محكمة الحاج عطا المنان.. تفاصيل التحقيق!
شرعت محكمة جنايات مخالفات جرائم الفساد والمال العام امس في محاكمة القيادي البارز بالمؤتمر الوطني المحلول الحاج عطا المنان، ومدير عام بنك النيل، في القضية التي يواجهان الاتهام فيها بتهم متفاوته بينهما، تتعلق بمخالفات قانون الثراء الحرام والمشبوه والاشتراك الجنائي في مخالفة قانون تنظيم العمل المصرفي.
ومثل في جلسة الامس المحقق النيابي بنيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه امام المحكمة برئاسة القاضي المعز بابكر الجزولى عثمان، وكشف عن معلومات مثيرة ابرزها انه تم تدوين اجراءات البلاغ ضد المتهمين بنيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية، بموجب تقرير صادر عن جهاز المخابرات العامة للنائب العام يفيد فيه بأن المتهم الاول عطا المنان رئيس مجلس إدارة بنك النيل لديه مخالفات بالبنك، كما فجر المحقق النيابي للمحكمة مفاجأة مدوية كشف خلالها عن ضم مدير عام بنك النيل كمتهم ثانٍ في القضية بعد ان ثبت للنيابة من خلال التحقيقات ان المتهم الاول عطا المنان بوصفه رئيس مجلس إدارة بنك النيل، قد حصل على تمويل لشركات يساهم فيها من بنك النيل عن طريق ما يعرف بـ (التمرير).
وفي المقابل امهلت المحكمة المحقق النيابي بناءً على طلبه فرصة اخرى في جلسة قادمة حددتها في الخامس من الشهر المقبل، لتقديم مستندات الاتهام ومناقشته بواسطة طرفي الدعوى الجنائية الاتهام ودفاع المتهمين.
مستندات الاتهام
عند مستهل جلسة الامس وضع رئيس هيئة الاتهام عن الحق العام طلباً في منضدة المحكمة التمس من خلاله السماح له بتصوير مستندات الاتهام بمحضر القضية، ومن ثم تأجيل جلسة المحكمة لاخرى والسير في موالاة إجراءاتها.
وفي المقابل اعترض ممثل دفاع المتهم الاول على طلب الاتهام، وافاد بأن هذه الجلسة هي الثالثة لإجراءات المحاكمة، حيث كانت هناك جلستان سابقتان امام محكمة اخرى، ووقتها كان الملف بيد النيابة طيلة الفترة الماضية، وان تأجيل الجلسة يجعل سيف الاتهام مسلطاً على أعناق المتهمين، ملتمساً في ذات الوقت من المحكمة السماح له بتصوير المستندات. وفي ذات السياق لم يبد ممثل دفاع المتهم الثاني اي اعتراض على طلب الاتهام.
ومن جهته عقب ممثل الاتهام عن الحق العام للمحكمة بانه ليس لديه مانع من سير المحكمة في سماع المحقق النيابي الماثل أمامها، الا انه اصر وتمسك بطلبه بتصوير مستندات الاتهام، ومن جهتها حسمت المحكمة الجدال القانوني بين الاتهام والدفاع وقررت قبول طلب الاتهام والسماح له بتصوير مستندات الاتهام بمحضر القضية.
وسجلت المحكمة بمحضرها ممثلي الاتهام عن الحق العام بنيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه في القضية، وهم رئيس نيابة عامة حيدر حسن عبد الرحيم، ووكيل اعلى النيابة رزق الله خليل ووكيل النيابة حيدر عباس، الى جانب المحقق النيابي وكيل نيابة اول محمد حسن عبد الله، فيما سجلت ذات المحكمة حضور المحامي ماجد عثمان ممثلاً لدفاع المتهم الاول الحاج عطا المنان، الى جانب تسجيل حضور المحامي عبد الله البشير ممثلاً لدفاع المتهم الثاني مدير عام بنك النيل.
فيما سجلت ذات المحكمة حضور المتهم الأول الحاج عطا المنان ادريس سعيد، وافاد بانه يبلغ (٦٣) عاماً ومتزوج واب ويقيم باركويت وهو يعمل مهندساً مدنياً ورجل أعمال، فيما سجلت ذات المحكمة حضور المتهم الثاني مدير عام بنك النيل وافاد بانه يدعي احمد عبد الرحمن عثمان الحوري ويبلغ (61) عاماً ويقيم بامدرمان الموردة شرق وانه متزوج واب.
شكوى ودعوى جنائية
ومثل أمام المحكمة أمس المحقق وكيل اول نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه محمد حسن، وافاد بانه وبتاريخ ١١/9/2019م أحيلت الى النيابة اجراءات الشكوى بالرقم ٢٣/٢٠٩م في مواجهة المشكو ضده المتهم الأول الحاج احمد عطا المنان، وذلك بحسب التوجيه الصادر عن وكيل اعلى النيابة، ومن ثم فتح دعوى جنائية بالرقم ١٠٨/ 2019م تحت نص مخالفة المادة (7) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة ١٩٨٩م تعديل ١٩٩٦م.
مخاطبات النيابة
ونوه المحقق النيابي بانه وبتاريخ ١٢/9/2019م خاطبت النيابة مسجل عام الاراضي لافادة حول وجود اية قطع اراضٍ مسجلة باسم المتهم الاول الحاج عطا المنان، سواء كانت قطع ارض سكنية او زراعية او استثمارية، مبيناً كذلك مخاطبة النيابة محافظ بنك السودان المركزي للافادة حول وجود اية حسابات جارية او حسابات ادخار او اية ودائع بكافة أنواعها او اية مقتنيات ثمينة تخص المتهم الأول في كافة المصارف بالبلاد، لافتاً كذلك الى مخاطبة النيابة ادارة التسجيلات التجارية بوزارة العدل للافادة حول وجود اية اسهم بأية شركة عاملة في البلاد او اي اسم عمل او توكيل تجاري مسجل باسم المتهم الأول عطا المنان، مشيراً إلى مخاطبة النيابة ايضاً رئيس قسم تسجيل المركبات بالإدارة العامة للمرور للافادة حول وجود اية مركبات باسم المتهم الأول، وافاد المحقق النيابي المحكمة بانه وبتاريخ ١٦/٩/2019م خاطبت ذات النيابة رئيس مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وإدارة قسم اقرارات الذمة للافادة عن الاقرارات التي تقدم بها المتهم الاول الحاج عطا المنان اثناء وخلال فترة عمله بالدولة وعند انتهاء فترة خدمته بالدولة كذلك.
أسهم وحسابات
واماط المحقق النيابي اللثام للمحكمة وكشف لها عن ورود افادات من جهات مختلفة بشأن مخاطبة النيابة وافادتها بان المتهم الاول الحاج عطا المنان يمتلك عدداً من الاراضي والاسهم بشركات عامة بحسب افادة سوق الأوراق المالية، بجانب امتلاك المتهم الاول كذلك أسهماً بشركات خاصة وذلك بحسب افادة المسجل التجاري، بالاضافة الى امتلاك المتهم بعض اسماء الاعمال، فيما كشف ذات المحقق النيابي للمحكمة عن ورود افادة من محافظ بنك السودان المركزي تفيد بأن المتهم الاول الحاج عطا المنان لديه حسابات مصرفية ببنك النيل فرع الخرطوم بشارع محمد نجيب.
حجز ممتلكات
وفجر المحقق النيابي مفاجأة مدوية للمحكمة كشف خلالها عن حجر النيابة كافة ممتلكات المتهم الأول الحاج عطا المنان من عقارات واراضٍ واسهم بشركات عامة وخاصة ومركبات وأسماء اعمال، بغرض التحري معه في البلاغ.
إقرار
وافاد المحقق النيابي بانه تم القبض على المتهم الأول الحاج عطا المنان بتاريخ ١٧/١٢/٢٠١٩م واستجوب بواسطة النيابة، حيث اقر المتهم الأول عطا المنان للمحكمة بكل ما ورد على لسانه من اقوال بيومية التحري عند تلاواتها عليه بواسطة المتحري، حيث افاد بأنه تخرج في جامعة السودان تخصص هندسة مدنية في عام ١٩٨٢م، ومن ثم نيله درجة الماجستير من جامعة ام درمان الإسلامية، ثم نيله ماجستير في عام ٢٠١٦م، لافتاً الى انه عمل في وزارة الطرق والكباري، منبهاً الى انه وفي عام ٨٣م انخرط في عمله الخاص بانشاء مصنع بلاط مزايكو في منطقة الكلاكلة جنوبي الخرطوم وان البيع بسوق السجانة، موضحاً انه بعدها فتح مكتب عمل مقاولات بالسجانة، مشيراً الى انه قام ببناء النادي الهندي بولاية الخرطوم، اضافة الى بنائه مباني التلفزيون القومي، كما كشف المتهم الاول في التحريات عن امتلاكه مزارع دواجن بمنطقة الكلاكلة، مشيراً إلى أنه في عام ٩٢م كلف بالعمل محافظاً لنيالا في جنوب دارفور ومن ثم عمله في عام ٩٢م وحتى عام ٢٠٠٠م وزيراً للمالية بولاية الخرطوم، ولفت المحقق النيابي الى ان المتهم الاول بالتحريات افاد باأنه ترك العمل الحكومي واتجه لعمله الخاص وعمل في مجال الصادر والدواجن، كما كشف المتهم الأول انه في الفترة ٢٠٠٤م وحتى ٢٠٠٧م عمل والياً لولاية جنوب دارفور، موضحاً انه وفي عام ٢٠٠٧م اصبح خارج الخدمة بالبلاد وعمل في مجاله الخاص مرة اخرى بالإنتاج الحيواني والزراعي، واكد المتهم الأول في التحريات ايلولة عدة مزارع دواجن من والده، اضافة الى امتلاكه اراضي بمنطقة الصافية بحري والجريف غرب بالخرطوم، ونوهت التحريات كذلك بامتلاك عطا المنان (19) قطعة ارض بالجريف غرب وقام بتسجيلها بمكتب اراضي الخرطوم شرق وسدد كافة رسومها بالأراضي، في ذات الوقت افاد المتهم الأول الحاج عطا المنان بانه عمل رئيساً لمجلس ادارة بنك النيل ولديه اسهم ببنك النيل والتجارة والتنمية، اضافة الى امتلاكه اسهماً بشركات أخرى، كما كشف المتهم الاول في التحريات عن امتلاكه قطع اراض بمنطقة طيبة وسوبا الصناعات والمسعودية، الى جانب امتلاكه مزرعة بولاية الجزيرة في منطقة حبيبة، وافاد المتهم الأول في التحريات بأنه تم التحقيق معه لدى نيابة مخالفات الاراضي.
ضم بلاغات وإجراءات
ومن جانبه افاد المحقق النيابي محمد حسن للمحكمة بانه وبتاريخ ١٥/١/٢٠٢٠م تمت إحالة إجراءات الدعوى الجنائية (148) /2019م في مواجهة المتهم الأول من نيابة الاراضي الى نيابة الثراء الحرام والمشبوه بمخالفته نص المادة (6/7) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، فيما كشف كذلك المحقق النيابي للمحكمة عن احالة إجراءات بلاغ ثانٍ في مواجهة المتهم الأول من نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية بمخالفته نص المادة (57/ 89/177/2) من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م، الى ذات نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه باعتبارها جهة الاختصاص وذلك بتوجيه من رئيس النيابة العامة، موضحاً انه بعدها تم ضم البلاغين المدونين ضد المتهم الأول الى البلاغ الحالي بالمحكمة والمرقوم بـ (108)/2019م الذي يحاكم بموجبه امام المحكمة، فيما كشف المحقق الجنائي للمحكمة عن استجواب شاهدي اتهام بيومية التحري.
تقرير جهاز المخابرات
وفي ذات السياق اماط المحقق النيابي اللثام للمحكمة وكشف لها ان نيابة الفساد والتحقيقات المالية قامت بتدوين إجراءاتها في مواجهة المتهم الأول الحاج عطا المنان بناءً على تقرير صادر عن جهاز المخابرات العامة أحيل الى النائب العام بتاريخ ٢٣/ سبتمبر/2019م يفيد فيه بأن عطا المنان رئيس مجلس إدارة بنك النيل لديه مخالفات بذات البنك، موضحاً ان نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية قامت باستجواب الشاكي بيومية التحري، ومن ثم خاطبت بنك السودان المركزي لإجراءات تفتيش محدود بخصوص معاملات الشركات التي يساهم فيها المتهم الأول ببنك النيل، وكشف المحقق النيابي للمحكمة عن ورود تقرير من بنك السودان المركزي من لجنة تم تشكيلها من ثلاثة اعضاء ورد فيها ان هناك مخالفات في المناشير الصادرة عن البنك المركزي، وذلك في اجراءات الدعوى التي قيدتها نيابة مكافحة الفساد ضد المتهم الأول واستجوب على ذمتها، وافاد بقوله في التحريات بأنه رئيس مجلس إدارة بنك النيل، ونفى في التحريات تقدمه باي طلب للبنك يطلب فيه تمويلاً لاي من شركاته، اضافة الى انه لم يصدق لاي طلب بالتمويلات لشركاته، وذلك وفقاً للوائح بنك السودان المركزي.
ضم بنك النيل كمتهم ثانٍ
وكشف المحقق النيابي انه وبتاريخ لاحق تم ضم بنك النيل كمتهم ثانٍ على ذمة إجراءات القضية مع المتهم الأول الحاج عطا المنان، وذلك تحت نص المادة (٢١) من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م بعد ان ثبت من خلال التحقيقات ان المتهم الاول الحاج عطا المنان يعمل رئيساً لمجلس ادارة بنك النيل من خلال مستندات الاتهام الواردة بالمسجل التجاري، وانه يساهم في هذه الشركات الخاصة وقد حصلت على تمويل من بنك النيل، وشارك المتهم الأول في العمليات لصالح الشركات التي يساهم فيها بما يعرف بـ (التمرير).
استجواب مدير بنك النيل
وكشف المحقق النيابي للمحكمة انه وبتاريخ 8/10/2020م تم القبض على مدير عام بنك النيل احمد عبد الرحمن عثمان الحوري، وتمت تلاوة اقواله عليه بواسطة المحقق النيابي بالمحكمة واقر بكل ما ورد فيها، وافاد بانه يعمل مدير عام بنك النيل منذ عام ٢٠١٣م، لافتاً إلى أن المتهم الاول الحاج عطا المنان يعمل رئيساً لمجلس إدارة بنك النيل منذ عام ٢٠٠٢م وحتى صدور قرار باعفائه وانهاء خدمته ببنك النيل صادر عن لجنة إزالة التمكين بتاريخ ٢٣/٨/٢٠٢٠م، موضحاً انه وحتى الآن لا يوجد مجلس ادارة ببنك النيل وانما توجد لجنة ادارية بالبنك، لافتاً إلى أن البنك فيه مساهمة من بنك الخرطوم ووزارة المالية وعدة شركات اخرى، موضحاً ان المتهم الاول دخل في معاملات مصرفية بالبنك من خلال اسماء اعمال خاصة به، وذلك وفق اسس وضوابط بنك السودان المركزي، وافاد المتهم الثاني في التحريات بانه لا يعلم بمشاركة المتهم الأول في عمليات تمويل لشركات تخصه بالتمرير.
كفالة الشيك المصرفي
ومن جهته كشف المحقق النيابي للمحكمة انه تم الافراج عن المتهم الثاني مدير عام بنك النيل بعد ايداعه كفالة مالية قدرها (11.81.372) مليون جنيه تم توريدها بشيك مصرفي في حساب النيابة العامة.
تهم النيابة المتفاوتة
وأفاد المحقق النيابى في خواتيم افادته للمحكمة، بانه وبتاريخ لاحق تم توجيه تهمة للمتهم الاول الحاج عطا المنان تحت مخالفة نصوص المواد (٦/ب/ ٤/٧/ ٥٨/٣) من قانون الثراء الحرام والمشبوه، اضافة الى توجيه النيابة تهمة للمتهم الاول رئيس مجلس إدارة بنك النيل الحاج عطا المنان والمتهم الثاني مدير عام بنك النيل احمد عبد الرحمن عثمان الحوري، بمخالفتهما نص المادة (21) التي تتعلق بالاشتراك الجنائي من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م، وتوجيه تهمة لهما بمخالفة نص المادة (٥٨/٣) من قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة٢٠٠٤م.
المصدر : الانتباهة