سرد الكاتب مصطفى البطل بالزميلة (الأحداث) في وقت سابق حكاية السوداني الراحل عبد الفتاح فرج مدير مكتب حسن الترابي عندما كان مساعداً لرئيس الجمهورية في فترة الثمانينيات وفق ما جاء في كتاب (كنت نائباً لرئيس المخابرات) لمؤلفه عبد الفتاح أبو الفضل حيث ذكر أبو الفضل أن فرج كان يحمل الجنسية المصرية ويعمل في جهاز المخابرات المصري وأنه كان رئيسه المباشر .
والمعروف أن الحقبة المايوية شهدت علاقات متميزة بين السودان ومصر وأن النميري كان يكن مودةً كبيرة للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لكن العلاقة تطورت أكثر في عهد الرئيس السادات لكن المهتمين بشؤون المخابرات يدركون أن العلاقات الحميمة بين الدول لا تمنع التجسس بين بعضها البعض من أجل المصالح، فإسرائيل رغم تحالف الولايات المتحدة الوثيق وحمايتها لها لكنها تورطت عدة مرات في التجسس عليها .
و نسبة للتحسن بين مصر والسودان في تلك الحقبة عمل المصريون بحرية أكبر في كافة المناشط السياسية والإقتصادية لكن إهتمام مصر الاستخباري بالسودان نشط أكثر قبل منتصف الخمسينيات أي ما قبل تقرير المصير، حيث كانت مصر تسعى لوحدة وادي النيل بدلاً من استقلال السودان، وقام الصاغ صلاح سالم، مبعوثها في السودان، بدور سياسي ومخابراتي نشط في تلك الحقبة وإزداد أكثر في العهد المايوي حيث أوقفت الأجهزة الأمنية السودانية عدداً من بائعي الأواني بحجة التجسس وقاموا بإبعادهم بعد فترة بحسب ما ذكرت مصادر صحيفة مصرية آنذاك .
تجسس أثيوبي
بعد أكثر من عقدين من الزمان ربما لم يخطر بخلد أثيوبيا وعلى حتى محليليها الاستراتيجيين أن السودان يفكر ناهيك أن يخطط لاستعادة أراضيه المغتصبة في مناطق الفشقة ـ سيما في تلك الفترة التي تواجه فيها البلاد مصاعباً إقتصادية جمة بعد أن ورثت الحكومة السودانية أوضاعاً بالغة السوء ، لهذا عندما استعاد السودان تلك الأراضي أحست حكومة أديس أبابا بشعور من الخيبة أمام شعبها وإحراجاً آزاء قومية الأمهرا الأثيوبية المدعومة من قبلها التي لديها وجود كبير غير شرعي في تلك الأراضي السودانية المغتصبة حيث بسطوا أياديهم فيها وقاموا بفلاحتها غيلة وتمتعوا بخيراتها الثرة عدة سنوات خلت ، من هنا فهي تحاول أن تثأر لهزيمتها بتنظيم صفوفها مرة أخرى وكان لابد أن تجمع المعلومات التي تعينها في تلك المهمة فشرعت في زرع جواسيسها وخلاياها المتواجدة أصلاً في تلك المناطق. .
خلايا تجسسية
وكشفت مؤخراً مصادر عسكرية ، أن الجيش السوداني رصد تحرُّكات لقوات تابعة للجيش الإثيوبي على الشريط الحدودي بين البلدين، مشيرة إلى إحتمال تجدد المواجهات بين الطرفين.
ونقل موقع (الشرق نيوز)، عن المصادر، قولها إن الجيش على استعداد للتصدي لأي هُجومٍ مُحتملٍ على حدوده الشرقية.
وأوضحت المصادر بأن الجانب السوداني رصد عدداً من الخلايا الاستخباراتية الإثيوبية داخل الأراضي السودانية تقوم بمد الجيش الإثيوبي بمعلومات حسّاسة .
والمعروف أن الجواسيس لديهم عادة مصادر يتعاملون معها بيد أن المصادر لم توضح عما إذا كان هناك مواطنون أثيوبيون أو لاجئون مندسون هناك يساعدون الاستخبارات الأثيوبية للقيام بتلك المهام التجسسية .
القدرات المخابراتية
يرى كثير من المراقبين أن حكومتي العهد البائد (الإنقاذ) ومن قبلها نظام المايوي الذي أطاحت به إنتفاضة ثورة ابريل في العام 1985م إهتما بالعمل الأمني كثيراً ورصدتا له ميزانيات ضخمة لبسط أمنهما وقطع الطريق على أي مغامرين يستهدفون نظامهما فقد حرصا على تدريب الأجهزة الأمنية سواءً كانت على صعيد جهاز الأمن والمخابرات أو الاستخبارات العسكرية، وقاموا بطبيعة الحال بتوفير كل المعينات التي تساعدهما لآداء تلك المهام.
لهذا فإن إرثاً جيداً من الخبرات بات متوفراً لدى جهاز الاستخبارات العسكرية السودانية وهو مما مكنها ربما من تفكيك عدد من شبكات التجسس الأثيوبية بحسب ما ذكرته المصادر .
بيد أن المتابعين لتداعيات الأحداث وطبيعة البيئة الظرفية والديموغرافية في تلك المنطقة الحدودية تفرز تحديات كبيرة تواجه العمل الاستخباري نسبة لوجود عدد كبير من لاجئي أثيوبيا ومواطنيها المتواجدين في معظم بقاع السودان بعضهم يعمل في المطاعم والكافتريات وأماكن حلاقة الشعر بل حتى بائعات الشاي المنتشرات بكثافة حتى في أماكن ليست بعيدة عن المناطق العسكرية ، لكن رغم تلك التحديات فإن المراقبين يرون أن الجيش السوداني قادر بما يمتلكه من إرادة وجرأة على قهر تلك الظروف وإحداث الفارق المطلوب عند أية مواجهة بين الطرفين .
المصدر : الانتباهة