محكمة عبد الباسط حمزة .. سجال ساخن بين الإتهام والدفاع
للمرة الثانية على التوالي جدد المحقق وكيل نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية د. محمد عثمان احمد، قسمه بان يقول الحق لا سواه وذلك في محاكمة رجل الأعمال الشهير عبدالباسط حمزة ، بالمحكمة الخاصة المنعقدة بمقر مباني محكمة جنايات بحري وسط ، على ذمة مخالفة قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومخالفة قانوني تنظيم التعامل في النقد الأجنبي والقانون الجنائي السوداني، وظل يتسلسل المحقق في أقواله زهاء الثلاث ساعات متواصلة دون انقطاع كشف خلالها المثير لقاضي المحكمة عبدالمنعم عبداللطيف احمد، حيث لم يترك شاردة أو واردة بكافة اجراءات تحقيقه مع المتهم على ذمة البلاغ ، في المقابل استجوب رئيس هيئة الدفاع المحامي الشهير عبدالباسط سبدرات ، المحقق ايضا حول كل مواد الاتهام التي دونها ضد المتهم في القضية ومبرراته حولها ، وظل سبدرات خلال الجلسة يوجه اسئلته النارية للمحقق حيث بدأ مرتبا ً للغاية متسلسلاً في محاوره للمحقق ويستفسره عن جميع مستندات الاتهام التي قدمت ضد المتهم .
في المقابل أعلنت المحكمة المبلغ و(4) من شهود الاتهام لمثولهم أمامها للادلاء بأقوالهم في جلسة قادمة حددت خلال الشهر الجاري .
لا تتناسب مع دخل المتهم ..
وفصل المحقق للمحكمة جميع مواد الاتهام التي وجهت للمتهم عبدالباسط حمزة على ذمة البلاغ ، وأفاد بانه وجه تهمة بمخالفة نص المادة (7) من قانون الثراء الحرام والمشبوه التي تنص على كل مال يطرأ على أي شخص ولا يستطيع بيان أي وجه مشروع لاكتسابه ، حيث افاد المحقق بانه ومن خلال التحقيق فقد اتضح بان المتهم كان موظفا عاماً ضابطا برتبة نقيب بقوات الشعب المسلحة منذ العام 1982 وتدرج فيها حتى وصل رتبة العقيد ثم احيل للتقاعد في العام 2000م ،اضافة الى عمل المتهم كعضو مجلس ادارة شركة سوداتل وحتى العام 2002م، لافتا الى ان المتهم وقتها كان يقيم في منزل عمه بمنطقة الحاج يوسف قبل تخرجه من كلية الهندسة المدنية متخصص مساحة بجامعة الخرطوم وبعدها انتقل الى منزله الخاص بالحاج يوسف ايضاً ، ونبه المحقق الى ان المتهم وفي منتصف التسعينات نشط في شراء الأراضي وبدأ في تسجيل الشركات وذلك من خلال المستندات المقدمة التي وضحت امتلاكه عقارات سكنية وزراعية واستثمارية وعدد من الشركات والأسهم والسيارات ، فيما اضاف المحقق للمحكمة بتوجيه الاتهام للمتهم بمخالفة قانون الثراء الحرام والمشبوه الى اقوال شهود الاتهام بيومية التحري، حيث اتضح بان تلك الثروات والأملاك لا تتناسب مع دخل المتهم بحد تعبيره ، منوها الى ان المتهم افاده بالتحريات ان أغلب مصدر أمواله جاءت من استشارات قدمها لشركة زين الكويتية بواسطة شركته (لاري كوم ) التي تعادل (15%) من اسهم الشركة حيث تنازل عنها المتهم لاحقاً مقابل (200)مليون دولار امريكي ، وكشف المحقق للمحكمة بانه قام بمخاطبة شركة زين حول ما افاد به المتهم وجاء الرد بان المتهم لا يملك اي اسهم بشركة زين بالسودان منذ تأسسيها وحتى تاريخها الحالي ، منبها الى ان المتهم دفع بمستند باللغة الانجليزية وترجم لاحقا بوحدة التعريب جامعة الخرطوم عبارة عن اتفاقية تسوية بتاريخ 21 يناير 2011م بين شركة لاري كوم وشركة السودانية للهاتف السيار بمبلغ (200) مليون يورو عبارة عن استشارات قدمها المتهم لشركة زين .
إعفاء وتغيير غرض ..
ومن جهته برر ايضا المحقق توجيه الاتهام للمتهم تحت نص المادة (6/أ/د) من قانون الثراء الحرام والمشبوه ايضا تنص علي كل مال يتم الحصول عليه بأيٍ من الطرق الآتية: وهي: ( أ ) من المال العام بدون عوض أو بغبن فاحش أو بالمخالفة لأحكام القوانين أو القرارات التي تضبط سلوك العمل في الوظيفة العامة ،حيث أوضح بانه ومن التحقيق فقد اتضح له بان المتهم قد تم اعفاؤه من فرق تحسين قطعة ارض قصر الصداقة من سكني الى استثماري ،لافتا الى انه تم تغيير الغرض للمتهم مجاناً بجانب حصوله على تخفيض تسجيل قطعة الأرض (7980) بحلة حمد بنسبة تخفيض تصل الى (90% ).
عدم إبراء ذمة ..
فيما أرجع المحقق توجيه الاتهام بمخالفة نص المادة (9) من قانون الثراء الحرام والمشبوه التي تلزم ضابط القوات المسلحة من رتبة المقدم الى اعلى بتقديم قرار إبراء ذمة سنوس للمتهم ولزوجته وابنائه – وشدد المحقق على ان المتهم لم يقدم اي ابراء للذمة خلال عمله بالقوات المسلحة .
تعامل في النقد الأجنبي ..
في ذات السياق عزا كذلك المحقق للمحكمة توجيه التهمة للمتهم بمخالفة نص المادتين (5/9) من قانون تنظيم التعامل في النقد الاجنبي لسنة 1981 م حيث تبين من خلال مستندات الاتهام المقدمة ان المتهم قد تعامل في البيع والشراء بالعملة الاجنبية دون إذن من الجهة المختصة وهي محافظ بنك السودان المركزي .
عقدان بعملتين مختلفتين ..
وحول توجيه التهمة للمتهم بمخالفة نص المواد (21/97) من القانون الجنائي السوداني برر المحقق بان المتهم تصرف في جزء من قصر الصداقة بالبيع عبارة عن برجين لشركة زادنا بالعملة الاجنبية في العام 2000م ، لافتا الى ان المتهم وعندما رغبت شركة زادنا بنقل ملكية البرجين لاسمها اتفقوا على تحرير العقودات بالعملة المحلية بالرغم من ان العقد الاساسي للبيع كان بمبلغ (41) مليون يورو للبرج الواحد – إلا ان المتهم قام بتحرير عقد بيع البرج الواحد بمبلغ (41)مليون جنيه سوداني وبناء عليه قدم العقد لمسجل عام الأراضي وتم نقل الملكية لشركة زادنا وحددت الرسوم وفق العقد الصوري بالعملة المحلية ، ولفت المحقق الى ان المتهم برر إبرامه عقدين بعملتين محلية واجنبية للحفاظ على سعر البيع للبرجين .
في ذات الإطار نوه المحقق الى انه وجه تهمة بمخالفة نص المواد(26/124)من القانون الجنائي ،وذلك لانه اتضح من التحقيق بان المتهم قد عاون المحامي الذي وثق العقدين لبيع البرجين بقصر الصداقة تارة بالعملة الاجنبية وتارة اخرى بالعملة المحلية ووقع المتهم متنازلا عن البرجين لشركة زادنا بصفته مديرا لشركة (لاري كوم ) المالكة للبرجين .
أموال متحصلات لجرائم ..
وحول توجيه تهمة للمتهم بمخالفة نص المادة (35) من قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب عزا المحقق الى ان تلك الأموال التي تحصل عليها المتهم تعتبر متحصلات للجرائم المشار في مواد الاتهام عند إحالة البلاغ للمحكمة .
بلاغ بصفته الشخصية ..
في ذات السياق استجوب رئيس هيئة الدفاع عن المتهم المحامي عبدالباسط صالح سبدرات ، المحقق وافاده بانه لاعلم له بان اعتقال المتهم وإيداعه السجن القومي كوبر كان بقرار لجنة ازالة التمكين ، مؤكدا في ذات الوقت تدوين بلاغات ضد المتهم لدى نيابتي الثراء الحرام والمشبوه والأراضي ، فيما نفى للمحكمة رؤيته لهذه البلاغات وارجع ذلك الى انها وردت الى رئيس النيابة العامة بمكافحة الفساد ، ولفت المحقق الى ان اجراءات الدعوى الجنائية المدونة ضد المتهم بصفته الشخصية وليس بصفته الاعتبارية مديرا لشركة الزوايا المتعددة والمنفذة لطريق دنقلا أرقين والمملوكة للمتهم او غيرها ، مشيرا الى ان غالبية مستندات الاتهام قدمها له المتهم بذات نفسه خلال التحقيق معه ، ونبه المحقق في ذات السياق الى ان المتهم وبالتحقيق معه اتضح امتلاكه مزرعة دواجن بحي الصافية بحري أثناء عمله بالقوات المسلحة .
المعزول ومزرعة بن لادن ..
وفجر المحقق للمحكمة مفاجأة داوية كشف خلالها عن اعادته لاستجواب المتهم رجل الأعمال الشهير عبدالباسط حمزة بناء على افادة شاهد الاتهام الاول الرئيس المعزول عمر حسن احمد البشير ، حول علاقة المتهم بشركات الاتصالات بالبلاد وطريقة تعامله معها ، اضافة الى اقوال شاهد الاتهام الثاني مواطن عادي يدعى سليمان البشرى مالك ، وذلك فيما يتعلق بشرائه مزرعة من عبدالباسط حمزة التي ترجع ملكيتها في الاصل الى رئيس تنظيم القاعدة الشيخ الاسلامي أسامة بن لادن وقام بشرائها منه المتهم عبدالباسط في وقت سابق.
في ذات الإطار كشف المحقق عن ان المتهم عمل عضوا بمجلس ادارة الشركة السودانية للاتصالات المحدودة منذ العام 1997وحتى العام 2002م ، لافتا الى انه لم يتحر حول مخصصات المتهم بالشركة او حقوقه او مرتبه التي يتقاضاه منها ولا يعرف بان تلك المخصصات كانت بعملة اجنبية أم محلية .
عقارات وسيارات للمتهم ..
ونبه المحقق الى ان المتهم دفع اثناء التحقيقات معه بمستندات عبارة عن كشوفات تحتوي على (6) سيارات يملكها من ماركة مرسيدس و(8) سيارات تايوتا مختلفة الموديلات – كما قدم المتهم للمحقق بالكشف تقييما لهذه السيارات ، الى جانب تقديم المتهم كشفا آخر يحتوي على عقاراته الخاصة به وتقييمها ايضاً عبارة عن عقار بمنطقة الجريف شرق ، وكافوري ، بجانب عقار آخر بمنطقة المنشية تم تسجليهم باسم المتهم ، اضافة الى عقار آخر بحلة حمد مسجل باسم شركة لاري كوم التي يمكلها المتهم ، مشيرا الى ان المتهم قدم كافة المستندات المتعلقة بتقييم تلك العقارات ومواصفاتها الفنية وأسلوب انشائها وتصميمها الى جانب محتوياتها من الداخل ، واكد المحقق في ذات الوقت بانه تحصل على شهادات البحث الخاصة بعقارات المتهم من مسجل عام الأراضي ، فيما اضاف بقوله : ( ان المتهم ايضا أحضر بالتحقيق شهادات بحث تلك العقارات لاحقا بعد مخاطبته للأراضي واستلامها ) بحد تعبيره ، في ذات الإطار كشف المحقق للمحكمة عن تقديم المتهم ايضا لكشف يحتوي على اراض زراعية بعضها تخصه واخرى بها ملاك آخرين هو من بينهم ، وعدد المحقق للمحكمة عن تلك المزارع وافاد عن امتلاك المتهم لمزرعة مطري المرخيات مسجلة باسمه ،لافتا الى انه قام بشرائها من شخص يسمى (عبدالجبار) بمبلغ (25) مليون جنيه في العام 2015م ، اضافة الى تقديم المتهم لمستند حول شراكته لمزرعة بحلة كوكو مع (5)اشخاص آخرين ،موضحا بان المتهم قدم مستندا يوضح شراءه المزرعة من شخص يدعى (كوباني )في العام 2002م بمبلغ (30) الف جنيه ، في ذات الاتجاه نوه المحقق الى تقديم المتهم مستندات امتلاكه مزرعة بمطري الحلفايا قام بشرائها بمبلغ (20) الف جنيه ومبلغ آخر لتسوية مالية ، لافتا الى ان المزرعة كانت مرهونة لمصرف قطر الاسلامي ولاحقا تم حجزها لدى نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية ، مضيفا بانه لا يعلم اذا كانت هذه المرزعة منزوعة لدى لجنة الفساد في الأراضي الزراعية ام لا – إلا ان المحقق عاد وقال للمحكمة ان المزرعة ومن خلال شهادة البحث اتضح ملاكها ، وشدد المحقق في أقواله للمحكمة د. محمد عثمان احمد ، على انه لا يوجد ما يمنع حصول المتهم على أسهم بشركات عامة او غيره أو حصوله على عقارات .
شركات للمتهم وأخرى مساهمة ..
كما أماط المحقق للمحكمة اللثام عن دفع المتهم حمزة ، مستندات تحتوي على شركات باسمه واخرى مساهم فيها من ضمنها شراكته بمول عفراء التجاري بنسبة (22%) من الأسهم ،موضحا بان بقية الشركاء في عفراء هي لشركات اجنبية متعددة تمتلك (78%) من متبقي الاسهم ، ونفى المحقق تحريه حول رأس مال شركة عفراء بيد انه يعرف بان مصادر تمويلها من مصرف قطر الاسلامي وبنك التضامن الإسلامي، في ذات الاطار كشف المحقق للمحكمة بان وزارة العدل سبق وان أجرت تحقيقا عن شركة مول عفراء وجاءت نتائجها بعدم وجود مخالفات فيها .
ونبه المحقق الى وجود شراكة للمتهم بفندق السلام روتانا عبر شرائه قطعة الارض التي شيد عليها الفندق من وزارة التخطيط العمراني بموجب عقد بيع إلا انه نفى المحقق تقديم المتهم اي مستند له يتعلق بسداده كافة قيمة شرائه القطعة من التخطيط العمراني ، في ذات الوقت اكد المحقق بان المتهم قدم له شهادة بحث عن القطعة وعقد الإيجار ،نافيا في ذات الوقت اذا كانت تلك القطعة مرهونة أم لا.
ولفت المحقق كذلك الى وجود شراكة المتهم في شركة (جي ام سي ) وامتلاكه في المقابل لشركات الزوايا المتعددة ، وجبل بن عوف المحدودة / وشركة سيرس الهندسية المحدودة/ وشركة أولاد الهواوير ، وغيرها.
امتلاك المتهم لمحطة كهرباء ..
فيما نبه المحقق الى امتلاك المتهم لمحطة كهرباء قام بشرائها من بنك ام درمان الوطني بموجب عقد بيع ، لافتا الى انه نما الى علمه من خلال الصحف اليومية والتلفزيون بضبط المحطة باحد مخازن المتهم وانه تم أخذها بواسطة جهة لا يعلمها ، منوها الى انه وبموجب ذلك اعاد استجواب المتهم حولها ، مشددا ايضا على انه لا يوجد ما يمنع امتلاك المتهم لمحطة كهرباء ، لافتا الى ان مخالفة المتهم في شراء المتهم للمحطة تمثلت بانه يواجه اتهاما بالثراء الحرام وتلك المحطة قيمتها طائلة بحد قوله .
في ذات الاتجاه كشف المحقق للمحكمة عن تقديم المتهم لمستند يوضح شراءه قطعة ارض قصر الصداقة من شركة جمعة الجمعة للتجارة والاستثمار الى شركته لاري كوم ،منبها الى ان اجراءات البيع التي تمت بين المتهم وشركة الجمعة تمت وفقا لوثائق سليمة بموجبها آلت ملكية القطعة للمتهم وشيد عليها برجين بتمويل من جهة بقطر لم يذكرها في التحقيق ، في ذات الوقت كشف ايضا المحقق بان المتهم قد باع البرجين لشركة زادنا لاحقاً بمبلغ (82) مليون يورو – وهو المبلغ الذي حددته النيابة ككفالة عن الإفراج عن المتهم بالضمانة .ونفى المحقق للمحكمة علمه بحجز البرجين المشتراة من قبل شركة زادنا .
وأوضح المحقق في أقواله عن افادة واردة من محافظ بنك السودان المركزي يفيد بعدم اعطائه المتهم إذنا للتعامل بالنقد الاجنبي في عمليات البيع والشراء لتلك العقارات .في سياق مغاير نفى المحقق علمه بتمليك النائب العام تاج السر الحبر للجنة ازالة التمكين لذات المستندات التي دفع بها المتهم للنيابة وقت التحقيق معه وبموجبها تمت مصادرة ممتلكاته .
المصدر : الانتباهة