ساعي البريد.. “مافي حتى رسالة واحدة”

“انت اكتب لي وانا اكتب ليك بالحاصل بي والحاصل بيك”

قبل أن يصبح الكلام “بالخيوط” كما قال الشيخ فرح ود تكتوك كان يتسابق “الاب” و”العاشق” والمنتظر ذلك الغائب إلى “البريد والبرق” لإستلام ذلك الظرف الأبيض، والبريد دخل السودان منذ عقود، ورسخ في ذهن الناس، رجل يستقل دراجة يحمل الأخبار السارة، والمحزنة.
يركض خلفه أطفال الحي لمعرفة في أي بيت سيتوقف هل بمنزل “المغترب” ام بمنزل الجندي الذي غادر للحرب

موضة الجوابات إجتاحت جميع البيوت وسهلت علي البعيدين طريقهم ولم يكن البريد يقتصر علي المنازل فقط ولكن شملته الاغنيات السودانية فعندما كان سيل الرسائل البريدية منهمر اطلق الجابري “انت اكتب لي وانا اكتب ليك”، بالاضافة إلى “البريدو مالو اتأخر بريدو ياناس” وكان هنالك تلاعب لفظي ومعنوي بين كلمة “البريدو” التي تعني المحبوب وكلمة “بريدو” التي تعني الرسالة الكتابية المرسلة عبر البريد العادي، وايضا بسبب البريد كانت ولادة أغنية” رسلت ليك أجمل خطاب لليلة ردك ما وصل ، زعلانة ولله شنو الحصل ” التي يغنيها المطرب الشعبي كمال ترباس، وأكد ترباس أن لا احد يعرف إلى الآن مصير هذه الشكوى، وبتعليقه حول الرسائل افاد ترباس بأن كل زمن بزمنه ولكن البريد كان فيه تشويق أكثر ،ومن ناحية أخرى كانت جميع البريد بالاعمال الغنائية كان يتضمنه تبادل الرسائل الغرامية والورقية والمطولة جدآ بين المشتاقين وكان إحساس القارئ للرسالة كأنه يرى المرسل واقف امامه متبسمأ وقيل أن احد الشعراء اختلف مع محبوبته فكتب لها “إنت رجع لي رسائلي والرسائل العندي شيلا شيلا “

وايضا حكى الشاعر سيف الدين الدسوقي رحمه الله في إحدى اللقاءات بانه عندما كان في المملكة العربية السعودية بمكان عمله يأتي إلى السكرتير ويقول له ماف حتى رسالة واحدة من محبوبته ويرد عليه السكرتير بالنفي فصاغ كلمات “مافي حتى رسالة واحدة بيها اتصبر شوية، والوعد بيناتنا إنك كل يوم تكتب إليا ، ما بيجوز والغربة حارة بي خطاب تبخل” وبخطاب الدسوقي لمحبوبته التي جافته اختفى الظرف الأبيض، وطرقت الشبكات أبواب الجميع واصبح الرد في ثواني عبر رسائل مواقع التواصل الإجتماعي ولكن نفي عامل البريد الذي كان يمتطي” العجلة” لتوصيل الشوق أن تكون لهفة الإنتظار هي ذات لهفة فتح نمط الهاتف لقراءة إشعار رسالة باحدى مواقع التواصل الإجتماعي

المصدر : سودان مورنينغ

Exit mobile version