الولاة العسكريون .. هل اقتربوا من حكم الولايات؟

وجد اقتراح المكون العسكري في مجلس السيادة، إيلاء حكم بعض الولايات لقادة من العسكر ، بحكم أنها مصنفة ضمن مناطق (الهشاشة الأمنية) مثل كسلا والبحر الأحمر وغرب كردفان وغرب ووسط دارفور ، رفضاً واسعاً من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة) ، واعتبرته زيادة وتعميقا للمشاكل التي تعاني منها البلاد ، لجهة أن الولاة العسكريين ليس لديهم تجربة في حل المشاكل المستعصية ذات الطابع السياسي والاقتصادي ، ولا يستطيعون ضبط الأوضاع أكثر من الولاة المدنيين.

وتُحكم الولايات في البلاد الآن بواسطة ولاة مؤقتين جرى تعيينهم في 22 يوليو من العام الماضي بواسطة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ، وكان الاتفاق آنذاك أن يتولى المدنيون السُّلطة إلى حين توقيع اتفاق السلام الذي ا كتمل في أكتوبر الماضي . وتعاني ولايات دارفور وشرق السودان من مشكلات أمنية، حيث شهدت خلال الأسابيع الماضية انفلاتاً أمنياً بسبب مشكلات ذات طابع قبلي أدت لوقوع عشرات الضحايا بين قتيل ومصاب. وإافقت أطراف الحكم في البلاد على تعيين ولاة الولايات في 25 فبراير الجاري، وذلك ضمن مصفوفة زمنية لاستكمال تشكيل هياكل السُّلطة الانتقالية.
وفي تصريحات سابقة، قال القيادي في تحالف الحرية والتغيير، أحمد حضرة، لـ (سودان تربيون): (لا يوجد قبول أو تأييد لمقترح تولي حكم بعض الولايات، ولا نعتقد أن الوالي العسكري يستطيع ضبط الأوضاع أكثر من المدني).وأضاف: (لا يوجد اتفاق أو معالجة لهذا المقترح، مبدئياً لا يجد قبولاً. كما لا توجد مسوغات لتولي العسكر حكم الولاة). وأشار إلى إن ولاة الولايات تُرشحهم الحرية والتغيير ويعينهم رئيس الوزراء. وأفاد حضرة بأن تنظيمات الجبهة الثورية طالبت بتولي الحكم في (5) ولايات، لكنه أوضح أن هذا الطلب (لا يزال قيد التشاور بين الطرفين). ويؤكد عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي صدقي كبلو أن تعيين ولاة عسكريين في الولايات سوف يزيد من المشاكل التي تعاني منها ، وقال كبلو في حديثه لــ(الإنتباهة) إن تعيين الولاة العسكريين يعمق المشاكل ويضعف الحكومة المدنية ، وأضاف قائلاً: (إذا تم تعين الولاة العسكريين ستصبح المدنية ناقصة) ، ورهن كبلو تعيين ولاة عسكريين للولايات بتقديم استقالاتهم من القوات المسلحة ، وقال من يريد من العسكر أن يعين والياً عليه الاستقالة من الجيش ، وأكد أن تعيينهم محاولة لتفادي أن تخضع القيادات العسكرية للولاة المدنيين .
وجزم صدقي بوجود خلل في هيكل الدولة السودانية وفي أجهزتها الأمنية ، وقال بهذا نجد أن وجود الشرطة والجيش في كثير من المناطق رمزي ولا يتحكم فيه ولاة الولايات ، وقطع صدقي بأن الولاة المدنيين ليسوا ضعيفين ، لجهة أن الخلل يكمن في عدم خضوع قادة الجيش في الولايات للولاة المدنيين حد قوله ، وتابع يجب أن يكون الوالي هو من يأمر قائد المنطقة العسكرية في ولايته ولا ينتظر القرار من القائد العام للقوات المسلحة ، ودعا إلى فتح المناقشة في الوثيقة الدستورية ، وشدد على ضرورة أن يكون تقسيم السلطات فيها وأضح .
ومن جانبه يرى نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل في حديثه لـ(الإنتباهة) أن تعيين ولاة عسكريين في بعض الولايات في الوقت الراهن لن ينفع ، وغير مناسب ، وفيه استفزاز للثوار والمدنيين عامة ، لجهة أنه يصادم الشارع العامة ، وقال كي نحدث تجاوباً مع شعار مدنية الحكم في البلاد يمكن أن يتم الدفع ببعض الضباط المتقاعدين من الجيش أو الشرطة لتولي أمر الولايات التي بها هشاشة أمنية ، وأضاف قائلاً: (يجب أن يتم ربطهم بالمواطنين العاديين كي يتم تعزيز مفهوم المدنية المختلطة) ، وتابع قائلاً: (الضباط المتقاعدين أشخاص نزلوا المعاش وأصبحوا مدنيين ، ولكن في نفس الوقت لديهم خلفية أمنية) . وقال صديق يجب أن تأخذ الحكومة والي جنوب دارفور أنموذجاً ، لجهة أنه استطاع أن يسيطر على الولاية أمنياً ، رغم مواجهة ولايته لبعض التفلتات ، وأضاف قائلاً: (استطاع أن يمازج بين العسكرية والمدنية ، وبفضل ذلك الولاية تجاوزت الخلافات ، واستطاع أن يعمل أعلى درجة من التناغم بين المواطنين) ، وأكد أن تعيين ضباط متقاعدين في بعض الولايات قد يخرجها إلى بر الأمان .
ويرى المحلل السياسي أمين عمر أن الولاة العسكريين لن ينجحوا في الولايات إذا تم تعيينهم ، وقال: (المجرب لا يجرب) وسبق للحكومة أن عينت ولاة عسكريين في الولايات ولم ينجحوا نسبة لحساسية إنسان الولاية مع العسكر عموماً حد قوله ، وجزم أمين في حديثه لــ(الإنتباهة) بأن العسكر لا يجيدون العمل التنفيذي ، وأكد أن تعيينهم لن يحل الأزمات في الولايات وسوف يزيد من تعقيداتها ، ويخلق أزمات أمنية جديدة ، لجهة أن الثوار يرفضون العسكر ويعملون على تطبيق المدنية .

المصدر : الانتباهة

Exit mobile version