لخمس ساعات متواصلة تخللها فاصل لاداء صلاة الظهر، عقدت المحكمة الخاصة بمعهد التدريب القضائي باركويت الجلسة الثانية لمحاكمة المتهم بقتل الشهيد حسن محمد عمر، بعيار ناري بالقرب من مستشفى الزيتونة بشارع السيد عبد الرحمن بالخرطوم.
وتم استعراض مقاطع فيديو خلال الجلسة عبارة عن معروضات اتهام في القضية تم تصويرها يوم الحادثة، فيما كشف المحقق ان الفيديو الاول يوضح مجموعة من المتظاهرين كانوا موجودين جنوب غرب مستشفى الزيتونة محل الحادثة، بينما يظهر الفيديو الثاني المتهم وهو يحمل سلاح كلاشنكوف ويطلق به النار على المتظاهرين بمسافة (150 الى 200) متر، فيما يوضح الفيديو الثالث خلو محل الحادث من المتظاهرين بعد تفريقهم وضربهم بالسلاح، وشدد المحقق النيابي على ان مختبرات الادلة الجنائية اكدت ان جميع الفيديوهات صحيحة ولم يحدث فيها اي تعديل .
في وقت رفض فيه قاضي المحكمة طلباً لمحامي الدفاع عن المتهم باستبعاد وكيل نيابة الخرطوم شمال محمد ابراهيم من هيئة الاتهام عن الحق العام، لاحضاره لاحقاً كشاهد دفاع لهم، مبرراً ذلك بأن المحقق ذكر ان عضو هيئة الاتهام قد كان موجوداً ضمن المشرفين على طابور الشخصية الذي اجري للمتهم بقسم الشرطة، وعللت المحكمة رفضها الطلب بان الاجراءات الادارية المتعلقة بطابور الشخصية متعلقة بالضابط الشرطي وليس وكيل النيابة وفق ما جرى عليه العمل بالمحاكم السودانية .
إصابة في العنق
وقال المحقق النيابي وكيل النيابة محمد الصافي محمد سليمان، انه وبتاريخ ٢٥/١٢/٢٠١٨م وحوالى الساعة الواحدة ظهراً، انطلقت مظاهرة في منطقة الخرطوم شرق تقاطع شارع القصر مع السيد عبد الرحمن، منوهاً بأن المتظاهرين وقتها توجهوا شرقاً ووصلوا لمستشفى الزيتونة بالقرب من مركز سوداني للاتصالات، لافتاً إلى أنه وعند غرب مركز سوداني الكائن بشارع السيد عبد الرحمن أصيب المجني عليه الشهيد حسن محمد عمر بعيار ناري في العنق، موضحاً انه تم اسعاف المجني عليه للمستشفى بموجب اورنيك (٨) جنائي صادر عن قسم شرطة الخرطوم شمال بتاريخ ٢٥/١٢/٢٠١٨م، في وقت تقدم فيه المتحري المحقق النيابي للمحكمة بمستند اتهام (١) الاورنيك الجنائي، وعرض على الدفاع ولم يعترض عليه وقبلته المحكمة فوراً.
تقرير التشريح
وكشف المحقق النيابي للمحكمة انه تم إسعاف المجني عليه لمستشفى فضيل بالخرطوم، وتولى حينها قسم شرطة الخرطوم شمال اجراءات البلاغ بموجب نص المادة (٤٤) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١م ومتابعة المتهم بالمستشفى من قبل مساعد شرطة بالقسم الشمالي موسى محمد بشير، الى حين وفاة الشهيد المجني عليه في يوم ١٢/١/٢٠١٩م، لافتاً إلى أنه وبعد ذلك احيل جثمان الشهيد لمشرحة الاكاديمي بموجب امر تشريح صادر عن نيابة الخرطوم شمال، وتبين ان سبب الوفاة الاصابة بعيار ناري في العنق وما نتج عنه من إصابات جسيمة، واشار المحقق الى ان هناك تقارير من وزارة الصحة أرفقت مع تقرير التشريح، حيث تقدم المحقق للمحكمة بنتيجة تقرير التشريح للشهيد كمستند اتهام (٢) وقبلته المحكمة على الفور لعدم الاعتراض عليه من قبل الدفاع عن المتهم . وكشف المحقق للمحكمة ايضاً عن تولي نيابة الخرطوم شمال ملف البلاغ وقيدت دعوى بمخالفة نص المادة (١٣٠) من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م، واخذت اقوال الشاكي والد المجني عليه الشهيد، مع اخذها كذلك أقوال (٩) من شهود الاتهام للاتهام باليومية من بينهم الطبيب المشرح لجثمان المجني عليه هاشم محمد صالح فقيري، والطبيب المعالج للمجني عليه قبل وفاته بمستشفى فضيل د. محمد احمد محمد ابن عوف .
كاميرات المراقبة
ونبه المحقق المحكمة الى انه انتقل لمسرح الحادثة للتحري الميداني مع تحريه كذلك عن طريق معاينة كاميرات المراقبة الموجودة حول مسرح الحادثة، ومن ضمنها كاميرا صيدلية سامي الطبية بشارع السيد عبد الرحمن، واتضح انها تقوم بكشف ما يدور امام الصيدلية فقط، وفي ذات الوقت افاد المحقق للمحكمة بانه تحرى كذلك مع مسؤول المراقبة ببنك الاستثمار المالي الواقع بشارع السيد عبد الرحمن حول كاميرته المثبتة امام البنك، واتضح كذلك انها تمسح كل المادة المصورة بالكاميرا بعد مرور (٥) ايام، وفي ذات الاطار نبه المحقق الى انه وبعد مدة من الزمان خلال اجراءات التحقيق والتحري كشفت الاسافير الالكترونية عن ان مطلق الرصاص على المتظاهرين هو (أب جيقة)، ووضعت له صورة على تطبيق الفيسبوك، وكان يحمل فيها بندقية آلية كلاشنكوف وكانت متداولة على حد تعبيره، موضحاً ان (أب جيقة) ليس لقب المتهم، وانما هو اسم اطلقه عليه من نشروا صورته بالفيسبوك .
قصة خوف بائعة الشاي
واكد المحقق انه وقتها لم يقف عند ذلك، بل توجه الى مسرح الحادثة مرة اخرى مصطحباً معه صورة المتهم وتحريه ميدانياً حولها مع بائعة شاي بشارع السيد عبد الرحمن، الا انها في البدء رفضت الادلاء باقوالها ميدانياً، واخبرته بانها ستحكي له ما حدث ولكنها لا تريد تدوين اقوالها بيومية التحريات بحجة انها (خائفة) على حد تعبيرها، فيما نوه المحقق بانه عرض صورة المتهم المتداولة على بائعة الشاي، وذكرت له انه ذات الشخص الذي اطلق النار على المجني عليه والمتظاهرين كذلك يوم الحادثة، فيما كشف المحقق للمحكمة ان بائعة الشاي ايضاً اخبرته وقتها بأن ذات المتهم كان بالقرب من محلها ويحمل بندقية، وخاطب الموجودين امامه قائلاً لهم: (الراجل يفتح خشمو عشان اديهو طلقة في رأسه)، واشار المحقق الى ان بائعة الشاي اخبرته ايضاً بأن هناك احد الاشخاص قام بالتحدث معه الا ان المتهم اصابه على فخذ قدمه، كما اطلق المتهم كذلك النار على احد المرافقين لمريض كان يقف بجانب نافذة في الطابق السادس بمستشفى الزيتونة لاعتقاده انه كان يشاهده وهو يطلق النار او بصدد تصويره وقتها، ونوه المحقق كذلك بأنه قد زار مسرح الحادثة بالمستشفى وشاهد فتحة آثار العيار الناري، كما نوه المحقق ايضاً بأنه ومن التحريات اتضح له ان المتهم وجه حرساً يتبع لبنك الاستثمار المالي بالدخول في البنك واغلاق الباب خلفه لكي لا يصيبه بعيار ناري كذلك .
ولفت المحقق الى انه ومن التحريات اتضح ان المتهم كثير الوجود بمنطقة السوق العربي، موضحاً انه وقتها خاطب ادارة السجل المدني بصورة المتهم للافادة حول صورة المتهم، وجاءت بياناته بأن المتهم الواضح في الصورة لديه بطاقة من جهاز المخابرات العامة، ودفع المحقق في ذات الوقت ببطاقة المتهم الصادرة عن الجهاز كمستند اتهام (٣) واعترض عليها الدفاع بانها صورة، فيما تمسك في ذات الوقت ممثلو الاتهام عن الحق العام والخاص بالمستند البطاقة، معللين ذلك بأنها صادرة عن السجل المدني ببيانات صحيحة، والتمسوا من المحكمة قبولها باعتبار أنها مرحلة قبول البينات فقط وليس وزنها. وفي السياق ذاته قبلت المحكمة المستند وارجأت الفصل فيه لمرحلة وزن البينة لاحقاً .
ونبه المحقق المحكمة الى انه قام بمخاطبة جهاز المخابرات العامة بشأن المتهم ومعرفة تبعيته لهم ولرفع حصانته على ذمة البلاغ، منوهاً بأن الجهاز افادهم بأن المتهم تمت محاكمته عسكرياً في عام ٢٠٠٦م وتم شطبه من قوة جهاز المخابرات العامة اعتباراً من تاريخ محاكمته ولا يتبع للجهاز، وفي المقابل دفع المحقق بافادة الجهاز عن المتهم كمستند اتهام (٤) وقبلته المحكمة لعدم اعتراض الدفاع عليه.
إقرار وإنكار
وكشف المحقق في أقواله للمحكمة عن القبض على المتهم بتاريخ ٥/٨/٢٠٢٠م واستجوابه بيومية التحري، في وقت تلا فيه المحقق امام قاضي المحكمة أقوال المتهم، حيث اقر ببعضها وانكر البعض الآخر منها، نافياً للقاضي ذكره بالتحريات أية عبارات تشير الى انه كان يحمل سلاحاً يوم المظاهرات بالحادثة واطلاقه الرصاص في الهواء يوم التظاهرات، بجانب أنه لم يذكر للمحقق بالتحريات اسماء وقيادات القوة المشتركة وضباطها الذين كانوا يقومون برفع التعليمات ابان شغب المظاهرات يوم الحادثة، ونوه المتهم قائلاً للمحكمة: (انا قلت له في قوة مشتركة لفض المظاهرة ولكن ما ذكرت له اية أسماء لقيادات القوة نهائي)، وانكر المتهم بالتحريات كذلك انتماءه للامن الشعبي او الخاص او الطلابي وانما هو تابع لهيئة امن الخرطوم ورئاستها بالعمارات (٥٧)، لافتاً إلى أنه يعمل بعقد سنوي مع الجهاز ويتقاضى راتباً عادياً قدره (١٠) آلاف جنيه، موضحاً انه يحوز على بطاقة عسكرية وديباجة وعربة تابعة للجهاز، مشيراً الى ان مهمته هي جمع المعلومات عن النشاط السياسي، لافتاً الى انه وفي يوم الحادثة كان موجوداً بشارع القصر بالقرب من سينما كلوزيوم بموجب تكليف من مدير وحدة امن المعلومات بولاية الخرطوم وقتها العميد منتصر حسن، لجمع معلومات عن تظاهرة متجهة للقصر الجمهوري لتقديم مذكرة تتعلق بالوضع الاقتصادي وتنحي النظام، موضحاً انه وقتها كانت هناك بالمظاهرات قوة مشتركة من شرطة العمليات وهيئة عمليات الجهاز، منوهاً بانه تم فض المظاهرات وقتها ولا يعرف من اصدر تلك التعليمات بفضها .
(حا أقتل فيكم مية)
وافاد المحقق بانه ومن التحريات تبين ان المتهم يوم الحادثة كان موجوداً بمنطقة ابو جنزير بالسوق العربي منذ الخامسة صباحاً وحتى السابعة مساءً. وفجر المحقق مفاجأة مدوية كشف خلالها انه ومن التحريات واقوال شهود الاتهام ومقاطع الفيديو معروضات الاتهام، ان المتهم يوم الحادث كان يرتدي قميصاً بكم طويل وبنطالاً وشبطاً برباط على حد قوله، بالاضافة الى ان المتهم كان يحمل سلاح كلاشنكوف يطلق النار منه على المتظاهرين ومن بينهم المجني عليه، ومن ثم يعود الى عربة بوكس ويقوم باعادة تعبئة خزانة السلاح لاكثر من مرة وتوجيهه ناحية المتظاهرين، مشدداً على ان المتهم يومها كان يطلق النار بشكل افقي مباشر نحو المتظاهرين، في وقت افاد فيه المحقق بانه وبحسب اقوال شاهدي الاتهام السادس والسابع فإن المتهم يوم الحادثة كان يحمل الكلاشنكوف وفي حالة هياج ويطلق الفاظاً نابية للمتظاهرين ويقول لهم: ( الليلة انا ح اقتل فيكم مية)، موضحاً ان المتهم واثناء اطلاقه النار اصاب المجني عليه، وقال: (أحسن ذاتو).
قوة مسلحة بكلاشنكوف
واكد المحقق للمحكمة انه ومن التحريات فإن قوة هيئة عمليات جهاز المخابرات العامة وقت التظاهرات يوم الحادثة كانت تتعامل مع المتظاهرين بالقوة ومسلحة بالسلاح الناري (الكلاشنكوف)، بينما كانت قوة الشرطة وقتها مسلحة بقاذف (البمبان) فقط، فيما نبه المحقق الى ان المتظاهرين يوم الحادثة كانوا عزلاً وسلميين.
مصابون بأعيرة نارية
وكشف المحقق للمحكمة عن استجوابه لشهود اتهام بينهم من تمت اصابته يوم الحادثة، لافتاً الى تعرض شاهد الاتهام وهو مرافق لاحد المرضى بعيار ناري في ظهره واستقرت الرصاصة في رئته، فيما كشف ايضاً المحقق للمحكمة عن اصابة شاهد الاتهام الخامس محاسب بمستشفى الزيتونة يوم الحادثة في يده وهو كان على بعد (5 الى 6) امتار من المجني عليه الشهيد .
فيديوهات يوم الحادثة
وكشف المحقق للمحكمة انه ومن خلال اقوال شاهد الاتهام السادس باليومية تحصلوا على تصوير مقاطع فيديو صورت بواسطته، حيث تم إرسالها للمختبر الجنائي، في وقت قدم فيه المتحقق للمحكمة (فلاش) عليه مادة مقطع الفيديو الذي صوره الشاهد السادس للاتهام كمعروض اتهام (١) وقبلته المحكمة وارجأت تقييمه ووزنه بعد عرضه عليها بشاشة البروجكتر، فيما قدم كذلك المحقق للمحكمة مستند اتهام (٦) عبارة عن محتوى تفريغ مادة الفلاش لمقطع الفيديو الذي صوره شاهد الاتهام السادس وقبلته كذلك المحكمة، وفي ذات السياق تقدم المحقق للمحكمة بمستند اتهام (٧) عبارة عن الاعلام الشرعي للمجني عليه الشهيد صادر عن محكمة بحري الشرعية بتاريخ ٢٥/١١/٢٠١٩م ولم يعترض عليه اي من الدفاع وقبلته المحكمة فوراً، وتقدم المحقق كذلك بمستند اتهام (٨) عبارة عن طابور استعراض الشخصية للمتهم تم اجراؤه لشاهدي الاتهام السادس والسابع، لافتاً إلى ان طابور الاستعراف تم باشراف ورئاسة نقيب شرطة يتبع لقسم شرطة الخرطوم شمال اضافة الى نيابة الخرطوم شمال، فيما قبلته المحكمة كمستند اتهام بمحضر الدعوى.
إصابة وغيبوبة
ولفت المحقق كذلك الى انه تحرى حول متعلقات المجني عليه لحظة اصابته، وافاد شقيقه علي محمد عمر بأن المتعلقات عبارة عن بنطال وتي شيرت بلون اسود لم يتم العثور عليهما لحظة اسعاف الشهيد لمستشفى فضيل، في وقت برر فيه المحقق عدم استجوابه للمجني عليه الشهيد يوم الحادثة او بعدها لدخوله في غيبوبة بالعناية المكثفة منذ تاريخ اصابته ودخوله في المستشفى ومكوثه فيها (17) يوماً ومن ثم حدثت وفاته .
وكشف المحقق في أقواله للمحكمة بانه وبناءً على المستندات المقدمة واقوال شهود الاتهام فقد تم رفع ملف البلاغ بالكامل لوكيل اعلى نيابة الخرطوم شمال لتوجيه التهمة للمتهم بمخالفة نص المادة (١٣٠) و (186) من القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م، وكشف المحقق عن حصوله أخيراً وبعد احالة ملف البلاغ للمحكمة على معروض اتهام (٣) عبارة عن فلاش يحتوي على فيديو يوضح إسعاف المجني عليه الشهيد للمستشفى، حيث لم يعترض عليه الدفاع شكلاً وقبلته المحكمة كمعروض اتهام في القضية .
طابور شخصية
وفي ذات السياق كشف المحقق النيابي للمحكمة عن اجراء طابور شخصية لشاهدي الاتهام السادس والسابع باشراف نقيب شرطة بقسم الخرطوم شمال وعدد من وكلاء النيابة المشرفين على البلاغ، حيث تعرف شاهدا الاتهام على المتهم بطابور الشخصية وسط (8) اشخاص آخرين معه لاربع مرات متتالية، بينما لم يتعرف عليه ذات الشاهدين في مرتين اخريين سحب فيهما المتهم من الطابور، حيث افاد الشاهدان بأن المتهم غير موجود في الطابور .
جلسة وموافقة على طلبات
وحددت المحكمة جلسة الأحد المقبل لمواصلة سماع القضية واستجواب المحقق النيابي بواسطة محامي الدفاع بحسب طلبه، مع السماح له بمقابلة محاميه بحراسة سجن كوبر في مرأى للشرطة، بالاضافة الى موافقة المحكمة لذات المحامي على مشاهدة مقاطع الفيديوهات معروضات البلاغ وتشغيلها له في حضور شرطة المحكمة. ووافقت المحكمة على طلب ممثل الاتهام باحضار صورة للمتهم على ورقة (أي فور) تمت طباعتها من مواقع التواصل الاجتماعي في الجلسة القادمة .
المصدر : الانتباهة