لجنة تحقيق فض اعتصام القيادة العامة بدت للكثيرين أحياناً وكأنها تبحث عن إبرة في كوم كبير من الحشائش الكثيفة والمتشابكة، نسبة لتضاريس الحدث السياسية في تلك الفترة التي كان فيها المكون العسكري هو الحاكم الفعلي، ولوجود تقاطعات عديدة تمثل الظرف السياسي الحالي بتداعياته المحلية والدولية، ومن ناحية أخرى يقف ذوو الضحايا والشباب المشاركون في الاعتصام أو في إشعال شرارة الثورة، ينظرون إلى عمل اللجنة الذي يواجه تحديات كبيرة ومعقدة احياناً بعين الارتياب او على الأقل بقدر من التشاؤم في امكانية الوصول للحقائق حول المسؤولين عن تلك المجزرة.. وعبر هذا الحوار ناقشت (الإنتباهة) مع نبيل أديب رئيس اللجنة مسار التحقيق والصعوبات التي تواجه اللجنة وآفاق الحلول المتوقعة :
* ما موقف اللجنة المالي والدعم اللوجستي وبيئة العمل؟
ــ نحن لا نجد الدعم المالي الكافي نسبة لوضع البلاد التى تعانى من أزمة اقتصادية، مثلاً عندما نتحدث عن توفر المعدات والموظفين والعاملين فذلك أمر ضرورى للإسراع فى عمل اللجنة، ولكن عدم توفر الإمكانات هذا مسألة يجب أن نتعايش معها ويتفهمها الشعب ولا يوجد حل آخر .أما الدعم اللوجستى من الخارج فهو يتعلق بفحص البينات والأدلة فحصاً معملياً جنائياً، وليست لدينا القدرة على إجرائه، ولا يمكن تتحول البينات التى تحتاج الى اجراء هذا الفحص للمحكمة دون إجرائه، وكان يفترض أن نحصل على هذا الفحص من الاتحاد الإفريقي لكنه اعتذر وأخطرنا رئيس الوزراء بذلك، والبعض يتساءل عن أسباب التأخير، فهذه الأشياء غير متاحة فى السوق، كما أن هناك اعتبارات سياسية فى اللجوء الى هذه الدولة وتلك الدولة، وعلى كل حال هذه المسألة فى يد رئيس الوزراء وهو الذى سيقوم بتوفيرها.
* أين وقف مسار الفحص الجنائي في تلك القضية؟
ــ حتى الآن ليس لدينا خبراء يقومون بالفحص المعملى الجنائي.
* لماذا لم تستعينوا بمعامل الأدلة الجنائية التابعة للشرطة السودانية؟
ــ هناك عدم ثقة وسط الناس في الأجهزة الوطنية، ولذا اضطررنا الى ان نلجأ للخارج، واعتقد ان هذا أفضل، كما يوجد نقص في المعلومات، وهناك جثث لم تفحص بعد وتحتاج لأدوات من الخارج.
* في ما يتعلق بفحص الجثث في المقابر الجماعية بأم درمان وود مدنى أين توقفت جهودكم في إيجاد الخبراء لهذا الغرض؟
ــ بحسب معلوماتي ان لجنة المفقودين ستتعاقد معهم ويوجد تعاون بين اللجنتين، وعندما يتم الفحص ستخطرنا لجنة المفقودين على أساس ان تكون جزءاً من عملنا او لا تكون.
* متى ستقدم اللجنة التقرير النهائي؟
ــ لن يكون هناك قرار نهائي للجنة ما لم نتحصل على الدعم اللوجستي، ولن نستطيع ان نحدد تاريخاً معيناً لإعداد التقرير النهائي، ولكن رغم ذلك هناك تحقيقات سارية تقوم بها اللجنة، والمؤكد أنها ستنتهي قبل استكمال الفحص المعملى الجنائي، ولكن جائز أن يضطرنا الفحص المعملى الجنائي الى فتح تحقيق آخر، واللجنة لا تدري ما هي نتيجة الفحص.
* تقصد فتح تحقيق آخر مع شخصيات جديدة؟
ــ ربما يسفر الفحص عن الحاجة الى تحقيقات مع شخصيات جديدة او القديمة. والآن توجد فيديوهات جديدة بدأت تظهر لم يرها شخص من قبل ربما تضيف شيئاً جديدا ًللتحقيقات.
* ما هي حقيقة هذه الفيديوهات؟
ــ تحصلنا عليها من وسائل التواصل الاجتماعي وليس عن طريق جهة رسمية، واتضح انها تحتاج الى فحص قبل ان نبني عليها اي شيء.
* ما الفرق بين الحصول عليها بطريقة رسمية او من وسائل التواصل الاجتماعي؟
ــ يتيح لنا الطريق الرسمى معرفة من الذي قام بالتصوير ومن اي المواقع وغيرها من التفاصيل، لكن الحصول عليها من وسائل التواصل لا يمكن من معرفة المصور وبقية التفاصيل الاخرى، ولكن رغم ذلك ظهرت فيها أشياء محددة لا بد من إخضاعها لفحص معملي جنائي.
* لماذا ظهرت هذه الفيديوهات في هذا الوقت بالذات؟
ــ ذكرت ان هذا موضوع لا يمكن الاجابة عنه علناً، لكننا نحاول ان نرد عليه داخل اللجنة بعد أن نعرف المصدر.
* كيف ستتمكن اللجنة من معرفة مصدر الفيديوهات؟
ــ نحن نبحث عن الجهة او الشخص الذي قام بتصوير هذه الفيديوهات، وهذه معلومات أساسية لا بد للجنة ان تعرفها باعتبارها بينة اساسية في التحقيق، ولكن الشيء الأهم ليس مصدر الفيديو ومن أين أتى فهذه كلها مجرد خيوط، اهم شيء ان تكون صورت من موقع الحدث وفي زمن الحدث ولم يتم العبث بها، هذه هي الأشياء التى يؤكدها الفحص المعملى للفيديو .
* اللجنة استمعت الى عدد من الشهود.. كيف توفر لهم الحماية؟
ــ نحن كل ما نستطيع ان نفعله لحماية الشهود هو الا نعلن عن اسمائهم الا اذا أعلنوا هم، وإذا تم تحويلهم للمحكمة هنالك برنامج لحمايتهم في المحكمة .
* كم يبلغ عدد الشهود الذين لم يدلوا بإفاداتهم؟
ــ لا أستطيع أن أذكر العدد بالتحديد ولكن عددهم ليس كبيراً.
* كم عدد الذين أدلوا بشهاداتهم؟
ــ أكثر من ثلاثة آلاف شاهد.
* وكم عدد الشهود الذين استدعتهم اللجنة؟
ــ ما يزيد عن (٣٠٠) من مدنيين وعسكريين، ومازالت اللجنة تواصل استدعاء المزيد من الشهود.
* لماذا تأخرتم في استدعاء البرهان وحميدتي؟
ــ دائماً التأخير يكون لسببين، اما عمل اللجنة او عمل الشاهد الذي قد لا تسمح ظروفه بالحضور في الموعد المحدد للإدلاء بشهادته، لذا نحن لا ننتظره بل نباشر فى الاستماع الى شهود آخرين، وقد تحتاج اللجنة الى ان تستمع إلى شاهد قبل شاهد لأسباب نعرفها نحن في التحقيق.
* لكن بالتحديد ما هي اسباب تأخر التحقيق مع حميدتي والبرهان باعتبار ان التحقيق توقف عندهما؟
ــ المسألة بالنسبة لي في أهمية شهادتهما، حيث انهما سيدليان بشهادتهما ولم يعترضا، ونحن لم نقرر اننا لا نحتاج لشهادتهما، لكن سيدليان بها في الوقت الذي نكون فيه جاهزين، والتحقيق ماضٍ ولم يتوقف.
* لكن تم الانتهاء من التحقيق والاستماع لشهادات الكباشي وجابر وزملائهم في المكون العسكري؟
ــ جائز أن تعود اللجنة للتحقيق مع المكون العسكري من جديد والتحقيق لم ينته، ولا يوجد سبب يجعلنى أدلي بتفاصيل التحقيق للإعلام .
* برأيك ما هي أهمية شهادة البرهان وحميدتي؟
ــ بالتأكيد شهادتهما أساسية ومهمة باعتبار انهما كانا من الحكام في ذلك الزمن، وبالضرورة انهما يعرفان معلومات لا يعرفها غيرهما، وهذا لا يعنى بالطبع انها اهم من غيرها، فتقييم الشهادة مرحلة ثانية تخص اللجنة.
* بشهادة حميدتي والبرهان هل ستكون نهاية استجواب العسكريين؟
ــ اللجنة لن تغلق الاستجواب الا بالانتهاء من تقريرها النهائي،
وقد يكون الاستجواب مع المكون العسكري قد انتهى، لكن هناك عسكريين آخرين لا يوجدون في المكون العسكري لمجلس السيادة لكنهم عسكريون وقياديون مازالوا منتظرين التحقيق معهم.
* وماذا عن التحقيق مع المدنيين.. هل سيتم استدعاء مسؤولين في الحكومة المدنية أم سيتوقف الأمر عند المكون العسكري فقط؟
ــ هنالك وزراء وقيادات من الحرية والتغيير ادلوا بشهاداتهم في وقت سابق، كما ان هنالك وزراء في الحكومة السابقة وقيادات في الحرية والتغيير سيدلون بأقوالهم في وقت لاحق .
المصدر : الانتباهة