتها الا أنه لاحيلة لها لتظهر عليها علامات الصدمة وهي ممسكة رأسها بكلتا يديها وهي تنظر في الارض خجلا وحزنا وأبنتها تمد يدها لوداعها الأخير.
نقلا عن صحيفة السوداني.
السودان الجديد