بقلم / الطيب مصطفى
وكان آخر ما أعلنه عبدالبارئ وزير عدل قحت، الغاء الحدود الشرعية من خلال اجتماع عقد امس الاول للمجلسين السيادي والوزاري
تم الغاء الحدود الشرعية عبر الموافقة على الانضمام للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والتي تقع الحدود الشرعية ضمن ما تعتبره تعذيباً!!!
أراد المجلسان بالتصديق على تلك الاتفاقية التحايل على الغاء الحدود الشرعية بدون ان يذكروا ذلك صراحة تجنباً لاي ردود فعل تنشأ من المسلمين الغيوربن على دينهم خاصة العلماء والدعاة.
الآن وبهمة عالية، تعمل لجنة تمتلئ بالشيوعيين والشيوعيات على تعديل او الغاء قانون الاحوال الشخصية الذي لم يجرؤ حتى الاستعمار الانجليزي على المساس به ، فلا حول ولا قوة الا بالله
وهكذا يمضي حكامكم ايها الناس في المجلسين السيادي والوزاري في تحقيق خطوة اخرى جبارة في حربهم على الاسلام وشريعته بعد اباحة الخمر والغاء النظام العام وغير ذلك من التشريعات المحاربة لله ورسوله.
ذلك هو الانجاز الوحيد الذي حققه من انقلبوا على الانقاذ : الحرب على دين الله وشريعته، اما الضائقة المعيشية التي ثار الناس من اجل انهائها فقد تفاقمت اكثر من عشر مرات!
دلوني أيها الناس عن سبب واحد لبقاء حكام اليوم وقد شنوا الحرب على دينكم ودنياكم بعد ان سرقوا الثورة وخدعوا الشعب وخربوا عليه دينه ودنياه واحالوا حياته الى جحيم؟!
خرج الناس على الانقاذ طلباً لحياة وعيش افضل فكيف يصبرون على من اضاعوا عليهم الدين والدنيا؟!
الكاتب المبدع محمد تاج السر والذي يجيد التقافز بين الجمل والمعاني برشاقة محببة وسمت تعبيره وزانت حروفه، كتب فابدع متغزلاً في ايام كان الدين فيها مكيناً في حياتنا عزيزاً لدى قياداتنا فاضحى اليوم غريباً في مؤسساتنا مبغوضاً عند حكام غرباء تسوروا حرمة بلادنا وانتهكوا سترها ليخفضوا بل ويمزقوا راياته ويحطموا شرائعه ويحتقروا شعائره ، فهلا شاركتموني عبر مفردات كاتبنا العذبة التحسر على حالنا بعد ان شن اولئك الحرب على الله ورسوله عبر الثورة التي ظننا انها ستغير حالنا الى الافضل ديناً ودنيا ، فاذا بها تُسرق في وضح النهار من حكام اليوم في المجلسين السيادي والوزاري ، ومن قبيلة اليسار وبني علمان الذين امتطوها واحالوها الى خراب ويباب وحطموا بها ديننا ودنيانا.
نجح حكام اليوم، ويا للحسرة ، في الغاء الحدود الشرعية بعد سبع وثلاثين سنة من تطبيقها على يد الرئيس جعفر نميري، فليبوؤا بذلك الاثم العظيم الى يوم الدين، اما نحن المسلمين واما علماؤنا، فعلينا جميعاً ان ندافع عن ديننا وشريعتنا وإلا فاننا محاسبون يوم يقوم الناس لرب العالمين.
هلا شاركتموني قراءة مقال الكاتب محمد تاج السر الذي يدندن حول هذه المعاني ، مقارناً بين حال الدين المحارب من قبل حكام اليوم وبين حاله بالامس:
( 2)
الإنقاذ هدت فينا وانتو هديتوا حيلنا
] ولئن لم يكن في سفر الإنقاذ سوى إحياء روح الجهاد والتدين والعقيدة في أوصال المجتمع لكفاها شرفاً وأي شرف.. فتشييد الكباري والأنفاق والطرق والجسور والمشافي والجامعات والبترول والكهرباء والمدارس والأمن ليس أهم من بناء مجتمع الفضيلة والأخلاق والجهاد.. والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله..
] وحيثما حطت رحالك في مؤسسة أو منشأة أو مكان أو كيان خدمي وجدت المسجد يحتل مكاناً بارزاً.. ووجدت الموظفين يهرعون للصلاة في قلب البنوك والشركات والهيئات.. يتبعهم أو يسبقهم الجمهور والمسؤول الأول.. ولجمعيات القرآن الكريم وجود وحضور.. وللحجاب سمو ومكانة.. ولا تتعجب إن رفع الأذان من الميكروفونات الداخلية.. وتعطل دولاب العمل دقائق لأداء الصلاة.. كان للحجاب في مدارسنا وجامعاتنا بهاء وحضور وتشديد.. وكان للنظام العام وجود (رغم بعض الانحراف).. وكانت المتبرجات أقلية لا ترى بالمجهر.. لم نكن ولم يكونوا ملائكة، ولكن كان المنكر يستتر ولا يكاد يبين..
] كانت أجهزة الإعلام متوضئة طاهرة عفيفة.. تغطي فيها النساء ما يجب أن يغطى.. وتتسابق لاستضافة الطيبين الأخيار من الأئمة والدعاة.. ولهم في المجتمع مكانة وريادة ودور ووجود.. كانت البرامج طيبة.. مصبوغة بروح الدين الحق.. وكان أغاني وأغاني من الكبائر، قبل أن يحتل المبشرون بالثالوث تلفزيون لا إله إلا الله.. والقناة الطاهرة.. ويكرم الملحدون والزنادقة.. من قبل حكام الغفلة وبعضهم أولياء بعض.
] رغم مآخذنا على أداء بعض مؤسسات الإنقاذ التي قلناها في حينها ولم نخش غير الله أحداً.. وبعض الفساد في الزكاة وغيرها كان للزكاة وجود.. ولرمضان تكريم وموائد رحمن.. وللمحرومين فرحة.. ولرموز المجتمع والدين مكانة.. وللصوم والصائمين نفحات وبركات.. وقيام وتهجد.. وللقرآن ختمات وتلاوة وبكاء وتضرع.
] قال لي أحدهم.. (دخلت مطعماً في عطبرة بواكير الإنقاذ فوجدت الجرسون يمسح على المائدة وينش د : (في حماك ربنا في سبيل ديننا)…. كان الدين حاضراً في المجتمع.. في مدارسنا وجامعاتنا وأسواقنا.. وكان الشذاذ وجند إبليس معزولين.. لا يسمع لهم صوت.. وليس لهم راية.. وأهل الخلاوى محط تكريم.. شيوخاً وطلاباً.. وكان صوت السودان مسموعاً في العالم العربي والإسلامي.. يفوز قراؤنا في المسابقات الدولية.. وعاصمتنا للثقافة
وتنافح عن قضايا الأمة رغم الضيق والعنت والحصار.. إن شكت غزة تألمت الخرطوم..
] في كل بيت من مدننا وقرانا وحوارينا وأصقاعنا البعيدة كان هنالك شهيد.. وكانت لهم قصص ومآثر.. وكانت لهم قصص وأحاديث ومفاخر وحكاوي لأناس تركوا الدنيا وركلوا نعيمها من أجل نعيم سرمدي.. ودار أخرى.. ونصرة لدين الله.. وحماية للأرض.. منهم الوزير والمدير وابن المسؤول والبروفسير ومدير الجامعة وأول دفعته والطبيب والمهندس.. وحتى نائب الرئيس. اصطبغ المجتمع برائحتهم وذكراهم الطيبة فلا تخلو مدرسة او داخلية او مستشفى او مسجد من اسم شهيد.. كانت عزة السودان والجهاد ومدرسة الدفاع الشعبي وساحات الفداء ومتحركات المجاهدين والميل أربعين وما ادراك ما هو.. وقعقعة الرصاص وصعود الأرواح الطاهرة..
] كان المجتمع مؤدباً بأدب القرآن وحسن الحديث والاستماع.. لم يكن هناك صخب وصخابون وفوضى وتهريج.. كان الصغار يوقرون الكبار.. و كان للأمن مكانة.. إن ألمت نازلة كان أول الحاضرين.. قبل أن يفزع الناس.. ثم لا ينصرف حتى يطمئنوا.. كان المجتمع كتلة واحدة إلا من أبى.. يحكمه رئيس يجلله تراب المقابر.. ويصلي بجواره درمة وأهله الغبش.. يرفع الفاتحة بلا حجاب ولا ستار.. ويهز بعصاه مجاملاً في الأفراح.. مستهزئاً بالخصوم على المنابر.. يحدثنا بالقرآن والحديث ويقص علينا قصص السلف والأنبياء.. ويحضنا على الصبر.. وعلى دربه سار المسؤولون.. يبتدئوننا بالسلام وحمدالله والثناء ويحدثونا أحاديث الدنيا والدين.
] هكذا كنا وكان السودان.. قبل أن يحل علينا هؤلاء ذات صباح أسود.. فيحيلوا حياتنا سواداً.. ونصبح نحن الغرباء ومعنا الوطن.. رد الله غربتنا وآجرنا في مصيبتنا.
] وكأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر.
المصدر : الانتباهة