تحقيقات وتقاريرأخبار السودان

دخلت يومها الثاني أحداث الجنينة.. تصعيد خطير

قتل ما لا يقل عن خمسة مواطنين وأصيب العشرات في تجدد الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي بمدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور، وانعدلت الأحداث في صباح أمس الأحد واودت بحياة المواطنين داخل الأحياء السكنية، حيث شهدها الأهالي بحي الجبل الواقع جنوب المدينة الذي تقطنه القبيلتان المتنازعتان اللتان استقبلتا اليوم بوابل من الرصاص والقذائف، وقال شهود عيان إن الأحداث خلفت خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات من الجانبين لاسيما في المنازل التي التهمتها النيران بأحياء الجبل.

تجدد الاشتباكات
في ذات الاثناء استمرت الاشتباكات لأكثر من ثلاث ساعات دون تدخل الأجهزة الأمنية، مما يؤكد هشاشة الوضع الأمني بالولاية وتورط الأجهزة الأمنية في الأحداث بسبب التقاعس عن واجباتها، وهو ما زاد الأوضاع تعقيداً، إلى أن وصلت تعزيزات عسكرية من خارج الولاية وفرضت سيطرتها على الأوضاع بعد نشر القوات في الأحياء السكنية ووضع ارتكازات في الأماكن ذات الحساسية.
خلافات
وتشير المعلومات الواردة للصحيفة الى إن هنالك خلافات حادة بين الوالي وقائد المنطقة العسكرية، بسبب اتهام الأول بالتهاون وعدم التدخل العاجل بعد قرار الوالي، مما أدى مقاطعة الثاني اجتماع لجنة الولاية، وتظل الحقيقة غائبة بهذا الشكل، إلا أن الدلائل تؤكد وجود خلاف، ويأتي ذلك بعد القرار السالب الذي أصدره الوالي مساء أمس الأول بتفويض القوات النظامية. وفي ذات السياق لوح أبناء القبائل العربية بمذكرة تطالب فيها بمحاسبة الوالي ومن ثم إقالته بسبب القتلى الذين سقطوا منذ اندلاع الاحداث، فضلاً عن التصريحات التي أدلى بها لوسائل الإعلام المختلفة التي تؤكد انحيازه لطرف في الصراع، هذا بالإضافة لبعض الاصوات التي ظهرت وتنادي هي الأخرى بإقالة الوالي واصفة إياه بغير المناسب لتولي المنصب.
إغلاق المحلات
وتأثرت جميع الأحياء السكنية في الولاية بالأحداث التي انعكست سلباً على حياتهم وممتلكاتهم واضطروا الى ملازمة أماكنهم مما افقدهم قوت يومهم بسبب إغلاق الأسواق، بجانب بعض المحلات مثل الكناتين، وبعض الأسر تعاني من أوضاع معيشية صعبة ولا تستطيع تحمل الجوع والعطش مع استمرار الأحداث وإغلاق الأسواق. وفي هذا الاتجاه برزت أصوات استغاثة تطالب بالماء واخرى بالكلاء، وهناك غياب تام لكل دعاة الإنسانية والمنظمات، وحتى حكومة الولاية أصبحت عاجزة عن تقديم أي شيء.
استقرار الأوضاع
ومع دخول التعزيزات العسكرية وانتشارها داخل المدينة استقرت الأوضاع نسبياً، مع وجود مخاوف من تجددها في الصباح الباكر ما لم تضع الولاية حداً لهذه الفوضى التي من المتوقع أن تدخل الولاية في بحار من الدماء جراء سقوط ضحايا من الطرفين.
إدانة واسعة
فيما أدانت رابطة إعلاميي وصحافيي دارفور الاحداث المؤسفة، وحملت الحكومتين المركزية والولائية المسؤوليته جراء ما حدث، كما طالبت الحكومة الانتقالية بالقيام بدورها في حفظ أرواح المواطنين من خلال وضع إجراءات أمنية مشددة بنشر القوات لاحتواء الموقف.
وناشدت الرابطة ضرورة إنزال اتفاق السلام لأرض الواقع وتغطية الفراغ الأمني على حد قولها.
ومن جانب آخر أدان المكتب التنفيذي للإدارة الأهلية للرزيقات الاحداث التي وقعت بمدينة الجنينة التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء، وذلك في بيان شديد اللهجة اتهمت فيه الأجهزة الأمنية بالتورط فى تأجيج الصراع، فيما طالبت طرفي النزاع بتحكيم صوت العقل، مطالبة بتشكيل لجنة اتحادية للتحقيق في الأحداث وتقديم الجناة، كما ناشد المكتب تشكيل لجنة أخرى ذات طابع اجتماعي يدعي كل مكونات المجتمع لتقريب وجهات النظر وحل الصراع وفق أعراف الإدارة الأهلية.
في خضم الأحداث
وفي صعيد آخر أطلق بعض الشباب بالولاية مبادرة السلام الاجتماعي وتقبل الآخر, وتأتي هذه المبادرة في إطار رتق النسيج الاجتماعي واعلاء قيم التسامح، وقال ناشطون في المبادرة إن الدعوة للسلام تبدأ من الذات ثم الأسرة، وهي تعتبر المخرج الوحيد من تمزيق النسيج الاجتماعي في الولاية.
حصيلة القتلى والجرحى
لا توجد احصائية دقيقة بعدد القتلى والجرحى، وذلك لأن الاحداث اندلعت في اكثر من موقع واستمرت ليوم مع إعلان حظر التجوال، وتظل المعلومات غائبة حتى عند الأجهزة الرسمية فتصريح الوالي يؤكد ذلك.
ولكن نستطيع القول إن الخسائر كبيرة من الطرفين، وهنالك حالة تكتم على عدد القتلى والمصابين، لأن هناك حالات تتلقى العلاج خارج المرافق الصحية بحكم قرار حظر التجوال، فضلاً عن بعد المرافق عن مكان الأحداث. وفي ذات السياق ناشدت لجنة الأطباء بمستشفى الجنينة كل العاملين في الحقل الطبي الوصول للمستشفى ومساندة زملائهم في علاج الأعداد الكبيرة التي تتوافد إليهم وهم في حاجة للاسعافات.
وفي هذا الصدد ناشد اهالي المصابين بمستشفى الجنينة ومستشفى السلاح الطبي ضرورة التوجه إليهم والتبرع بالدم لإنقاذ المصابين.
أوضاع مأساوية
وخلفت الاحداث واقعاً مأساوياً لعشرات الاسر والنازحين الذين هربوا من مساكنهم واستقروا في المؤسسات الحكومية في ظل ظروف بيئية قاسية مع ارتفاع موجة البرد هذه الايام، فضلاً عن مخاوفهم من تجدد الصراعات وغياب الاجهزة الحكومية، مع غياب تام لدور المنظمات وتقديم الخدمات الانسانية، هذا وقد اطلق عدد من الشباب نداءات استغاثة تطالب بتدخل عاجل لمنظمات طوعية لاعانة هؤلاء النازحين وتقديم الخدمات من الضروريات الحياتية.
وقالت لجنة أطباء غرب دارفور في بيان صادر لها إن حصيلة القتلى بلغت (83) قتيلاً و (160) جريحاً بعد تجدد الأحداث لليوم الثاني، مشيرة إلى أن المصابين يتلقون العلاج بمستشفى الجنينة ومستشفى السلاح الطبي ومستوصف النسيم، حيث تسعى الكوادر الطبية بكل جهد لتقديم الخدمات الصحية رغم شح الإمكانات ونقص المعدات والكادر الطبي.

المصدر : الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى