تحقيقات وتقارير

محكمة (القاتل المأجور) في قضية الشهيد الطيب حسن محمد عمر ..أخطر التفاصيل!

بدأت ملامح جلسة الامس لمحاكمة المتهم الشهير بمواقع التواصل الاجتماعي بـ (أب جيقة) الموقوف على ذمة قضية مقتل الشهيد الطبيب حسن محمد عمر رمياً بالرصاص الناري في الخامس والعشرين من ديسمبر لعام 2018م، بدأت ملحمية وذلك من خلال ما سرد من تفاصيل مثيرة من قبل شاهد الاتهام الرابع صديق الشهيد وما اماط عنه اللثام شاهد الاتهام الخامس الصحافي بصحيفة (الجريدة) ماجد القوني.

وامتدت جلسة الامس لما يقارب ثلاث ساعات كشفت خلالها تفاصيل اصابة الشهيد في عنقه بالتظاهرات يوم الحادثة واسعافه لتلقي العلاج بمستشفى فضيل بالخرطوم ومكوثه بالعناية المكثفة (18) يوماً فقد خلالها حباله الصوتية وتوفي اثرها دماغياً، وحينها اعلنت ادارة المستشفى موته الى رحمة مولاه، بينما كشف شاهد الاتهام الخامس (الصحافي) كذلك توجيه المتهم سلاحه في مواجهته واطلاق النيران منه، الا ان العيار الناري سقط على مسافة اقل من مترين منه .

فض وقاذف بمبان
وكشف شاهد الاتهام الرابع صديق وزميل الشهيد بكلية اليرموك تخصص طب بشري، مبيناً انه وفي يوم الحادثة الموافق ٢٥/ ديسمبر/ ٢٠١٨م خرج برفقة خمسة من اصدقائه في موكب بشارع القصر دعا له تجمع المهنيين، مشيراً إلى أنه وأصدقاءه انخرطوا في الموكب حوالى الساعة الواحدة ظهراً، وبعدها بدقائق تفاجأوا بفض الموكب عن طريق قاذفات البمبان مما جعل الثوار يتفرقون، وأكد ذات الشاهد للمحكمة أنه وبعدها تجمع للمرة الثانية الثوار وظلوا يهتفون (سلمية سلمية والثورة خيار الشعب، حرية سلام وعدالة)، مبيناً انه وفي تلك الأثناء جاءت قوات الأمن وتوجهت ناحية المتظاهرين شرقاً بشارع السيد عبد الرحمن وبدأت مجدداً في قذف عبوات البمبان نحوهم، بينما كانت هنالك قوات من الأمن تقوم بإزالة المتاريس من الشارع.
الشهيد وتصوير المظاهرات
واسترسل شاهد الاتهام الرابع في أقواله عند مناقشته بواسطة رئيس هيئة الاتهام عن الحق العام وكيل أعلى النيابة ماهر سعيد، وأفاد قائلاً بأنهم وعند اشتداد التظاهرات وضرب القوات للمتظاهرين بالبمبان حدثت حالات كر وفر للمتظاهرين وانقسموا لمجموعات وارتكزوا في أزقة الشوارع الداخلية المتاخمة لشارع السيد عبد الرحمن، وكشف ذات الشاهد للمحكمة أنه وفي تلك الأثناء شاهد الشهيد حسن محمد عمر يرتدي (تي شيرت بلون اسود) وهو يقف بالقرب من مركز سوداني للاتصالات بشارع السيد عبد الرحمن ويحمل هاتفه المحمول ويقوم بتصوير المظاهرات، مشيراً إلى أنه وقتها حضر اليه واقراه السلام، ودار حديث بينهما حول عدم اخباره له بمشاركته في الموكب، مبيناً انه وفي تلك الأثناء اشتد ضرب البمبان نحو المتظاهرين مما جعلهم يتقدمون للأمام ووضعوا ترساً شرق مدارس كمبوني بشارع السيد عبد الرحمن، مؤكداً في ذات الوقت أن القوات في تلك الأثناء كانت تواصل قذف البمبان نحوهم في حين ينشط بعض المتظاهرين في استلام عبوات البمبان وإعادتها نحو قوات الأمن مرة أخرى، فيما يقوم آخرون من الثوار بتغطية عبوات البمبان (بجرادل) حتى لا يتصاعد دخانها نحو المتظاهرين.
فقدان الشهيد في الموكب
ونوه شاهد الاتهام الرابع للمحكمة بأنه في تلك الأثناء بدأ بعض الثوار يلوذون بالفرار إلا أن آخرين طالبوهم بالثبات في أماكنهم، واخبروهم بان قاذفات البمبان قد نفدت من قوات الامن وقتها، وكشف شاهد الاتهام الرابع للمحكمة أنه وفي تلك الأثناء بدأ ضرب النار مما جعل المتظاهرين يهرولون ويختبئون في الشوارع الجنوبية والشمالية المجاورة لشارع السيد عبد الرحمن، لافتاً إلى أنه هرول بدوره ضمن مجموعة شباب متظاهرين ناحية شرق مستشفى الزيتونة، وهنا تفاجأ بفقدانه الشهيد حسن، مشيراً إلى أنه وبعد مرور دقيقتين من إطلاق النار سمع احد الأشخاص يقول: (يا جماعة في زول انضرب)، مبيناً انه توجه ناحية الشخص المصاب وكان بجوار مركز سوداني للاتصالات بشارع السيد عبد الرحمن، إلا أنه لم يتمكن من مشاهدته وذلك للزحام الشديد حوله وسحبه بواسطة مجموعة من المتظاهرين، مبيناً بانه في تلك الأثناء توجهت قوات الأمن مرة أخرى ناحيتهم مما جعلهم يتفرقون باتجاه الشرق ويحتمون بالسيارات التي كانت تصطف على رصيف شارع السيد عبد الرحمن، مشيراً إلى أنه وقتها كانت عقارب الساعة تشير إلى ما بين (٢:٣٠) منوهاً بأنه وعلى نحو الصدفة وأثناء هرولتهم في أزقة الشوارع من أصوات إطلاق النار قامت احدى الطبيبات بادخالهم في معملها الطبي، ومكثوا بداخله حتى الرابعة والنصف عصراً، ومن بعدها هدأت أصوات إطلاق النار، وتمكن من الخروج من المعمل حتى وصل إلى أصدقائه بميز جامعة الخرطوم حسب اتفاقه معهم، منوهاً بأنه انتابه القلق وقتها، لا سيما أن جميع اصدقائه موجودون بالميز ما عدا صديقه الشهيد حسن، مما جعله يتصل مراراً وتكراراً على هاتفه المحمول إلا أنه كان رنيناً دون رد، موضحاً أنه وفي ظل اتصالاته المتكررة استقبل احد الاشخاص مكالمته على هاتف الشهيد حسن، وابلغه بانه قد اصيب وادخل في مستشفى فضيل بالخرطوم، ولفت الشاهد الى انه وقتها وصل على وجه السرعة للمستشفى وقابل الشخص الذي كان بحوزته هاتف الشهيد واخذه منه، ومن ثم دلف نحو غرفة العمليات للبحث عن صديقه الشهيد حسن، وطرق بابها لتخرج إليه إحدى الطبيبات واستفسرها عن وجود الشهيد حسن ضمن المصابين بغرفة العمليات، الا أنها افادته بأنها لا تعلم اسم المصابين ولكن هنالك شخصاً داخل الغرفة وجهه اصفر ومليء بالدماء.
غرفة عمليات وملابس الشهيد
وكشف شاهد الاتهام الرابع للمحكمة بأنه فور ذلك أجرى مكالمة هاتفية بشقيق المجني عليه علي محمد عمر، وأخبره بإصابة الشهيد وطالبه بالحضور لوحده دون إبلاغ اي من أفراد أسرته، مبيناً أنه وعقب صلاة المغرب حضر بالفعل شقيق الشهيد ووالده وعمه للمستشفى، ووجدوه يقف منتظراً امام بوابة غرفة العمليات بالمستشفى، ووقتها أعاد طرقه مرة أخرى لتخرج له ذات الطبيبة وهذه المرة افادته بأن الشخص المصاب بالداخل يشبه هذا الشخص وأشارت إلى شقيق الشهيد (علي)، ومن ثم أخرجت لهم ملابس الشهيد وهي عبارة عن بنطال وتي شيرت بلون اسود، وحينها تعرف على الفور على التي شيرت وأفادهم بانه هو ذات التي شيرت الذي كان يرتديه المجني عليه ابان لقائه به أثناء التظاهرات وقبل إصابته بدقائق معدودة جوار مركز سوداني للاتصالات بشارع السيد عبد الرحمن.
تقطع حبال صوتية وموت دماغي
وكشف ذات الشاهد للمحكمة عن اخضاع الشهيد حسن لعملية جراحية جراء تعرضه للإصابة بطلق ناري دخل في عنقه وخرج بكتفه، ومكث بموجبها في العناية المكثفة (١٨) يوماً، واتضح ان الشهيد قد تقطعت حباله الصوتية وعدم قدرته على الكلام، إضافة إلى حدوث وفاته دماغياً بالعناية لتعلن المستشفى عن وفاته.
إطلاق نار (بوم.. بوم)
ونفى شاهد الاتهام الرابع للمحكمة عند استجوابه بواسطة محامي دفاع المتهم أحمد إبراهيم امبدة، مشاهدته لأي سلاح نارى يوم الموكب، مبينا انه وقتها كان يسمع فقط صوت اطلاق النار ووصفه بانه كان (بوم، بوم) على حد تعبيره، كما نفى ذات الشاهد للمحكمة ايضاً مشاهدته الشخص الذي أطلق النار على الشهيد حسن محمد عمر، اضافة الى انه لم يشاهد لحظة اصابة الشهيد يوم الحادثة.
موكب وسقوط صحافية
ومن جهته مثل أمام المحكمة أمس شاهد الاتهام الخامس مدير تحرير صحيفة الجريدة ماجد القوني، وكشف تفاصيل مثيرة ليوم الحادث، حيث أفاد بانه وبتاريخ ٢٥/١٢/٢٠١٨ خرج برفقة زملائه من الصحافيين والصحافيات للتغطية والرصد الصحفي للموكب الذي انطلق من شارع القصر لشارع السيد عبد الرحمن وصولاً للمركز الثقافي البريطاني، منوهاً بأنه وفي تلك الأثناء سقطت إحدى زميلاتهم بالموكب اختناقاً لاصابتها بـ (الربو) ليقوم باسعافها بمعاونة اثنين من النظاميين بشرطة السجل المدني وادخالها لصحيفة السوداني، مبيناً أنها حينها أخبرته بنسيانها (البخاخ) الذي تستنشقه بمقر صحيفتهم (الجريدة)، منوهاً بأنه قام باصطحاب زميلته مرة أخرى إلى مقر صحيفتهم بالطابق الخامس بعمارة الحديد والصلب بشارع ابو سن وسط الخرطوم لاستنشاقها لجرعة البخاخ.
قصة التاتشرات الـ (4)
ونوه شاهد الاتهام الخامس للمحكمة بأنه بعدها خرج من مقر صحيفتهم مرة أخرى واستقر به الحال مع زملائه جوار صحيفة الأخبار، لافتاً الى أنه وقتها توقفت (٤) تاتشرات تتبع للامن ترجل منها ثلاثة افراد بوسط شارع السيد عبد الرحمن، مبيناً انه وقتها تقدم خطوات نحو شارع السيد عبد الرحمن ليتفاجأ بظهور أحد أفراد قوات الأمن وهو يرتدي زياً مدنياً وملثماً ويحمل عصا في يده، مبيناً أن هذه العصا مكونة من حديد مكسو ببلاستيك من الخارج وتستخدمها قوات الأمن على حد تعبيره.
إساءة وإصابة وإطلاق نار
واوضح شاهد الاتهام الخامس الصحافي ماجد القوني للمحكمة ان فرد الأمن بعدها ظل يمطره بوابل من الإساءات ويتقدم نحوه بخطوات، مشيراً الى انه وفي تلك الاثناء قام فرد الأمن بتوجيه فرد آخر كان يقف بجواره يحمل قاذف بمبان باطلاقه في مواجهته، وأفاد ذات الشاهد للمحكمة بأن عبوة البمبان وقتها قد وقعت على إحدى السيارات بالشارع ومن ثم ارتدت مرة اخرى واصابته اسفل قدمه أثناء محاولته الاختباء منها خلف أحد أعمدة الإنارة بالشارع، مشدداً على انه وجراء الإصابة بقاذف البمبان ظل اثرها عليه لمدة تراوحت بين (٤ ــ ٥) أيام على حد قوله، منوهاً بانه حاول حينها الهرولة ناحية زملائه الآخرين الا ان اصابة قدمه بالبمبان حالت دون ذلك، ليصوب المتهم الماثل بقفص الاتهام بالمحكمة سلاح كلاشنكوف من على بعد (٣٠٠) متر في مواجهته واطلق منه عياراً نارياً استقر على بعد متر ونصف المتر من مكان وقوفه، مشدداً على ان المتهم وقتها لم يكن ملثماً ولم ينس ملامحه مطلقاً لاسيما انه قد صوب سلاحه واطلق منه النار في مواجهته، مبيناً أنه وفي تلك الأثناء تمكن من اللحاق بزملائه ودلفوا جميعاً الى مقر صحيفتهم بعد ان احكموا اغلاقها من الخارج، لافتاً الى انه بعدها اعتلى زميلهم المصور بالصحيفة بلكونة مقر الصحيفة بالطابق الخامس المطلة باتجاه الجنوب الشرقي لامتداد شارع ابو سن مع شارع السيد عبد الرحمن، وتمكن من التقاط صورة مستند اتهام (٩) التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لاحقاً ويظهر فيها المتهم يحمل سلاح كلاشنكوف ويصوبه نحو الشوارع الداخلية التي بها المتظاهرون، واكد شاهد الاتهام الخامس للمحكمة ان المتهم الماثل بقفص الاتهام هو ذات الشخص الذي اطلق عليه الرصاص يوم الحادثة ولم تتغير ملامحه الا انه اصبح في حالة انحف مما سبق، وشدد ذات الشاهد للمحكمة على انه ظل يحتفظ بذهنه طوال العامين بصورة المتهم وشكله الخارجي ولم ينسه مطلقاً، عازياً ذلك الى انه من الصعوبة نسيان شخص يحمل سلاحه ويصوبه نحوك مباشرة.
مصور (الجريدة) وصورة المتهم
واكد شاهد الاتهام الخامس انهم درجوا عند الخروج لاي موكب تظاهري على تصوير الاحداث فيه لتوثيقها وتغطيتها صحفياً، مبيناً انهم بعدها يعودون الى مقر الصحيفة ويقومون باعداد مادة صحفية عن الموكب تحتوي على كل ما حدث فيه ومرفق معها تقرير لجنة الاطباء السودانيين توضح مدى الاصابات وسط المتظاهرين والوفيات ان وجدت، مشدداً على انه بنهاية موكب الحادثة في ٢٥ من ديسمبر لعام ٢٠١٨م وردت اليه صورة كمدير تحرير بالصحيفة صورة المتهم يحمل سلاح كلاشنكوف مع مجموعة من الصور، وتم نشرها في صبيحة اليوم التالي على موقع الصحيفة الالكتروني، وذلك لتوقف صدور الصحيفة ورقياً بامر من جهاز المخابرات العامة وقتها، مشيراً الى ان الصورة بعد نشرها بموقع صحيفتهم الالكتروني لاقت رواجاً وانتشاراً كثيفاً على مختلف الوسائط الإلكترونية، واعتبروا وقتها ان الصورة بمثابة سبق صحفي لصحيفتهم باعتبارهم اول من التقطها وقاموا بنشرها.
ونفى شاهد الاتهام الخامس وجود اي سابق معرفة له بالمتهم، وانه فقط التقاه في موكب التظاهرات يوم الحادثة وفي جلسة الأمس بالمحكمة، كما نفى الشاهد التقاطه مستند اتهام (٩) صورة المتهم يوم الحادثة وانما التقطها مصور الصحيفة، بينما اكد ذات الشاهد للمحكمة رؤيته الصورة على كاميرا مصور الصحيفة ووصفها بانها عالية الدقة، كما نفى الشاهد في خواتيم شهادته للمحكمة إصابة اي من زملائه الصحافيين بالموكب يومها ما عداه، الا انه وباتصال الصحيفة بلجنة أطباء السودان المركزية كشف لهم عن حدوث اصابات وسط المتظاهرين وقتها.
ومن جهتها اعلنت ذات المحكمة سماع شهادة طبيبين كشهود اتهام في الدعوى الجنائية في الجلسة القادمة الموافقة يوم (١٤) من الشهر الجاري.

المصدر : الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى