في افادة له لصحيفة التيار، قال د.محمد ناجي الأصم (أنا الآن شغّال طبيب)، استوقفتني هذه الافادة لعلمي وعلم الكل ان الاصم أصلاً) شغّال طبيب(، فهل تراه ترك مهنة الطب لفترة وعاد الآن لممارستها كما يفهم من عبارته، والمعروف عن الأصم أنه كان واحداً من أنشط قيادات الحراك الثوري بل كان الناطق باسم تجمع المهنيين الذي قاد الحراك، ولهذا أظنه أراد ان يقول انه كان (شغّال سياسي)، ولكنه عاد الآن ليشتغل بالطب، ويثير ما ذكره الاصم السؤال المثير للجدل (هل السياسة مهنة)، وتحضرني في هذا الصدد افادة للدكتور حسن الترابي (رحمه الله) قال فيها انه (شغّال سياسي)، كان ذلك عندما كان قاضي محكمة مدبري انقلاب مايو يدون معلوماته الشخصية قبل الادلاء بشهادته، فحين سأله القاضي عن المهنة قال الترابي (سياسي)..
المعلوم منذ بدء الخليقة أن لكل انسان مهنة يعمل عليها ويكسب منها رزقه وتشكل هويته وشخصيته، فتجد الصحفي والطبيب والمهندس والمحامي والمدرس والمحاسب والسائق والعامل والحداد والنجار ووو مما تعدون من مهن، فالطبيب يعالج الناس والمهندس يبني لهم منازلهم والمدرس يعلم ابناءهم والحرفيون يصنعون بعض لوازم الحياة أو يصلحونها وهكذا، وكل هؤلاء المهنيين يكسبون مداخيل مالية يعتاشون منها نظير ادائهم لمهنتهم، فهل بهذا المعنى يمكن ادراج (السياسة والساسة) ضمن قائمة كل المهن المعروفة، بأن تكون السياسة من سبل كسب العيش ومصدر من مصادر الرزق، ولا يشتغل ممارسها بغيرها وتصبح مهنة معتمدة حتى في الوثائق الثبوتية، ويصبح من حق السياسي ان يكتب فى خانة الوظيفة (سياسي)..
صحيح أن السياسة لا غنى عنها وأن السياسي كما عرفته (ويكيبيديا الموسوعة الحرة)، هو الشخص الذي يشارك في التأثير على الجمهور من خلال التأثير على صنع القرار السياسي أو هو الشخص الذي يؤثر على الطريقة التي تحكم المجتمع من خلال فهم السلطة السياسية وديناميات الجماعة. وهذا يشمل الأشخاص الذين يشغلون مناصب صنع القرار في الحكومة، والناس الذين يبحثون عن هذه المواقف، سواء عن طريق الانتخابات، الانقلابات، والتعيين، وحتى تزوير الانتخابات. والرجل السياسي رجل مهتم بشؤون الجماعة وطريقة عملها من خلال العمل السياسي ولا يمكننا أن نفهم من هو الرجل السياسي إلا بمعرفة الأساس الذي يقوم عليه وهي السياسة لأن السياسة هي بالمعنى الأقرب هي طريقة التعامل في المجتمع فهي الاليات والميكانيزمات التي يستخدمها الرجل السياسي في حل المشاكل بالطريقة الصحيحة بصناعة قرارات تكون في خدمة المجتمع، ولكن الصحيح جدا انه لا يمكن ان تكون ممارسة السياسة مصدرا للرزق والتكسب، لابد ان يكون للسياسي عمل آخر أو مشروع يكسب منه رزقه، والا فمن اين له ان يدبر احتياجاته واحتياجات اسرته، اللهم الا عبر ممارسات فاسدة، ويمكن فقط استثناء قلة قليلة من السياسيين تصرف عليها الجماعة السياسية من حر مالها الخاص للحاجة لتفرغها لأداء بعض الاعمال التي تحتاج الى تفرغ، أما فيما عدا ذلك فلا يصح اتخاذ السياسة كمهنة، يسأل ممارسها شغال شنو فيقول (شغّال سياسي)..
الجريدة